الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن: الانفتاح على محور الشر

واشنطن: الانفتاح على محور الشر
23 يوليو 2008 23:52
عندما تلتقي وزيرة الخارجية الأميركية ''كوندليزا رايس'' نظيرها الكوري الشمالي، ''باك يو شين''، في سنغافورة خلال هذا الأسبوع، سيكون أول لقاء رفيع المستوى بين واشنطن وكوريا الشمالية منذ أن زارت ''مادلين أولبرايت'' الزعيم الكوري ''كي يونج إيل'' خلال الشهور الأخيرة من إدارة الرئيس ''كلينتون''، لكن بعد إيفاد إدارة الرئيس ''بوش'' لمسؤول رفيع في وزارة الخارجية للاجتماع مع المسؤولين الإيرانيين في جنيف خلال نهاية الأسبوع الجاري، فإن كوريا الشمالية قد لا تكون الوحيدة ضمن ''محور الشر'' التي تسعى الولايات المتحدة في هذه المرحلة إلى تغيير مقاربتها إزاءها بعدما حذر الرئيس بوش في العام 2002 من أنها ''تتسلح لتهديد السلام العالمي''! والواقع أن إدارة ''بوش'' شرعت منذ وقت بعيد في التخلي عن تعهدها القديم بعدم التحدث إلى أعداء أميركا والامتناع عن التفاوض معهم تحت أي ظرف، واللافت أن التنازلات الأميركية الأخيرة لكل من إيران وكوريا الشمالية، ثم إلى العراق المحسوب أيضاً على محور الشر، لم تسهم سوى في إضفاء المزيد من الغموض على السياسة الخارجية الأميركية، وفي هذا السياق رأينا كيف وافقت إدارة ''بوش'' -مبدئياً على الأقل- على فكرة تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، وهو الأمر الذي كان إلى وقت قريب محط رفض من الولايات المتحدة، والأكثر من ذلك أرسلت الإدارة الأميركية ''ويليام بيرنز'' -مساعد الشؤون السياسية في وزارة الخارجية للحديث إلى مسؤولين إيرانيين وأوروبيين في جنيف بسويسرا، رغم التعهد السابق للولايات المتحدة بعدم دخولها في حوار مباشر مع إيران ما لم تعلق هذه الأخيرة تخصيب اليورانيوم، والآن تستعد وزيرة الخارجية، ''رايس''، للاجتمــاع مع نظيرها الكــوري الشمالي لاستكمــال الاتفاق حول نزع السلاح النووي بعد سنتين على إجراء ''بيونج يانج'' اختباراً على السلاح النووي، ومع ذلك واصل البيت الأبيض إصراره على أن شيئاً لم يتغير في السياسة الخارجية الأميركية، رغم كل الدلائل التي تشير إلى العكس· وعندما سأل أحد الصحفيين المتحدثة باسم البيت الأبيض عما إذا كان الرئيس ''بوش'' مازال يعتقد أن كوريا الشمالية وإيران جزء من محور الشر، أجابت أنهما مازالا مدرجين على القائمة نفسها، موضحة ذلك بقولها ''أعتقد أنه ما لم يتخليا نهائياً وبشكل قابل للتحقق عن برامجهما النووية، فإننا سنستمر في إدراجهما تحت خانة محور الشر''· يبدو أن ذلك ما ترجحه وزيرة الخارجية، ''كوندليزا رايس'' نفسها التي وصفت لقاء جنيف مع الإيرانيين بعد يومين على عقده بأنه مخيب للآمال، مصرحـــة على متن الرحلـــة التي أقلتها إلى أبوظبي قبل التوجه إلى سنغافورة ''لقد توقعنا أن نسمع جواباً محدداً من الإيرانيين، لكن كما هو الحال معهم في العديد من المرات ما تمخض عن الاجتماع لم يكن جدياً''، وأضافت ''رايس'' أنه إذا لم ترد إيران في غضون أسبوعين على عرض الحوافز الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي فإن الولايات المتحدة وباقي القوى العالمية ستعود مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي لفرض المزيد من العقوبات على طهران، هذه المواقف الأخيرة للإدارة الأميركية فاجأت حلفاء أميركا الأوروبيين وحتى بعض المسؤولين في البيت الأبيض باعتبارها نوعاً من التذبذب في الرؤى والتصورات حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة· وفي هذا الإطار وصف أحد المسؤولين الكبار في الإدارة الأميركية سياسة بلاده تجاه إيران بأنها ''غير منتظمة''، فيما قال دبلوماسي أوروبي عنها ''إنها تنطوي على نوع من الانفصام في الشخصية''· ويتفق مع هذا الطرح ''عباس ميلاني'' -الخبير في الشؤون الإيرانية بجامعة ''ستانفورد'' الذي عمل كمستشار لإدارة الرئيس بوش- بقوله: ''حقيقة إني لا أفهم ما تقوم به الإدارة الأميركية''، واصفاً تصريحات ''كوندوليزا رايس'' السابقة بـ''الاستفزازية'' لأنها قد تبعث برسالة خاطئة إلى المسؤولين في طهران الذين ربما بدأوا يخففون من مواقفهم المتشددة ويتجاوبون مع مطالب المجتمع الدولي في ضوء الانفتاح الأميركي النسبي تجاه إيران· ويعتقد بعض الخبراء في السياسة الخارجية بأن التنازلات الأخيرة للإدارة الأميركية هي سمة جميع الإدارات السابقة في الشهور الأخيرة قبل مغادرتها للبيت الأبيض، حيث بدأت إدارة الرئيس ''ريجان'' مباحثات مع ''منظمة التحرير الفلسطينية'' في العام 1988 قبل شهور فقط على انتهاء ولايتها، كما أرسل الرئيس ''كلينتون'' وزيرة خارجيته ''مادلين أولبرايت'' إلى ''بيونج يانج'' في أواخر العام 2000 بعدما لم يبقَ سوى ثلاثة أشهر على ولايتــه الرئاسية· ومع ذلك تظل تنازلات الإدارة الأميركية مثيرة للانتباه بسبب مواقف ''بوش'' ومساعديه المبدئية والفكرية الرافضة بشدة لفكرة التحاور مع الأعداء، وبخاصة بعدما شبه الرئيس ''بوش'' التفاوض معهم بالمهادنة في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، ولم تمر هذه التغيرات في مواقف البيت الأبيض تجاه إيران وكوريا الشمالية دون إثارة بعض الانتقادات من صقور الأمن القومي من أبرزهم ''جون بولتون'' -السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة- الذي اعتبر التنازل الأميركي بمثابة ''انهيــــار فكري''، مضيفـــاً: ''إنـــه لا يرقى حتى إلى انسحـــاب منظم، إنها إشـــارة إلى الإيرانيين بأن الإدارة الأميركية تتعجل توقيع اتفاق''· من جانبهم شكك بعض الدبلوماسيين الأوروبيين في نجاعــــة التغير الأميركي وقدرتـــه على تحقيـــق أي اختراق على المســــار الإيراني، لا سيما التوقيت غير المناسب الذي اختارته الإدارة الأميركية لتقديم تنازلاتهـــا، بحيث من غير المتوقع أن تكافـــئ إيران الإدارة الأميركية في شهورها الأخيرة بالموافقة على تعليق تخصيـــب اليورانيـــوم· هيلين كوبر عضو هيئة تحرير ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©