السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

منذ أسبوعين

منذ أسبوعين
24 يوليو 2008 00:25
منذ أسبوعين كان عمري في هذا المطعم أسبوعين· ومنذ أسبوع عندما كان عمري أسبوعاً أقبلت عليه، سألته عندما كان يطلب ؟ بلطف كعادته ؟ قهوته الصباحية، ابتسمت وسألته: ـ سيدي··· احترت في أمرك أطبيب أنت أم أديب؟ لا تؤاخذني سيدي لكني دائماً أراك تحمل معطفاً أبيض وسماعة الأطباء! صمت برهتين، ابتسم بهدوء وقال: ـ أنا أدرس الطب لكني أحب الأدب· حينها ابتسمت ومضيت في عملي وبداخلي أحسست بمعنى الرضا فبيني وبين ذاك الأديب سمة مشتركة؛ فكلانا له صنعتان هما الطب والأدب أما أنا ففي الصباح نادلاً وبالمساء أكون سائقاً!! ومنذ أسبوعين أيضاً·· أي منذ أن أتيت أنا إلى هنا وأنا أتابع هذه الجميلة، تأتي إلى هنا كل صباح وأحياناً لا تأتي، لكنها إذا جاءت فتراها تأتي بعد أن يأتي هو وفي صمت طويل تجلس تقرأ جريدة الصباح، ما بين الحين والآخر لا تصرف نظرها عنه إلا لترده إليه ولا ترده إليه إلا لتصرفه عنه! ومنذ أسبوع عندما سألته عن عمله·· سألتني هي الأخرى عن عمله، أخبرتها، أعطتني (بقشيشاً) زيادة، ومن كلامها معي أخبرتني حيرتها بأنها ربما تكون عاشقة أو معجبة· لم أكن أعلم الحقيقة بالضبط، كلها مجرد تخمينات· اليوم وبعد مرور أسبوع، بعد أسبوع (البقشيش) الزيادة، رأيتها حزينة، رق قلبي لها، وصاح عقلي يعتذر لها عن سوء ظني بالعاشقة· اعتذار! لكن عقلي صاح ثانياً يقول: وهل صار العشق ظناً سيئاً؟! فجأة، أشارت إلي ـ بلطف كعادتها ـ كانت تبدو حزينة وكأن حزني وحزنها تجاذبا معاً، وكانت تبدو مفكرة وكأنما أفكاري وأفكارها تلاقت معاً! كانت تبدو أجمل لكني كنت أنا النادل، والجميلة لا تحب نادلاً! عفواً·· ربما تحب نادلاً فقط إن كانت جميلة ساقطة وعندها سيكون الكل عندها سواء، نادلاً أو حتى كان محامياً· في البداية طلبت مني فنجان قهوة بالحليب، ثم أشارت إلى زبون كان يجلس هناك، ألتفت، أنه الأديب الطبيب منهمكاً في أشعاره التي لا تنتهي، اندهشت للتو، أعطتني ورقة، طلبت مني أن أعطيه إياها· ـ حسنا سيدتي· أعطتني (بقشيشاً) وابتسمت ومعها ابتسم جيبي المسكين· في اليوم التالي·· هناك في مؤخرة المطعم، في ركن هادئ· الجميلة تجلس في صمت كعادتها ـ لكن بلا حزن ـ والأديب يتحدث إليها·· الجميلة تسأل·· الجميلة تناقش، تتحاور وتجادل، وتعود إلى صمتها في صمت أحصل على (بقشيشي) وأنصرف· في اليوم التالي·· في الركن الهادئ نفسه، الجميلة تسأل، الجميلة تناقش، تتحاور وتجادل، ثم تعود إلى صمتها، وفي صمت أحصل على بقشيشي· في اليوم التالي (عطلة نهاية الأسبوع) في الركن الهادئ نفسه، الهواء يداعب شعر الجميلة، والأديب يداعبها بكلماته، يتلاشى الهدوء، بدا الجو متوتراً، توترت العواطف والأحاسيس، الأديب يداعب شعر جميلته! تدخلت مبكراً، زاد التوتر، أخذت بقشيشاً· اليوم التالي، الأديب مع جميلته، أحضرت القهوة، انصرفت بصمت من دون بقشيش· اليوم التالي، الجميلة مع أديبها، أحضرت القهوة، وبصمت انصرفت وجيوبي تبكي حالها بلا بقشيش· اليوم التالي، العشيق وعشيقته لساعات طوال، بلا حزن، بلا بقشيش· اليوم التالي والتالي والتالي، العشيق وعشيقته، زوار دائمون للمطعم لكنهم زوار ثقال لا يدفعون اليوم·· عمري في هذا المكان صار شهرين، في المكان الهادئ نفسه، عاد الأديب وحيداً إلى هدوئه يداوي دموعه! والجميلة عادت بحزنها وصمتها إلى ركنها القديم تقرأ في جريدة مقالاً تحت عنوان ''متى سنصلي في القدس؟!''· توقفت للبرهة، تأملت للبرهة، تألمت للبرهة· ومن جديد أخذت بقشيشاً، ابتسمت وانصرفت·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©