الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السفير روبرت روستك لـ «الاتحاد الثقافي»: فرصة لإثراء التقارب الثقافي والحضاري

السفير روبرت روستك لـ «الاتحاد الثقافي»: فرصة لإثراء التقارب الثقافي والحضاري
24 ابريل 2018 19:33
تحل بولندا، ضيف شرف على معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الحالية. وكما جرت العادة، فإن ضيف الشرف في حدث كهذا، ليس مجرد حضور فولكلوري، أو موقف إعلامي. إنه نافذة يتم فتحها للتفاعل والتثاقف، بين الضيف والمضيف. وفي حالة بولندا، فإن الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة، لمعرفة متبادلة بين الطرفين. معرفة توفرها فعاليات متنوعة، بين مجالات الأدب، والموسيقى، والفنون، وصناعة النشر، وشؤون أخرى تتعلق بالتعاون بين دولتين وشعبين. ومن خلال معرض أبوظبي للكتاب، سندخل إلى عالم بولندا الواسع، وهو ما يعرفنا عليه، سفير جمهورية بولندا في دولة الإمارات العربية المتحدة روبرت روستك، في حديثه لـ«الاتحاد الثقافي». أعرب السفير روبرت روستك، في حديثه، عن سعادته البالغة لاختيار جمهورية بولندا، ضيف شرف في معرض أبوظبي الدولي للكتاب لعام 2018، لأول مرة في تاريخ العلاقات الثنائية. ويشكل هذا الحدث فرصة نوعية لإثراء التقارب الثقافي بين أوروبا الوسطى- الشرقية، وبين العالم العربي ومنطقة الخليج، وهو ما يجسد «الاهتمام» الذي تتبناه دولة الإمارات في الانفتاح على حضارات بعيدة ثقافياً واجتماعياً. وبحسب السفير، فإن هذه الخطوة هي بمثابة تحدٍّ يمثل لهم شرفاً كبيراً، يستدعي تأملاً عميقاً لاختيار دولة غير عربية، لتسليط الضوء على طبيعة إنتاجاتها الإنسانية والإبداعية والفكرية، بهدف تشكيل منصة تفاعلية مستدامة للتواصل المعرفي مع مختلف ثقافات العالم. وما يدعو للتقدير والاحتفاء، هو أن اختيار جمهورية بولندا، جاء تزامناً مع احتفال دولة الإمارات بـ«عام زايد»، في سنة 2018 وهو ما يشكل مفارقة تاريخية في بولندا، التي تحتفل هذا العام بـ«مئوية إعادة الاستقلال»، الذي تحقق في العام 1918، بعد الحرب العالمية الأولى. ورغم البعد الثقافي والاجتماعي بين البلدين، فإن لقاءهما يبلور مسيرة تاريخية، في إرساء بنى الدولة الحضارية للأجيال القادمة. امتداد تاريخي وتأتي مشاركة جمهورية بولندا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، لتعكس امتداداً تاريخياً للتأثر الفكري والإبداعي والفلسفي مع الأدب والثقافة العربية، وهو ما يعبر عنه السفير روبرت روستك، بالقول: إن السؤال الذي يمثل محوراً أساسياً في هذه المشارك، هو كيفية تمكين المجتمع المحلي والمجتمع البولندي، من فهم وإدراك آلية صناعة الجسور الثقافية بين البلدين، بناء على بحث تاريخي، بالدرجة الأولى. فعلى سبيل المثال، فإنه من بين أولى المصادر التي تحدثت عن التاريخ القديم لبولندا، وثّقت بالخط العربي، كما أن دراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية تعود إلى 100 عام في مدينة كراكوف، ومن هناك أيضاً بدأت مباحث الترجمة، ولذلك فإن ما يحدث اليوم من تلاقٍ ثقافي عبر منصة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، بإعداد برامج ثقافية وفنية واحترافية، تمت وفق رؤية شمولية لتاريخ ومتطلبات الحاضر والنظرة المستقبلية. مؤسسات منظمة وتوجه السفير بالشكر للدعم والتعاون المتكامل على التنظيم من قبل مؤسسات ثقافية بولندية أهمها: معهد آدم ميسكيفيش (Instytut Adama Mickiewicza)، وهي مؤسسة ثقافية تمولها الدولة، مسؤولة عن ترويج بولندا والثقافة البولندية في الخارج، عبر تقديم