الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخطاء على هوامش الكلاسيكيات

أخطاء على هوامش الكلاسيكيات
24 يوليو 2008 00:23
مع ذلك··· فإن أي نشاط، يمكن أن تبرز على جوانبه وترافقه بعض السلبيات· ولأن هذا الموضوع بحاجة الى متابعات واسعة ومتشعبة، ويتجاوز قدرات الفرد وإمكانياته لذا فإنني أود حصر بعض السلبيات بما هو متوافر لدي منه، وفي موضوع ترجمة النتاج الأدبي منه بالذات، ومن ذلك: انك تقرأ عن قرب صدور، أو صدور رواية مترجمة لكاتب مميز حصدت أعماله شهرة واسعة وصيتاً حسناً من قبل· لتفاجأ عند حصولك على الرواية المعلن عن صدورها حديثاً أنك قرأتها مترجمة منذ عشرين سنة خلت أو ربما قبل ذلك· وهذا الأمر ليس فيه غرابة ولا يمكن استنكاره أو يمكن اعتباره من ضمن السلبيات المطلقة في هذا المجال· مع ذلك وإذا ما تم التمعن في الأمر والوقوف على بعض النماذج بعينها، فإنه يمكن تسجيل التالي: لا شك ان إعادة ترجمة، أو إعادة نشر أثر أدبي تمت ترجمته من قبل بعد مضي فترة زمنية معينة هي من الأمور المطلوبة والمرغوبة، وهي مساهمة في إغناء ثقافة المرحلة، خصوصاً وأن أجيالاً جديدة قد شبت ومن حقها الاطلاع أو الحصول والتملك الشخصي للأثر المعني، نظراً ربما لما فيه من فرادة وتميز، خاصة إذا ما تم نفاد الطبعات الأولى من ذلك الأثر ولم يتم تجديد الطباعة أو إعادة النشر بين فترة وأخرى· إلا أن الأمر في بعض الحالات لا يصب في ذلك السياق المنوه عنه من قبل، بل يصب ـ على سبيل المثال ـ في التوصيف التالي، الذي أملك نموذجين منه، وهما: محمد يشار كمال المعروف أن رواية ''محمد الناحل'' للكاتب التركي المشهور يشار كمال والتي صدرت باللغة التركية في عام ،1955 وتمت ترجمتها الى اللغة العربية ونشرتها دار الفارابي في بيروت في عام 1981 من ترجمة إحسان سركيس عن الفرنسية، والتي كان عنوان الرواية فيها ''ميميد الناحل''، فنقل المعرب وثبت العنوان السابق نفسه كما هو بالفرنسية· وهذا الأمر يعود الى خصوصيات تتعلق بنطق الحروف في اللغتين التركية والفرنسية، وربما ملك المترجم اجتهاداً آخر· إلا انه كان يعرف حتماً أن ''ميميد'' هو ''محمد'' مع ذلك فإنه آثر نقل العنوان بصورة حرفية!· هذا والمعروف أن هذه الرواية أصبحت من ''كلاسيكيات'' الروايات المميزة التي تؤرخ لمرحلة مهمة من حياة ريف وفلاحي الشعب التركي، وربما لفلاحي شعوب أخرى ، ونالت الرواية جوائز عدة، وترجمت الى عشرات اللغات العالمية الحية· فما الجديد في الأمر؟ لأن دار الهلال في مصر من الدور الناشطة في مجال النشر، وفيها فرع لنشر الروايات المؤلفة باللغة العربية أو المترجمة من اللغات العالمية، فإنها وبمناسبة مرور 50 سنة على صدور رواية ''محمد الناحل'' أعادت نشرها في شهر يونيو من عام ،2005 لكن بترجمة جديدة، ليس عن التركية، لغة الرواية الأم· بل ترجمها عبد الحميد فهمي الجمال من الإنكليزية· وكان عنوانها ''محمد يا صقري'' ويمكن أن نسجل بتقدير