الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معارك صعدة تهدد تراث اليمن التاريخي بالفناء!

معارك صعدة تهدد تراث اليمن التاريخي بالفناء!
26 سبتمبر 2009 01:11
تعكس الحروب المتكررة في محافظة صعدة شمال اليمن التي بلغت ستة حروب بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي منذ عام 2004 مخاوف حقيقية على مصير الكنوز والمعالم الأثرية والتاريخية التي تملكها محافظة صعدة باعتبارها من محافظات اليمن الزاخرة بإرث تاريخي كبير، حيث تملك العديد من المعالم التاريخية والمواقع الأثرية والسياحية الجمالية والصور الطبيعية والمناظر الخلابة. كما يخشى المعنيون بالسياحة اليمنية انقراض ألوان متعددة من الفنون والرقصات الشعبية والإيقاعات الموسيقية المصاحبة لتلك الرقصات التي ينفرد بها السكان في صعدة مع تشتت الأهالي إلى نازحين وضحايا، بل إخوة أعداء، وغدت المحافظة تنشد الحماية لكنوزها ومعالمها التاريخية والتراثية فضلا عن إحلال السلام فيها. غياب كلي بداية يقول المسؤولون في وكالات السياحة «إن الحروب المتتالية في محافظة صعدة شمال اليمن تسببت في انخفاض أعداد السياح المحليين والأجانب الذين كانوا يقصدون المحافظة للسياحة البيئية، بل غيابهم الكلي، ولم يعد مناخها السياحي المتنوع الذي يتوفر في إطاره المنظر الطبيعي الخلاب والجو الهادئ والمناخ العليل والإرث الفني والثقافي والتاريخي والطابع المعماري الخاص والعادات الجميلة جاذبا للسياح، بل بات طاردا للأموال الاستثمارية لأن توفر الأمن والاستقرار هو ما يبحث عنه السياح والذي باتت تفتقر إليه المحافظة بسبب الحروب المتكررة فيها، وهذا ما قلل من أهمية وجود الموارد الرئيسية للجذب السياحي البيئي في المحافظة. ويضيف المسؤولون في الوكالات السياحية: «كنا نأمل بدلا من الحروب استقرار الأمن في صعدة والاستمرار في إجراء المزيد من أعمال التنقيب في موقع المدينة القديمة التي تقع عند سفح جبل «تلمص» وحصنه المنيع لاكتشاف معالم جديدة بغية المزيد من استقطاب الزوار والسياح وتنشيط الاستثمار السياحي. طراز معماري لعل أبرز وأكثر المخاوف التي تطل برأسها، تتمثل في أن تطال القذائف مباني المدينة القديمة التي يعود بناؤها بوضعها الحالي إلى بداية القرن التاسع الميلادي- الثالث الهجري، حيث لا تقدّر ولا تفهم الحروب لغة الجمال والسياحة، فيما المؤلم أن مدينة صعدة ليست مجرد مدينة تتوفر فيها بعض الآثار، بل هي ذات طراز معماري يعتبر نموذجا فريدا بين فنون العمارة في اليمن، وتتنوع أنماط العمارة في أطرافها المتباعدة، مع اختلاف المواد المستعملة في البناء ما بين الطين والأحجار والآجر». كما تنفرد صعدة بطابع معماري متميز، حيث مادة بنائه هي الطين المخلوط بالتبن، ويرفع البنيان على مراحل زمنية فخلال كل فترة منها يبني مدماكا سمكة حوالي (60 سنتيمترا) وكل سبعة مداميك تكون طابقا يتلوه مدماك آخر حتى يكتمل البناء بالطين الذي يتلاءم مع بيئة الإنسان حيث يعكس البرودة في الصيف والدفء في الشتاء. السور القديم زادت المخاوف بعد أن شهدت أبواب صعدة القديمة مواجهات بين القوات الحكومية وعناصر الحوثي، حيث دارت اشتباكات عند سور المدينة القديم الذي يعد من أهم المعالم السياحية ليس على مستوى مدينة صعدة التاريخية فحسب بل يعتبر من أهم المعالم السياحية في اليمن، لأنه الوحيد الذي لا يزال قائما بين أسوار المدن العربية القديمة الأخرى، وقد بني بمادة الطين والتبن بشكل دائري متعرج، وتتخلل السور أربعة أبواب أشهرها: باب اليمن، وباب نجران الذي شهد مواجهات مسلحة. ويضم هذا السور (25) برجا من أبراج المراقبة ونوب الحراسة وله ستة عشر سلما وقد بني عام (140هـ) ويبلغ طوله حوالى (3326 مترا) وارتفاعه من الخارج (8 ثمانية أمتار) عند أرضية السور وثلاثة أمتار عند السطح، أما كل مجموعة من الحارات داخل سور مدينة صعدة، فلها أسوار من المنازل ولها أبواب بحيث تشكل الحارات مدنا صغيرة مسورة داخل السور الكبير. المقابر الإسلامية من معالم مدينة صعدة التي يخشى أن تتأثر بالحروب المقابر الإسلامية