السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا... هل تصبح عراق أوباما؟

ليبيا... هل تصبح عراق أوباما؟
2 ابريل 2011 21:17
في معرض تبرير إقدامه على المشاركة في استخدام القوة ضد ليبيا، قال أوباما إن ذلك التدخل سيكون "عاقلاً وحكيماً"، ولا يشبه بحال التورط الأميركي المثير للجدل والباهظ التكلفة في العراق. مع ذلك قد يثبت الواقع وتبين الأحداث، التي سيتمخض عنها الوضع في ليبيا أن طريق أوباما في هذا البلد أكثر شبهاً بالطريق الذي اتخذه بوش في العراق، مما يُعتقد الآن. وتأمل ما حدث من تطورات في حربي العراق وأفغانستان، والتعلم من الأخطاء التي وقعت فيها أميركا هناك، يفيدها الآن من دون شك في تجنب تكرار الأخطاء، وخصوصاً تلك التي كلفتها غالياً في الأرواح، أو الأموال. من بين تلك الأخطاء أن الأميركيين قد دخلوا إلى العراق، ولديهم قائمة طويلة من الأهداف التي لا داعي لإعادة سردها الآن، ولكنهم نسوا مع ذلك مدى أهمية الهدف الخاص بخلق عراق ديمقراطي حقيقي. وهذا النسيان أدى إلى ورطة حقيقية عانى منها الأميركيون طويلًا، حيث وجدوا أنفسهم يحملون وحدهم تقريباً مسؤولية استمرار احتلال بلد شديد التعقيد، وينخرطون في إطار ذلك في عملية بناء أمم هائلة كان الحال في العراق بعد التدمير الذي طاله جراء الغزو يتطلبها، وكل ذلك من دون القيام بالتخطيط المسبق اللازم، ومن دون أن يتوافر لها الموارد الكافية للاضطلاع بهذا الجهد الهائل. وفي الحقيقة أن التعهد الذي اكتفى أوباما بتقديمه بأن يكون التدخل "عاقلًا وحكيماً" يعتبر في رأيي وصفة للتشوش والبلبلة، أكثر من كونه رسالة للطمأنة لأنه عبر في تلك الرسالة عن رغبته في التدخل من أجل حماية المدنيين الليبيين، وتقديم الدعم للقوى الراغبة في الإطاحة بالقذافي، ومع ذلك تعهد بعدم استخدام القوة البرية والتدخل المباشر من أجل تحقيق هذا الهدف. وهذا الافتقار للوضوح يمكن أن يؤدي لتآكل الدعم الشعبي للمهمة تدريجياً - في أميركا - وخصوصاً إذا طال أمدها، وشابتها الفوضى والاضطراب، ولم يتمكن طرف معين من حسمها لمصلحته. وفي العراق، فشلت الإدارة الأميركية في وضع تصور للصعاب، التي يمكن أن تواجهها في بلد متعدد الأعراق والطوائف، بعد سقوط نظام حكم صدام الذي كان يسيطر على البلاد بقبضة من حديد. ويمكن لأوباما أن يكرر نفس الخطأ في ليبيا الآن. وهو احتمال وارد بقوة خصوصاً إذا تذكرنا الثقة التي تحدث بها بشأن خفض الجهد الأميركي في العملية الليبية تدريجياً، حتى قبل أن يطلع على ما آلت إليه الأوضاع في المرحلة الأولى من التدخل، وهي أوضاع غير مرغوبة وغير قابلة للاستمرار، من وجهة نظر الخبراء العسكريين. وبصرف النظر عن النتيجة التي سينتهي إليها الصراع الدائر في ليبيا الآن، إلا أن الأمر الواضح تمام الوضوح، هو أن ليبيا ستكون في مسيس الحاجة إلى استثمار رأسمال سياسي، وموارد مادية ضخمة، سواء لمساعدة المتمردين وتدريبهم وتقديم الأسلحة لهم في المدن أو الأجزاء التي يسيطرون عليها من البلاد، ثم الاضطلاع بعد ذلك بعملية بناء أمم ضخمة. في العراق وأفغانستان، كان لدى الولايات المتحدة خطط لتسليم السلطة لقوى سياسية أخرى بعد إسقاط نظامي صدام و"طالبان"، ولكنها وجدت