مبادرات وفعاليات عالية الجودة في مجالات الموسيقى والفن والتصميم. إلى جانب معهد الكتاب البولندي، بإدارة داريوش جافورسكي، باعتبارها مؤسسة ثقافية وطنية أنشأتها وزارة الثقافة للترويج للأدب البولندي في جميع أنحاء العالم ولتعميم الكتب والقراءة داخل البلاد، حيث يسعون جاهدين لإعلام المترجمين بنتاجات الأدب البولندي وتشجيعهم وإقناعهم بترجمة الكتب البولندية. إضافة إلى المكتبة الوطنية في بولندا (Biblioteka Narodowa): المكتبة المركزية للدولة وتتمثل مهمتها في حماية التراث الوطني على شكل مستندات مكتوبة بخط اليد ومطبوعة وإلكترونية وكذلك ملفات سمعية بصرية. والمهمة الأساسية للمكتبة الوطنية هي الحصول على المخرجات الفكرية للبولنديين، الذين يعيشون في بولندا وفي الخارج، وأهم الأعمال الأجنبية المتعلقة ببولندا، وتخزينها وحفظها بشكل دائم. كما أنها تشكل وكالة ببليوغرافية وطنية ومكتبة أبحاث إنسانية ومركزاً لحفظ التراث الثقافي والحفاظ عليه. برنامج حافل يتضمن البرنامج الثقافي موضوعات حول «العلاقات البولندية العربية في الأدب»، يقدمها الأستاذ جورج يعقوب، ومناقشات تتعلق بـ«بولندا والعالم العربي»، سيقدمها الأستاذ المختص يانوج دانسكي Janusz Danecki، والتي من شأنها أن تثير معضلة انحسار الترجمة من العربية إلى البولندية والعكس، فمعدل الترجمة السنوية لا يزال ضئيلاً بحسب الدراسات العملية السابقة من قبل الباحثين البولنديين، ومن هنا تحديداً اعتبر السفير روبرت روستك، أن ضعف حضور الترجمة بين بولندا والإمارات، لم يكن يوماً نتاج إهمال أو عدم اهتمام مباشر، من قبل الطرفين، مبيناً أن السبب الرئيسي يعود إلى محدودية العلاقات التاريخية الثنائية ما قبل عام 1989، مشيراً إلى أن بولندا لم تحظ بزيارة رسمية من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، بالمقابل لم تكن هناك أية فرصة من قبل بولندا لاستضافته، إلا أنه بعد إسقاط النظام الشيوعي في بولندا، قاموا بإرسال عدة بعثات دبلوماسية، في هذا الجزء الناهض من العالم العربي، بما فيه العاصمة أبوظبي. وأوضح روستك أنه بالرجوع إلى ما ذكره حول بداية فعل الترجمة قبل قرن من الآن، ورغم التقنيات المتواضعة، فإن ما يحتاجونه هو خلق الاستمرارية في الوقت الراهن، لوضع أهم الإنتاجات البولندية سواء في مجالات الشعر أو التاريخ أو العلوم أو غيرها، بين يدي القارئ العربي. وقال السفير روبرت روستك إن معرض أبوظبي الدولي للكتاب يمثّل فرصة ضخمة تتيح للمختصين من الباحثين والمترجمين والكُتّاب، مناقشة الوسائل والطرق النوعية لإنتاج سلسلة متصلة من الترجمات، تنشأ عنها اتفاقيات بين مؤسسات ثقافية، تثري الحراك الثقافي العربي البولندي. منوهاً أن المسألة برمتها تصب في عملية الاقتراب الثقافي بين الشعوب، ومتطلعاً أن يلعب معرض الكتاب، دوراً في بناء فضاءات العبور بين أوروبا الشرقية ومنطقة الخليج. لقد تجاوز حجم التبادل الاقتصادي بين الإمارات وبولندا في عام 2015 مليار دولار، بحسب البيان الرسمي للسفارة، حول أثر الاستثمار الاقتصادي في زيادة حصة سوق النشر بين البلدين، وفي هذا الإطار يأمل السفير، أن تثري العلاقات الثقافية بين البلدين، مستوى الاستثمار في الفكر والإبداع، بمستوى يوازي المنجز الاقتصادي، تاركاً مناقشة تفاصيلها للمحترفين في مجال النشر، والذين سيعبرون عن مشاريعهم عبر إبداء الحلول نحو مستقبل يحتفي بالكتاب البولندي والعربي في الأسواق العالمية. واعتبر أن قيمة المشاركة في معرض الكتاب تكمن في الفرصة التي سيحظى بها المجتمع المحلي للاطلاع على المنتج الإبداعي