لدار الهلال وللمترجم أنهما حولا ''ميميد'' الى ''محمد'' حسب ما ينطق في العربية· مع ذلك فإنني يمكن أن أسجل التالي: لم تتم الإشارة الى أن الرواية ترجمت الى اللغة العربية من قبل· وبما أن الدار نشرت الرواية تحت عنوان ''محمد يا صقري'' فإنني كقارئ ومتابع اعتقدت أن هناك رواية جديدة ليشار كمال صدرت مترجمة الى اللغة العربية، لأكتشف بعد مراجعة أولية، أن الرواية في طبعتها وإصدارها الجديدين ماهي إلا الرواية القديمة··· مع تغيير في العنوان والغلاف وبعض التفصيلات المتعلقة بالترجمة فقط· ولست أدري من ارتكب خطأ ترجمة The slim وترجمه الى السليم· في حين أنه يعني ''الناحل والنحيل'' والغريب أن ذلك تكرر ولمرتين متتاليتين في التلخيص الذي ثبت في الصفحة الأخيرة التي تم التعريف فيها بالمؤلف والمترجم في ''هذه الرواية''· ومع أو· هنري أيضاً تكرر الأمر نفسه أو شبيهه في مجموعة قصص الكاتب الأميركي أو· هنري والتي نشرت مترجمة الى اللغة العربية عن الإنكليزية من قبل الدكتور سعيد عبده في عام ،1954 تحت عنوان ''الملايين الأربعة'' ـ عدد سكان مدينة نيويورك في أوائل القرن العشرين ـ وأعادت دار المدى نشرها بعد مرور50 سنة على صدورها أيضاً، وهذا أمر تشكر عليه الدار، علماً أن هذه المجموعة وغيرها من كتب تم ويتم توزيعها من ضمن طبعة شعبية وتحت عنوان ''الكتاب للجميع'' مترافقة مع الإصدار اليومي لصحف عربية عدة· وفي أقطار عربية عدة في يوم محدد من كل شهر· أما الصدفة التي حدثت بالنسبة الى هذه المجموعة القصصية ربما المقصودة أو غير المقصودة وبعد مرور 50 سنة على إصدارها الأول، أن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت ومن ضمن سلسلة ''إبداعات عالمية'' أصدر كتاباً تحت عنوان ''روض الأدب ـ مختارات قصصية من الأدب الأميركي'' للكاتب أو· هنري نفسه في نهاية عام ،2004 ومن ترجمة محمد ناصر صلاح· احتوى الكتاب على 11 قصة قصيرة فقط، وقد تبين بعد مقارنتها بمجموعة ''الملايين الأربعة'' للكاتب نفسه أن ستاً من بينها تمت ترجمتها ونشرت من ضمن مجموعة ''الملايين الأربعة''· وحسب اجتهادي، فإن هذا النشاط فيه حيوية، كما أن فيه التفاتة جيدة لإعادة نشر بعض ما يمكن اعتباره قد أصبح من ''كلاسيكيات'' النتاجات الأدبية· لكنه كان يحتاج الى متابعة أدق والى اتصال أوثق بما تنشره دور النشر الأخرى· ولو توفر الأمر السابق لكنا حصلنا على ترجمة قصص أخرى من نتاج الكاتب المبدع أو· هنري غير تلك التي تكررت ترجمتها وأعيد نشرها· علماً أن أو· هنري صدرت له عشرات المجموعات القصصية منفردة أو ضمن أعماله الكاملة والموزعة على أجزاء· هذه بعض الملاحظات التي نأمل أن يكون وقعها خفيفاً وهيناً، وكل التقدير والاحترام لجهود المترجمين والمشرفين على دور النشر· مع الأمل بالتدقيق الأوفر والتنسيق الأوثق· علّ الفائدة تكون أفضل ويتم تفادي سلبيات عدة في هذا المجال·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©