نفسها - رغماً عنها - متورطة في تفاصيل الصراع الداخلي المرير على السلطة. وعلى الرغم من أن أوباما قد بدأ بالفعل الحديث عن تسليم السلطة لقوى دولية، أو سلطات ليبية محلية لإقامة حكومة شرعية في مرحلة ما بعد القذافي، إلا أن يبدو وكأنه ليست لديه صورة كاملة على أن تنصيب مثل تلك الحكومة سوف يحتاج إلى مساعدات ومعونات مالية ولوجستية ضخمة، حتى تتمكن من إدارة الأمور في هذا البلد الشاسع المساحة، وهو ما يتناقض مع ما قاله بشأن أن التدخل في ليبيا سيكون محدداً، وقصير المدة. في العراق وقعت الولايات المتحدة في خطأ الاعتقاد بأن الاستقرار السياسي سوف يجلب الأمن وهو ما لم يحدث - في البداية على الأقل - مما اضطر بوش إلى مراجعة سياسته في هذا الخصوص والاستماع إلى نصائح الخبراء والمستشارين وضخ المزيد من القوات للاضطلاع بالمسؤولية الأمنية ومشاركة القوات العراقية في تحمل هذه المسؤولية من خلال تقديم المستشارين، والمعدات والتدريب اللازم الذي يمكن تلك القوات من تحسين الأمن - وهو ما لم يتحقق بشكل كافٍ حتى الآن. السؤال هنا: من الذي سيقدم الأمن لليبيين؟ الجيش الليبي، حتى بعد سقوط القذافي، لن يستطيع توفير الأمن، وذلك بعد أن فقد مصداقيته نتيجة لما قام به من أعمال قتل ضد أبناء شعبه.. وفي تقديري أن الأمر سيحتاج إلى قوات حفظ سلام لتحقيق هذا الأمن على الأقل في المدى المتوسط لإتاحة الفرصة لليبيين للقيام في نفس الوقت ببناء مستقبلهم السياسي. وهناك عدة أسئلة يجب أن تضعها الإدارة الأميركية والتحالف في حسبانها مثل: ماهي التداعيات غير المقصودة التي يمكن أن تترتب على العمل العسكري في ليبيا؟ وهل الأحداث التي تقع في هذا البلد سوف يتردد صداها في أماكن أخرى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط؟ ربما تستحق إدارة أوباما الثناء، لاستجابتها السريعة للأزمة الليبية، ولكن الإيقاع اللاهث لحركة التاريخ لن يكون عذراً يمكن التمسك به، إذا فشلت أميركا وفشل التحالف في صياغة استراتيجية إقليمية قادرة على التعامل مع، والاستفادة من، الآثار - التي ستنتشر في المنطقة - سواء للتدخل في ليبيا، أو للتحولات الداخلية التي تجري في الشرق الأوسط في الوقت الراهن. إن الخيارات المبكرة التي سيتم تبنيها بشأن ليبيا في الأسابيع والشهور المقبلة سوف تؤثر على مستقبل هذا البلد ومصيره لسنوات طويلة قادمة. لقد كانت الخيارات المبكرة في العراق، والتي تمثلت في إعلان العراق كدولة فيدرالية سبباً في ازدهار الشمال الكردي، ولكنها قامت في الوقت نفسه، بوضع البذور الأولى للمعارك الطاحنة التي تدور رحاها الآن في ذلك البلد بشأن من يمتلك السلطة، والسيطرة، على تطوير صناعة النفط والغاز في هذا البلد. إن الاعتراف بأهمية الخيارات المبكرة، يجب أن يدفع كل المشاركين في الأزمة، سواء في واشنطن، أو أوروبا، أو الشرق الأوسط، إلى التمهل وإبطاء الخطوة، والتركيز في المقام الأول على صياغة عملية مشروعة لاتخاذ القرارات، بدلاً من التركيز على تحقيق نتائج معينة في هذه المرحلة المبكرة من الأزمة. ميجان أوسوليفان نائبة مستشار الرئيس بوش لشؤون الأمن القومي من 2005 2007 ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©