الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمثال والأقوال في فضاء الريشة

الأمثال والأقوال في فضاء الريشة
24 يوليو 2008 00:25
60 لوحة زيتية ورسما بالأقلام الملونة المائية يضمها المعرض الجديد ''أمثال وأقوال'' للطبيب الفنان فريد فاضل، تعكس حكمة الأمثال الشعبية والأقوال المأثورة في معالجة تمزج بين الكلمة والصورة· وقد نجح الفنان في أن يؤكد القيم التي توحي بها الأمثال الشعبية التي تعتبر خلاصة التجربة الانسانية بايجابياتها وسلبياتها· وكانت لوحة ''الكعكة في يد اليتيم عجبة'' هي الشرارة التي فجرت ابداع الفنان فريد فاضل ليقدم كل تلك الأمثال وهي لوحة معبرة تمثل طفلا فقيرا حافي القدمين، رث الثياب يمسك بيديه كعكة والى جواره عربتان احداهما تنتمي لعالمه والأخرى تمثل حاسديه، وهذه الأخيرة تكاد تلامس جسده وتخطف ما في يده· وفي لوحة ''ضربني وبكى وسبقني واشتكى'' رسم الفنان فريد فاضل طفلا يبكي على كتف أمه وهو يحمل في يده مشطا قد خطفه من أحد الأطفال ثم هرع نحو أمه ليشكو ضحيته ويتظاهر بأن الظلم قد وقع عليه، أما لوحة ''يا داخل بين البصلة وقشرتها ماينوبك الا صنتها'' فقد عبر فيها الفنان عن الشخص الذي يدس أنفه بين أب وابنه، والأب في اللوحة بائع بصل، والإبن يبدو غاضبا بينما الشخص ''الحشري'' يضع منديلا على أنفه ليتجنب رائحة البصل· ويكتفي الفنان في لوحة ''الشكوى لغير الله مذله'' بنظرة الى السماء يرفع فيها الشاكي يده لله في ايمان حقيقي بعدالته ورحمته· وتتألق لوحات ''رزق يوم بيوم والنصيب على الله وأعمل الطيب وارميه البحر واضحك تضحك لك الدنيا'' وتتزين الجدران بالالوان المتألقة التي تعبر عن البيئة المصرية· ويقول الفنان فريد فاضل انه لا يتذكر كيف ولدت فكرة المعرض في ذهنه ومنذ ان استهوته الامثال الشعبية وهو يتخيل مواقفها وتشبيهاتها فللامثال الشعبية أهمية كبرى لأنها نافذة نطل منها على ثقافات الشعوب وعاداتها وهي خير شاهد على ما قد يستتر من حقائق التاريخ المكتوب فنجد الأمثال تخترق الحواجز المصطنعة وتنفذ الى ما وراء المظاهر الخادعة، وفي كلمات قليلة تلخص ما قد تعجز مجلدات ضخمة عن شرحه فبلاغة المثل تنبع من ايحاء التعبير وعبقرية الاختزال كما ان اجماع الناس على الأمثال يشير الى مكانتها الرفيعة عندهم وهي كثيرا ما تحدد العرف السائد، وتكون مرآة صادقة للمجتمع تعكس سلبياته وايجابياته بعيدا عن النصح والارشاد والتوجيه· ويقول الفنان فريد فاضل انه اعتمد في اعداد لوحات المعرض على زياراته للريف المصري وبصفة خاصة مدينة وقرى أخميم بصعيد مصر لجمع الأمثال الشعبية التي تستخدم بكثرة في شتى المواقف بالاضافة الى اعتماده على مراجع الامثال الشعبية -أكثر من 13 مرجعا- وعلى رأسها كتاب ''الامثال الشعبية المصرية'' لأحمد باشا تيمور، ولاحظ بعد البحث المستمر أن الأمثال تختلف عن النصائح فليس لها نفس الخطاب المباشر، وليست بالضرورة اخلاقية تحث على الفضيلة، مع وجود المثل وعكسه في نفس الثقافة والبيئة اعتمادا على الموقف وتصرفات الناس وأخلاقهم مثل ''خد من الزرايب ولا تاخد من القرايب'' لمن انكوى من زواج الاقارب، وعلى النقيض تماما يقال ''آخد ابن عمي واتغطى بكمي'' لمن يريد ان يحتفظ بالمال والارض في نفس الاسرة· ويؤكد ان التعبير عن الامثال الشعبية بصريا اكثر سهولة باستخدام فن الكاريكاتير لما فيه من سخرية وفكاهة ولكن التحدي الذي واجهه هو تناول الامثال الشعبية من خلال لوحات تشكيلية جادة تجمع بين حكمة المثل واستعاراته في رؤية واقعية شاملة لا تنفصل عن الواقع وترسخ معنى المثل ومغزاه تماما مثل الايفونه التي تستحضر روح الحقيقة وتؤكدها في وجدان المشاهد، والتحدي الاخر هو اظهار أهمية المثل كجرعة سريعة من الحكمة والتأمل والتريث في زمن مجنون وسريع وهو ما يدعونا الى التوقف قليلا لنترك فرصة لأفكارنا لتستقر في وقت تاهت فيه اشياء كثيرة في زحمة الحياة· وقال إنه تعمد ان تكون بعض اللوحات مباشرة وأخرى رمزية وغير مباشرة لأنه أراد أن يخاطب جميع الفئات ولا يقتصر على فئة واحدة كما أن التنوع الذي شهده المعرض يجعل المتلقي يتعامل مع كل لوحة وفق حالته النفسية والمزاجية وثقافته، وسلوكه و تبقى اللوحات ناظرة نحو المجتمع العربي لأن الفن يجب ان تكون له وظيفة وليس مجرد جمال بصري فقط·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©