الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الشعر في شذراته يتلوّن بأحاسيس المرأة وتجربتها

الشعر في شذراته يتلوّن بأحاسيس المرأة وتجربتها
1 ابريل 2011 23:06
تسعى الشاعرة فاطمة سلطان المزروعي في ديوانها «بلا عزاء» إلى تطوير تقنيات كتابتها الشعرية، وتترك الأشياء أن تتسمى من خلال محيطها. وتنتمي قصيدة المزروعي في ديوانها الصادر مؤخراً عن مشرع قلم التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث ويضم ثلاثاً وعشرين قصيدة في خمسين صفحة من القطع المتوسط، إلى ما يُعرف بقصيدة التفاصيل، حيث يرسم الشاعر أكثر مما يكتب ويلتقط الصور أكثر مما يتحدث عنها. «كلصٍّ يتسلل الضوء الشارد يزحف من تحت الباب الخشبي يعانق الزوايا ويرتد إلى وجهي كاشفاً أسرار الرخام». وهنا كان بوسع الشاعرة أن تصف جسد المرأة من البداية بالرخام وتصمت لتصبح بذلك الصورة مثلها مثل سواها من التي تصف جسد امرأة تحجّر بأنه بات رخاماً، لكن ما يجعل من القول الشعري هنا شعراً هو أن القول يأتي من وصف ما هو محيط بالرخام ويجعله رخاماً. وهذا التكنيك في القول الشعري لا يقف عند هذا المقطع وحده، فالكتاب الذي من الممكن قراءته كله في أقل من نصف ساعة يدفع المرء بالفعل إلى التأمل مع شخصية المرأة الساردة في القصيدة. فهي تعيش قَدْراً هائلاً من العزلة وانشطار الذات والاغتراب عن كل ما يحيط بها حتى عالمها الصغير الذي بات موحشاً، لكنها لا تقول شيئاً عن ذلك، إلا أنه شديد الوضوح في الشعر بحد ذاته ولا حاجة لقوله قولاً مباشراً يهبط بما هو شعري إلى ما هو عادي ويمكن نقله ببساطة عبر وسائط إبداعية أخرى من دون الحاجة إلى الشعر: «هناك .. وراء الحيوات الأخرى مساء أنثوي طويل يخاف الموت تحت لحافه الورديّ مثلي .. مثلي لا تزوره الأنامل الدافئة». إنه شعر بلا ثرثرة، ليس شعر التماعات متناثرة في القصيدة هنا أو هناك بل هو شعر أقرب ما يكون إلى الشذرات لجهة شدة كثافته وروح التأمل العالية فيه والنزعة الفردية في خطابه التي هي نتاج عزلة الفرد في مجتمعات القسوة وهجرة الفرد إلى ملاذات لا تتعدى الذات ذاتها: «في الدفتر الصغير تحت الوسادة أحلام وقصص وأنا لم أزل كعادتي أعشق الاختباء خلف غيمة تذهب نحو البعيد». ويستطيع قارئ فاطمة المزروعي أن يكتشف عبر عوالم القصائد أنها تتحدث عن امرأة لا عن أي كائن آخر، قد تكون المشاعر والأحاسيس التي تبثها هذه الصور الشعرية قابلة على القسمة على أكثر من امرأة أو أنثى لكنها لا تقبل القسمة على رجل من أي من مجتمعاتنا العربية، إنها أوجاع خاصة ورصد لمشاعر ليست للتعاطف معها من عدمه بل هي كما هي مما لا يمكن لأحد أن يتقن الإحساس به إلا عبر التجربة الخاصة أو فيما ندر: «تتسرب الألوان من بين أصابعي الأحمر.. الأصفر.. الأزرق.. وأنا.. لوحة فاخرة من الوحدة في السرير». لنتذكر جيداً أن الألوان: الأحمر والأصفر والأزرق هي أساس الدائرة اللونية وأنه لا لون على الإطلاق من الممكن أن يخرج إلا بمزج لونين أو ثلاثة من هذه الألوان، لكن الشاعرة نفسها هنا توسع من هذه الدائرة إلى ألوان أربعة لتصبح الدائرة اللونية هي ما لا يحصى من المشاعر والأحاسيس الملونة. يشار إلى أن فاطمة سلطان المزروعي تكتب فضلاً عن الشعر القصة والرواية، كما تكتب السيناريو والمسرحية والمقالة، وهي خريجة جامعة الإمارات العربية المتحدة، وتخصصت في التاريخ وآثاره، ولها «ليلة العيد» و»وجه امرأة فاتنة» في القصة و»زاوية حادة» في الرواية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©