الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فنزويلا.. أزمة سياسية مستفحلة

10 ابريل 2014 00:04
أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية حمل تقرير بشأن الأزمة السياسية المستفحلة في فنزويلا أصدره أستاذ للعلوم السياسية سبق له أن درس الرئيس الفنزويلي الراحل، هوجو شافيز، خلاصات مثيرة للقلق ومحفزة للنقاش، مؤكداً أن السيناريو الأرجح للخروج من المعضلة الفنزويلية، والذي قد تفكر فيه بعض القوى الفاعلة في الساحة الداخلية، هو الانقلاب العسكري، فحسب الورقة التي نشرها أندريس سيربين، أستاذ العلوم السياسية الأرجنتيني الذي عاش لسنوات طويلة في فنزويلا وكان أستاذ شافيز بجامعة سيمون بوليفار بداية التسعينيات، فإنه من المرجح تدهور الوضع الأمني أكثر في البلاد وتفاقم الأزمة الطاحنة التي خلفت حتى الآن 39 قتيلاً والمئات من الجرحى، يعضد هذا الانزلاق نحو الأسوأ ما تعيشه فنزويلا حالياً من نقص ذريع في المواد الغذائية ومعدلات التضخم القياسية، بالإضافة إلى ارتفاع صاروخي في نسب جرائم القتل، وأخيراً الطريقة الدموية والقمعية التي يتعامل بها الرئيس “نيكولاس مادورو” مع المظاهرات التي تنظمها المعارضة في شوارع المدن الكبرى والتي تؤدي إلى «زيادة احتمال استخدام العنف من الأطراف كافة». ويأتي التقرير الذي حذر من انقلاب عسكري وشيك والمعنون «فنزويلا في أزمة» الذي نشرته منظمة «الشراكة الدولية لتفادي النزاعات المسلحة» في هولندا، قبل أيام قليلة فقط عن إعلان “مادورو” اعتقال ثلاثة جنرالات في القوات الجوية الفنزويلية بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب عسكري، واللافت أن “مادورو” الذي لا يكف عن التنديد بالمؤامرات المستهدفة لبلده لم يكشف عن تفاصيل وملابسات الانقلاب المزعوم. ويتوقع صاحب التقرير الأستاذ، أندريس سيربين، أن السيناريو الأكثر رجحاناً للأزمة هو استفحال الفوضى في البلاد يعقبها «إمكانية التدخل العسكري من قبل القطاعات القومية والمؤسسية داخل القوات المسلحة»، وفي استجواب أجريته معه عبر الهاتف من الأرجنتين أكد سيربين أن القطاعات القومية-المؤسسية داخل الجيش مستاءة جداً من المستشارين العسكريين الكوبيين، بالإضافة إلى امتعاضهم من استحداث وحدات مسلحة جديدة شبه عسكرية. والأهم من ذلك يقول الأستاذ الجامعي أن تلك القطاعات في الجيش غير راغبة في الانخراط في عملية القمع الواسعة التي تتعرض لها المعارضة، وتابع سيربين أنه «حتى يتم تفادي الانقلاب فإنه من العاجل بدء حوار بين المعتدلين في الحكومة والمعارضة تتم رعايته من قبل طرف خارجي مثل الفاتيكان، أو اتحاد دول أميركا الجنوبية». لكن بعض المحللين السياسيين المعروفين في فنزويلا يستبعدون احتمال الانقلاب العسكري بالنظر إلى استفادة ضباط الجيش الفنزويلي المعروف باسم «القوات المسلحة البوليفارية» من الوضع القائم، لا سيما من قطاع الاستيراد الذي يسيطر عليه كبار الضباط في الجيش ورجال الأعمال المتعاونين معهم. ففي فنزويلا تقع ما لا يقل عن 43 في المئة من شركات استيراد المواد الغذائية الأساسية بأيدي وكالات حكومية يديرها ضباط سواء ما زالوا في الخدمة، أو متقاعدين، فيما يسيطر على باقي الواردات أصدقاء الضباط، أو أقرباؤهم، وهو ما دفع “لويس فيسيني ليون”، مدير إحدى شركات استطلاعات الرأي في فنزويلا لإثارة تساؤل مشروع «لماذا يتخلص الجيش من مادورو وهو يعطيهم كل شيء؟ بل بالعكس من مصلحة الجيش القصوى بقاء مادورو في السلطة». هذا ويرى محللون آخرون أن البلد شهدت بالفعل انقلابها البطيء وغير المحسوس للعامة، فمنذ صعود شافيز للسلطة عام 1999 عُين أكثر من 1600 ضابط عسكري في المناصب الحكومية الرفيعة، والكثير منهم حسب دراسة أعدها عالم الاجتماع إدواردو جوزمان بيريز، يديرون الوكالات الحكومية المختلفة، وتضيف منظمة «سويدادانو» غير الحكومية تعزيزاً لهذا الطرح أن 25 في المئة من حكومة مادورو، بمن فيهم وزراء مهمون مثل الداخلية والمالية يتولاها ضباط إما في الخدمة العسكرية، أو متقاعدون، و52 في المئة من محافظات المدن يوجد على رأسها ضباط أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك عمد مادورو إلى ترقية عدد قياسي من الضباط إلى رتبة جنرال إلى درجة أن الجيش الفنزويلي الذي يبلغ قوامه حوالي 120 ألف عسكري يضم 1200 جنرالا، ما يبوئه ربما المرتبة الأولى عالمياً في عدد الجنرالات بالقياس إلى جيش من ذلك الحجم، لكن وفيما كان شافيز رئيساً أقوى ويسيطر على الجيش، يظل “مادورو” أضعف منه وأقل تحكماً في القوات المسلحة، وهو ما يوضحه المحلل السياسي، روكيو سان ميجيل، قائلاً «في عهد شافيز كانت السيطرة عمودية على الجيش، أما اليوم تحت إدارة “مادورو” فقط تحول الجيش إلى مراكز قوى متفرقة دون سيطرة كاملة على مفاصله»، وشخصياً أعتقد أنه في الوقت الذي تبقى فيه الحكومة الفنزويلية خارج تصنيف الحكومات العسكرية التقليدية، إلا أنها بالقطع حكومة ذات صبغة عسكرية واضحة لا يتردد فيها المدنيون مثل “مادورو” في ارتداء الزي العسكري. لكن رغم هذا التغول للقوات المسلحة وتفاقم الأزمة السياسية، لا يمكن تبرير الانقلاب العسكري بدعوى استعادة الحريات السياسية ليبقى الحل الأفضل هو الاستعانة بالوساطة الدولية للوصول إلى تسوية متفاوض عليها تنهي الأزمة الفنزويلية. وفي هذا السياق يتعين على حلفاء فنزويلا في أميركا اللاتينية مثل البرازيل الضغط على “مادورو” للانخراط في مفاوضات لاستعادة حكم القانون وتأسيس نظام انتخابي مستقل، واستعادة حرية الصحافة، وإلا قد تكون النتيجة كما قال “سيربين” في تقريره انقلاباً عسكرياً، أو بالأحرى انقلاباً داخل الجيش يدخل البلاد في دوامة جديدة من العنف ربما تقود إلى حرب أهلية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©