الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سريلانكا: انتهت الحرب ولم تبدأ المصالحة!

سريلانكا: انتهت الحرب ولم تبدأ المصالحة!
27 سبتمبر 2009 00:21
عندما تمكنت الحكومة السريلانكية أخيراً من سحق حركة «نمور تحرير إيلام تاميل» في مايو الماضي، ابتهج لذلك حتى ألد أعدائها على اعتبار أنه أخيراً ظهرت فرصة لإحلال السلام في جزيرة عانت 26 عاماً من الحرب، والتي قتل فيها حوالي 100 ألف شخص. ولا شك أن نهاية الحرب شكلت بالنسبة لسريلانكا فرصة لمعالجة النزاع الإثني بين السينهال الذين يشكلون الأغلبية، والتاميل الذين يشكلون أقلية؛ لكن رغم تشديد الحكومة على جديتها في السعي للمصالحة، فإنها تتعرض لوابل من الانتقادات بسبب ما تقوم به من أعمال لا يبدو أنها تساهم في بلوغ ذلك الهدف. وفي مقدمة الانتقادات تأخير عودة أزيد من 250 ألف نازح تاميلي لم يُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم، أو بلم شملهم مع ذويهم الذين يعيشون في مخيمات أخرى. كما لم يُسمح لوكالات المساعدة الدولية بزيارة المخيمات إلا لفترات محدودة بينما مُنع من ذلك معظم الصحفيين. غير أن الرئيس ماهيندا راداباكسا أعلن يوم الجمعة الماضي أنه سيعمل على ضمان عودة جميع اللاجئين بقدوم شهر يناير، وذلك بعد الانتهاء من عمليات إزالة الألغام الأرضية في مناطقهم. ومن جانبها، قالت الحكومة إنها تريد التحقق أولا من عدم وجود أي مقاتلين تاميل قد يكونون مندسين بين النازحين قبل السماح لهم بالعودة إلى ديارهم. وجاءت تطمينات راجاباكسا خلال اجتماع مع مبعوث الأمم المتحدة لين باسكو الذي زار البلاد ليتابع مع المسؤولين السريلانكيين عدداً من المواضيع؛ مثل طرد الحكومة السريلانكية لجيمس إيلدر، المتحدث باسم «اليونيسيف». ومعلوم أن الحكومة اتهمت إيلدر، الذي قال مؤخراً إن أمطار المنسون التي تتهاطل على الجزيرة ستتسبب في فوضى ومعاناة بالمخيمات، بـ «نشر بروباجندا مضادة» لها. وكان إيلدر قد تحدث، خلال المرحلة النهائية والأكثر دموية من الحرب في وقت سابق من هذا العام، عن «المعاناة التي لا يمكن تخيلها»، والتي يتعرض لها الأطفال الذين علقوا وسط القتال، ومن ذلك أطفال صغار رآهم بأم عينيه مصابين بجروح جراء تعرضهم لشظايا قذائف. وإضافة إلى ذلك، تسببت الأمطار الغزيرة التي تهاطلت في شهر أغسطس الماضي في فيضانات المراحيض، مما أثار المخاوف من انتشار الأمراض المعدية بين النازحين. وفي هذا الإطار يقول جيهان بيريرا، المدير التنفيذي لـ»مجلس السلام القومي» في سريلانكا، وهو منظمة غير حزبية، إن ثلاثة أطفال على الأقل ماتوا في مخيم واحد في أغسطس الماضي، «وهو ما يُظهر معنى ما كان يقوله إيلدر». وبعد أن منحت سريلانكا إيلدر مهلة تنتهي في الحادي والعشرين من سبتمبر لمغادرة البلاد، أعلن مكتب أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون أن المنظمة «تلتزم الحياد في عملها على مساعدة الشعب السريلانكي». وتفيد مصادر بأن إيلدر غادر البلاد في الثامن عشر من سبتمبر، في ما مثل أول طرد لموظف أممي من سريلانكا، وهو ما اعتبره الكثيرون مثالا آخر لعدم تسامح الحكومة مع أي انتقادات لأساليبها سواء خلال الحرب أو بعدها. لكن الأكثر إثارة للقلق هو أن ما يبدو خلطاً من قبل الحكومة بين بروباجاندا «نمور التاميل» وبين الدفاع عن حقوق التاميل العاديين، إنما ينم عن عدم استعداد لمعالجة تظلمات التاميل -والتي بدونها سيكون السلام صعباً، إن لم يكن مستحيلا. وفي هذا السياق، يقول سوهاس شاكما من «المركز الآسيوي لحقوق الإنسان»، ومقره في دلهي، إن «مما لا شك فيه أنه من العنصرية أن تعامل كل تاميلي كما لو كان عضواً محتملا من نمور التاميل». الرئيس راجاباكسا قال لمجلة «فوربز» في أواخر أغسطس الماضي: «أريد أن أكون الزعيم الذي يجلب سلاماً وتنمية دائمين للبلاد»، إضافة إلى المصالحة مع السكان التاميل. لكن رغم أن الحكومة تعد بتحقيق المصالحة، فإن الأسابيع الأخيرة عرفت خروج سلسلة من التقارير المثيرة للقلق من سريلانكا، والتي تفيد بعضها بأن التاميل، الذين يشكلون حوالي 12 في المئة من سكان الجزيرة البالغ عددهم 20 مليون نسمة، يعانون عقوداً من التمييز المؤسساتي على أيدي السينهال. وقبل التصريحات التي أدلى بها راجاباكسا بأيام فقط، كان التلفزيون البريطاني قد بث شريط فيديو يُظهر جنوداً يقتلون أفرداً من التاميل، عراة ومعصوبي الأعين وغير مسلحين، في انتهاك خطير للقانون الدولي. الشريط حصل عليه «صحفيون من أجل الديمقراطية في سريلانكا»، وهي منظمة تضم عشرات الصحافيين السريلانكيين المقيمين في الخارج، قالت إن الفيلم صوره جندي سريلانكي في يناير الماضي بواسطة هاتفه المتحرك. وفي رد فعلها، قالت الحكومة إن الصور «مفبركة»، لكن فيليب ألتسون، المقرر الخاص للأمم المتحدة للإعدامات التعسفية والخارجة عن القضاء، قال إنه يأمل أن تقوم الأمم المتحدة بفتح تحقيق في الموضوع قصد التحقق من صدقية الشريط. ميان ريدج – نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©