الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بلقيس ملكة سبأ.. امرأة ذات فراسة وحكمة

29 مايو 2017 15:37
محمد أحمد (القاهرة) بلقيس بنت شراحيل.. ملكة حكمت اليمن في القرن العاشر قبل الميلاد، كانت هدايتها على يد نبي الله سليمان بن داود، الذي سخر الله له الريح والطير تسبح معه ووهب له ملكاً لم يكن لأحد من بعده، فيما كانت كافرة وقومها من أهل سبأ يسجدون للشمس. قرأت على أشراف قومها رسالة سليمان التي ألقاها إليهم الهدهد الذي أحاط النبي بنبأ ملكة سبأ وعرف بفطرته أن السجود لا يكون إلا لله، وأنه من المستغرب أن تكون الملكة امرأة، قال تعالى: (... أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)، «سورة النمل: الآيات 22 - 24». وصفت بلقيس هذا الكتاب بأنه كريم، وهي لا زالت كافرة، وفيه أمر من سليمان لها وقومها أن يأتوه مسلمين، طرحت عليهم الرسالة وطلبت المشورة: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ)، «سورة النمل: الآية 32»، فعرضوا عليها قوتهم وعتادهم وفوضوا الأمر إليها لعلمهم بحكمتها وحسن سياستها: (قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ)، «سورة النمل: الآية 33». أقنعت بلقيس قومها بنبذ الحرب، وترى استكشاف نوايا سليمان عن طريق إرسال هدية إليه، فإن كان ملكا رضي بالهدية وإن كان نبيا لم يرضه إلا التدين بدينه قالت: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)، «سورة النمل: الآية 35». أدرك سليمان أن الملكة أرسلت رجالها ليعرفوا مدى قوته، فنادى أن يُحشد الجيش، ففوجئ رسل بلقيس بأن ثراءهم لا يقارن بملك سليمان، وقدَّموا الهدية على استحياء شديد، فصرف سليمان الرسل بعد تهديدهم. عاد رسل الملكة وأخبروها عن قوة سليمان، وأفهموها أنها ينبغي أن تزوره وتترضَّاه واقترحوا زيارة بلقيس بنفسها، وعرف سليمان أنها في الطريق إليه تسوقها الرهبة والخوف وليس الاقتناع. كان عرش بلقيس مصنوعاً من الذهب والجواهر الكريمة، ومن أعجب العجائب في مملكتها، وكانت حجرة وكرسي العرش آيتين في فن الصناعة، وكانت الحراسة لا تغفل عنه لحظة، فأراد سليمان يُحضِر لها عرشها في مملكته ليَبهَرها بقدرته التي هي من عند الله لتُسلِم. تأمَّل سليمان عرش الملكة، ثم أمر بإدخال تعديلات عليه ليمتحن ذكاء بلقيس، وهل تهتدي إلى عرشها؟ وأمر ببناء قصر على البحر ليستقبلها، وأمر أن تُصنع أرضيته من زجاج ثمين شديد الصلابة. نظرت بلقيس إلى عرشها، واستغربت كيف سبقها إلى المجيء؟ وإذا لم يكن عرشها فكيف أمكن تقليده، قال سليمان وهو يراها تتأمل العرش (... أَهَكَذَا عَرْشُكِ ...)، فقالت بعد حَيرة: (... كَأَنَّهُ هُوَ...). دخلت بلقيس الصرح الذي أمر سليمان ببنائه بحيث يجري من تحته جدول صغير من الماء فحسبته لجة «أي ماء»، فكشفت عن ساقيها بحركة لا شعورية منها: قال تعالى: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ...)، «سورة النمل: الآية 44». فلما رأت بلقيس ما وهبه اللَّه لنبيه سليمان، أسلمت للَّه طوعًا: (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، «سورة النمل: الآية 44».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©