البولندي، ومناقشة أشهر الكتّاب المحترفين، ممن ساهموا في إنتاجات تختص بأدب الطفل، وأدب الخيال العلمي والفنتازيا. وفي هذا المجال يمكن الاطلاع على محاضرة بعنوان: سوق الكتاب البولندي -حقوق السوق البولندية في الممارسة. يقدمها:?ukasz Michalski ضمن البرنامج الاحترافي، والتي ستفيد المهتمين بسوق النشر في التعرف عن قرب حول طبيعة صناعة النشر في بولندا. ضرورات الترجمة والحديث عن الترجمة، وسوق النشر في بولندا، يفتح المزيد من التساؤلات حول معاهد اللغة، ودورها في تفعيل التعاطي الحيّ والمباشر مع الفكر والكتاب، أكد حولها سعادة روبرت روستك، أهمية الوعي بأن بولندا جديدة في هذا الجزء من العالم. وهنا يدرك البولنديون هذا الأمر بشكل حقيقي، وأن حضور اللغة يتطلب وقتاً ومتابعة، حيث إن دراسة البولندية في الخارج، متاحة، وبإمكان الطلاب الذهاب والتعلم. ولقد زاد اهتمام الشباب والشابات البولنديين، مؤخراً باللغة العربية، وكان العامل الأكبر في هذا المجال هو الأثر السياحي الذي أسست له دولة الإمارات، والذي ساهم بشكل كبير، في تفاعل المجتمع البولندي مع المجتمع المحلي، وخصوصاً انفتاح الخطوط الجوية المباشرة: كل زيارة للسياح ستنجم لبولندا تغذية معرفية مهمة عن بيئة المكان. ولفت روبرت روستك أن الأستاذ Janusz Danecki المشارك ضمن نخبة المثقفين والمفكرين في البرنامج الثقافي، قدم في مجال اللغة، أول قاموس عربي بولندي، بينما ساهم الأستاذ jakub.slawek، في وضع «معجم بولندي عربي للمصطلحات السياسية والدبلوماسية»، ليكون رافداً للطلبة والمهتمين بالمجال الدبلوماسي لفهم العبارات الخاصة بالعمل في هذا الميدان. حضور موسيقي مهرجان الإمارات للمواهب الموسيقية، عكس تعاوناً فنياً بين وزارة الثقافة وتنمية المعرفة والسفارة البولندية في الإمارات. ما يعيد مبحث الأثر الموسيقي، وإمكانية ما سيقدمه في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2018، من خلال قراءة الموسيقى كونها فعلًا ثقافياً يتجاوز حدود اللغة، ويختزل السفير روبرت روستك، إجابته حول هذه التطلعات، بدعوة للمجتمع المحلي والمتذوقين للثقافة والموسيقى للاستماع إلى الفرقة الموسيقية التقليدية «T?gie Ch?opy» المشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، كما سيقدم البرنامج الثقافي محاضرة بعنوان «الموسيقى البولندية الحديثة: 1918- 2018»، التي ستتيح فرصة كبيرة لطرح التساؤلات حول الموسيقى وأبعادها على الثقافات عموماً. وكيف أنها فرص اقتراب أخرى. داريوش جافورسكي: التواصل النوعي مفيد للتعاون الثقافي شارك داريوش جافورسكي، مدير معهد الكتاب البولندي، ضمن المؤسسات الرئيسة المعنية بتنظيم البرنامج الخاص بجناح ضيف الشرف -جمهورية بولندا، واعتبر أن مشاركتهم في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في عام 2018، فرصة أسعدتهم جداً، كونها تسمح بشكل خلاق، بالاطلاع على الثقافة البولندية، عبر التعرف على الأدب والتاريخ والفن، ضمن لقاءات مع المؤلفين وورش العمل والعروض والمحاضرات والحفلات الموسيقية والمعارض والاجتماعات المهنية والأحداث المخصصة لأدب الأطفال، إضافة إلى مشاركة كبار المؤلفين والفنانين والخبراء البولنديين والرسامين المشهورين عالمياً، حيث يجتمعون جميعهم لمناقشة ممثلي النشر والمتخصصين الآخرين في الجوانب العملية لإثراء تجربة نشر الأدب البولندي، متأملاً أن نتمكن بفضل هذا التواصل النوعي والمتفرد من التعرف على بعضنا بعضاً بشكل أفضل وإحداث مواصلة لتعاوننا الثقافي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©