الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

انتخابات السنغال...نقلة نوعية للديمقراطية في أفريقيا

انتخابات السنغال...نقلة نوعية للديمقراطية في أفريقيا
29 مارس 2012
يُنظر إلى الخطوة التي أقدم عليها الرئيس السنغالي المنتهية ولايته "عبد الله واد" بالاعتراف بهزيمته بعد انتخابات الإعادة التي جرت في السنغال يوم الأحد الماضي، على أنها خطوة إيجابية كبيرة لمسيرة الديمقراطية في منطقة، عُرفت بالانقلابات العسكرية والحملات الانتخابية المشوبة بالعنف. والذي ألحق الهزيمة بالرئيس الحالي"واد" البالغ من العمر 85 عاماً، والذي كان قد واجه رفضاً شعبياً هائلاً بعد تحديه للمادة الدستورية التي تحدد الولاية الرئاسية بفترتين، هو حليفه السابق"ماكي سال". وكان "واد" الذي أمضى في الرئاسة 12 عاماً، يحاول الاستمرار لفترة ثالثة، على الرغم من تقدمه في السن، وعلى الرغم من أنه هو الذي أدخل النص الذي يحدد الولاية الرئاسية بمدتين. وقد أدت محاولته مد فترة حكمه إلى تظاهرات احتجاجية ضخمة في الشوارع، لقى فيها 7 أشخاص مصرعهم وأسفرت عن خسائر كبيرة وشارك فيها الموسيقي السنغالي المشهور على المستوى العالمي "يوسو ندور"وكذلك فنانو "الراب"، الذين أسسوا حركة "يا إن آيه مار"، وهي عبارة فرنسية ترجمتها العربية"كفاية"، أو" لقد فاض بي الكيل". وقد ساهمت عوامل عديدة من أهمها ارتفاع الأسعار والبطالة، في هزيمة "واد"، بالإضافة للإدراك السائد أنه كان أكثر اهتماماً بالمشروعات الضخمة المظهرية من مساعدة الناس العاديين. من تلك المشروعات على سبيل المثال التمثال البرونزي الذي يبلغ ارتفاعه 160 قدماً المسمى"النهضة الأفريقية" والتي تبلغ تكلفته 27 مليون دولار، والذي كان مقرراً بناءه على ربوة تشرف على المدينة، بواسطة شركة كورية جنوبية. ووسط المخاوف التي كانت سائدة من احتمال تشبث "واد" بالسلطة على الرغم مما قد تسفر عنه نتيجة الانتخابات، اتصل "واد" بمنافسه بعد ساعات من انتهاء التصويت يوم الأحد الماضي ليقر بهزيمته، وهي خطوة نادرة ومفاجئة في قارة مثل أفريقيا. وعلى الرغم من أن السنغال تتمتع بتاريخ طويل من الديمقراطية، فإن الشيء الذي كان متغيراً هذه المرة أن نتيجة الانتخابات فيها كانت قد أعلنت بعد أيام فقط على وقوع انقلاب عسكري في دولة مالي المجاورة، التي كان ينظر إليها هي الأخرى على أنها نموذج للديمقراطية في القارة الأفريقية. ومما ضاعف من المخاوف في السنغال أن انقلاب مالي قد جاء قبل شهر واحد من الانتخابات، التي كان مقرراً أن تعقد بها بعد شهر واحد والتي تعهد الرئيس المنتهية ولايته" أمادو توماني توري" بأنه لن يرشح نفسه قبلها لولاية ثالثة. وعلى الرغم من أن هزيمة "واد" قد تؤشر على أن عصر"الرجل الكبير" في السياسات الأفريقية قد بدأ يأفل تدريجياً، فإن ذلك لا ينفي أن الديمقراطية مازال لها مواطئ أقدام، ضعيفة نوعاً ما؟! في أجزاء عديدة من القارة. ففي العديد من البلدان لا تزال الأحزاب الحاكمة المرتبطة عادة بأسرة نافذة سياسياً، تستغل الموارد، وتتلاعب بالانتخابات، وتحتكر التغطية الإعلامية. أما أحزاب المعارضة في تلك الدول فتتعرض عادة للمضايقات، ويتعرض أفرادها للملاحقة والسجن، أو يتم تقويضهم سياسياً. وينتج عن كل تلك الممارسات في تلك الدول أحزاب ضعيفة عادة ما تكون عدوة نفسها، بسبب انخراطها في منازعات وخلافات، وفشلها في التوحد، وتقديم بديل موثوق به للحكام القابضين على زمام السلطة. وقد حظي اعتراف "واد" بالهزيمة بالثناء من القادة الإقليميين والدوليين. ووصفه الاتحاد الأوروبي بأنه"نصر عظيم للديمقراطية"، ليس في السنغال فقط، وإنما في القارة الأفريقية بأسرها. أما رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي"جين بنج"، فقال إن تلك الانتخابات قد أظهرت أن "أفريقيا وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها قد استمرت في تحقيق تقدم ذا مغزى، نحو الديمقراطية والانتخابات الحرة". أما الأمم المتحدة، فقد أثنت على الانتخابات السنغالية، ووصفتها بأنها كانت حرة وعادلة. ومن جانبه أثنى الرئيس النيجري "جود لاك جوناثان"، على "واد"ووصف ما قام به بأنه يعكس درجة كبيرة من النضج والقيادة السياسة. أضاف"جوناثان" ملمحاً للانقلاب الذي وقع في مالي، والذي قوبل بالإدانة والشجب من قبل القادة الأفريقيين:"إذا كان هناك ذرة من شك قبل ذلك، فإن تلك الانتخابات قد أثبتت أن قاعدة الديمقراطية السنغالية راسخة كالصخر. وما حدث يعد شيئاً جيداً للشعب السنغالي ولمنطقتنا، خصوصاً في هذا الوقت الذي تواجه فيها الدول الشقيقة تحديات جساماً للنظم الدستورية". أما رئيس فرنسا الدولة التي استعمرت السنغال في الماضي، فقال إن الانتخابات السنغالية تمثل أخباراً طيبة للسنغال ولأفريقيا. أما الرئيس السنغالي الجديد"سال"، وهو كما سبقت الإشارة من أنصار وحلفاء"واد" السابقين، وخدم كرئيس وزراء تحت رئاسته خلال الفترة من 2004-2007، فقد وعد بالعمل على خفض أسعار السلع الغذائية الأساسية، وخفض مدد الولاية الرئاسية بحيث لا تزيد الولاية الواحدة عن خمس سنوات، وليس سبع سنوات كما هو الحال في الوقت الراهن، وبحد أقصى ولايتين فقط. وقال"سال" في كلمة له أمام الصحفيين بعد إعلان نتيجة الانتخابات واعتراف واد بهزيمته:"لقد دخلت السنغال عهداً جديداً... لقد أظهرنا للعالم كله أن ديمقراطيتنا ناضجة... ومن جهتي فإنني سأكون رئيساً لكل السنغاليين". روبن ديكسون - لاجوس ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي.تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©