وهي مقابر نموذجية ومتميزة لتميزها بالشواهد الحجرية فوق القبور المكتوب عليها باسلوب الحفر اسم المتوفى وتاريخ الوفاة وبعض مناقبه وبعض الأدعية وآيات من القرآن الكريم. وتشير هيئة السياحة في العاصمة صنعاء: «يوجد موقع المقابر في الجهة الشمالية الغربية لمدينة صعدة على بعد 51 كم وهو عبارة عن مقابر صخرية نحتت في الصخر ولها أبواب مربعة الشكل تفضي إلى غرف مساحة الغرفة الواحدة 20 مترا مربعا وهي مشابهة للمقابر الصخرية الموجودة في مناطق أخرى من اليمن مثل: شبام كوكبان وظفار الملك ووادي ظهر وشبام الغراس». مناطق سياحية وفي خزائن المقابر يوجد صهريج لحفظ المياه نتحوت على شكل بئر، عمقه 8 أمتار عرضه 4 أمتار، إضافة إلى ذلك هناك العديد من المناطق السياحية التي تزخر بها محافظة صعدة منها: حيدان- باقم- وادي نشور- رازح- ساقين- وائلة- غراز- البقع- الديرة- السور- القشلة- سمسرة الهادي- مقبرة صعدة- سحار (التي تشتهر بفن الرسوم الصخرية)- المسلحقات- الحمزات- الزبيدات- مديرية مجز- جبل مران- جبل أم ليلى- جبل المخروق- جبل تلمص- حصن الصمع- قلعة السنارة- مديرية الصفراء- قشلة الصفراء- مديرية كتاف- قشلة كتاف- مديرية قطابر- سوق الملاحيظ- حصن الجوة- جبل شعيب- مديرية منبه القشلة- سوق خميس- مديرية غمر- حصن غالب- قلعة شذابة- قلعة حرم- مبنى الدامغ- حصن الحجلة- قلعة شداء- حصن الظاهر- حصن الرجفة). ومعظم هذه المناطق كانت مسرحا لمواجهات مسلحة وقصف مكثف مما يستلزم حصر الاضرار وحماية المعالم الاثرية والتاريخية فيها. مساجد تاريخية يعرب المختصون في الشؤون السياحية في اليمن وخارجه، عن تخوفهم من أن تتأثر العديد من المساجد الشهيرة في صعدة ذات المآذن والقباب والزخارف والنقوش بهذه الحروب، حيث تزخر صعدة بالعديد من المساجد منها ما يمثل نماذج رائعة للعمارة اليمنية الإسلامية التي اشتهرت البعض منها كمدارس فكرية وعلمية عبر مئات السنين منها: المدرسة العلمية الملحقة بجامع «الإمام الهادي». فيما يوجد في صعدة وحدها (المدينة) 14مسجدا، أهمها وأكبرها جامع «الإمام الهادي» الذي يعد من أهم وأقدم المساجد في اليمن قاطبة وليس صعدة وحدها، إذ يرجع تاريخ بنائه الى أواخر القرن التاسع الميلادي- الثالث الهجري (288هـ). القلاع والحصون مع ازدياد حميم المعارك تزداد المخاوف على الآثار والمعالم الموجودة في قلاع صعدة وحصونها التي شهدت مواجهات طاحنة بين المتمردين وقوات الجيش، ويقع بعضها قرب مدينة صعدة منها: قلعة السنارة، وقلعة الصمع، وحسن تلمص، وحصن العبلا، وقلعة رازح، وحرم الذي يقع شمال غرب صعدة، وحصن أم ليلى الذي يقع في الجهة الشمالية الغربية من صعدة على بعد 55 كم في منطقة «باقم جماعة». وتؤكد نقوش المسند المحفورة على صخور موقع «أم ليلى» مكانته المهمة.. ويعتبر الموقع من أهم المواقع التاريخية والأثرية في صعدة لما يحتويه من الشواهد مثل: النقوش المسندية، والطرق المعبدة بالأحجار، وصهاريج المياه، ومخازن الحبوب، والمنشآت الدفاعية كالأبراج والتحصينات. كما يطل موقع أم ليلى على مشاهد ومناظر جميلة ومثيرة للدهشة في مختلف الاتجاهات ويوجد للموقع طريق واحد فقط. إيقاف الأنشطة تأثر القطاع الزراعي في صعدة بهذه الحروب المشتعلة فيها، حيث انخفضت منتجات قاع صعدة وهو أحد القيعان الخصبة في اليمن وتكثر فيه زراعة الفاكهة بأنواعها خاصة العنب الأسود والرمان والخوخ والمشمش والتين وغيرها، وانعكس هذا التأثير سلبا على أنشطة معظم سكان محافظة صعدة الذين يعملون بالزراعة وتربية الماشية. وحتى أنشطة السكان الذين يعملون في التجارة والحرف اليدوية كصناعة أدوات الحراثة ودباغة الجلود والمصنوعات الجلدية، وصناعة الحلي والمجوهرات التقليدية والأحجار الكريمة خاصة الفضية وكذا صناعة الأواني والأطباق الفخارية والحجرية التي تصنع من نوع معين من الأحجار، لا تتوفر مقالعها سوى في منطقة رازح.. ولذلك تنشد محافظة صعدة السلام لاستعادة عافيتها وإعادة الروح لتراثها التاريخي النادر.
المصدر: صنعاء
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©