الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاكتشافات النفطية الجديدة لا تكفي لمواكبة الطلب العالمي على الخام

26 سبتمبر 2009 01:08
يبدو أن الاكتشافات الضخمة الجديدة للنفط والتي اتسع مداها من البرازيل وحتى سيراليون في غرب القارة الأفريقية قد أثارت نوعاً من الإحباط في نفوس أولئك الذين ظلوا يعتقدون بأنه لم يعد هنالك مناطق جديدة تزخر بكميات مقدرة من النفط، إلا أن هذه الكميات المكتشفة مؤخراً ربما لن تصبح كافية للحيلولة دون حدوث أزمة في الإمدادات خاصة عندما يستعيد الاقتصاد العالمي العافية والانتعاش. فقد أعلنت شركة اناداركو الأميركية للنفط الأسبوع الماضي أنها تمكنت من اكتشاف حوض نفطي كامل جديد يمتد لمسافة 1100 كيلومتر من ساحل غانا وحتى سيراليون. ويأتي هذا الإعلان في أعقاب الاكتشاف الضخم الذي تم في البرازيل، أحد أكبر وأهم الدول المصدرة المستقبلية للنفط في العالم أجمع. وهذا الاكتشاف البرازيلي الذي تحقق على أيدي شركتي بتروبراس وبريتش غاز بعد وقت قصير من إعلان شركة بريتش بتروليوم بأنها اكتشفت كميات هائلة من النفط في طبقة أرضية في أعماق الصخور في خليج المكسيك وبشكل أماط اللثام عن منطقة جيولوجية جديدة تزخر بالنفط. وفيما يختص بالحوض الضخم الجديد في غرب أفريقيا فقد أصبحت شركة تولاو المسجلة في بريطانيا والشريكة بشركة اناداركو الأميركية تعتقد الآن أن بإمكانها إيجاد العديد من حقول النفط الجديدة بحيث تتساوى في حجمها مع حقل «جيوبيليه» العملاق في غانا، أي الحقل البحري الأكبر من نوعه في القارة السمراء. أما شركة بريتش بتروليوم فقد ذكرت من جانبها أنها أصبحت على قناعة الآن بأن المياه العميقة لخليج المكسيك ربما تحتوي على 50 مليار برميل بدلاً من 30 مليار برميل فقط من النفط. وفي ذات الأثناء فقد خاطب ايدسون لوباو وزير الطاقة البرازيلي مجلس النواب في الأسبوع الماضي، مشيراً الى أن الاحتياطيات النفطية التي تستلقي تحت التشكيلات الملحية الضخمة ربما تحتوي على كميات تتراوح ما بين 50 الى 80 مليار برميل من النفط والغاز الطبيعي مما يسمح للبرازيل بمضاعفة إنتاجها الى مستوى 3.8 مليون برميل يوميا خلال العقد المقبل. الشركات المستفيدة والى ذلك فإن كلاً من هذه الاكتشافات يعتبر شديد الأهمية للشركات والدول المستفيدة على حد سواء. فقد شهدت كل من شركتي بريتش بتروليوم وبريتش غاز قفزة في أسعار أسهمها بمعدل 4 في المائة بمجرد الإعلان عن الاكتشافات الأخيرة بينما تمتعت شركة تولاو بمكاسب بمعدل 11 في المائة عند إعلانها من النجاحات التي تحققت في غرب أفريقيا. ولقد أوضحت جميع هذه الشركات بجلاء أن أسعار النفط المرتفعة يمكن أن تساعد على تحفيز تطوير التكنولوجيات الجديدة ما يؤدي بالتالي الى رغبة الشركات في حفر الآبار التي كان يعتقد في السابق بأنها تنطوي على حظوظ قليلة في النجاح. نقص الإمدادات على أن السؤال الذي بدأ يفرض نفسه أخذ يتركز حول ما إذا كانت هذه الاكتشافات الجديدة الضخمة سوف تصبح كافية لتجنب أو حتى تأجيل الأزمة في الإمدادات التي استمر يحذر منها التنفيذيون في صناعة النفط وقادة دول مجموعة الثماني الغنية ومنظمة الأوبك على أساس أنها يمكن أن تلحق أضراراً جسيمة بالعالم في ظل مساعيه الرامية للعودة الى الانتعاش من أسوأ ركود يشهده منذ عقود طويلة؟ وللإجابة على السؤال، فمن غير المرجح أبداً أن تؤدي هذه الاكتشافات لتجنب أزمة في الإمدادات خاصة على المدى القصير، وذلك لأن حقول النفط تحتاج عادة الى فترة زمنية طويلة حتى يتم تطويرها في ذات الوقت الذي يرى فيه العديد من المحللين أن أية أزمة في الإمدادات من المتوقع لها أن تحدث قبل حلول عام 2014. ويشير ديفيد فايف الذي يرأس إدارة توقعات الإمدادات للمدى المتوسط في وكالة الطاقة الدولية، الجهة التي تراقب الأسواق لمصلحة الدول الغنية الى أن الأمر سوف يعتمد أكثر على سرعة الوتيرة التي سوف يعود بها الانتعاش الاقتصادي. وإذا ما اكتسب الاقتصاد العالمي نمواً بمعدل يتراوح ما بين 4.5 و 5 في المائة فإن العالم سوف يحتاج الى حوالي 4 ملايين برميل من النفط يومياً في شكل المزيد من الإنتاج من أجل التمكن من مقابلة الطلب دون الحاجة الى تجشم مخاطر ارتفاع في الأسعار مثل ذلك الذي حدث في صيف عام 2008. ففي تلك الفترة كانت السعة الاحتياطية - التي أصبحت في وضع مريح الآن في مستوى 6 ملايين برميل يومياً - قد انخفضت بشكل دراماتيكي بسبب يعود الى الطلب المتنامي من الصين ومناطق أخرى عديدة بحيث ارتفعت أسعار النفط الى مستوى قياسي بمقدار 147 دولاراً للبرميل في يوليو الماضي. لذا فإن، منتجي النفط لم يتمكنوا حينها من اللحاق بالطلب المتسارع، كما ذكر المحللون. وفيما يتعلق بآثار الاكتشافات الجديدة على الإمدادات في المدى الطويل فقد انقسم المحللون فيما يبدو بشأن ما إذا كان بمقدور هذه الاكتشافات التي حدثت خلال فترة الأسابيع القليلة الماضية سوف تشكل فارقاً ملموساً بالخصوص. إذ يقول بوب ماك نايت المحلل في شركة بي إف سي لاستشارات الطاقة في واشنطن إنه يتعين اكتشاف كميات أكبر بكثير من النفط حتى يتمكن العالم من تأجيل الأزمة المحتومة التي سوف تواجه العالم في نهاية المطاف عندما ينخفض الإنتاج النفطي في أكبر الحقول في العالم، وتبقى أكثر المناطق ثراء بالنفط مغلقة أمام الشركات بسبب الاضطرابات والعقبات السياسية. الاكتشافات الجديدة أما آن لويس هيتل المحللة في مكتب وود ماكينزي للاستشارات في أدنبرة فقد حذرت من جانبها من أن المتنبئين في شؤون الإمدادات قد بدأوا أصلاً في زيادة سقف توقعاتهم بشأن «الحقول التي ما زال يتعين اكتشافها» بسبب التقدم المتزايد الذي سوف تحرزه التكنولوجيا في الصناعة مما سيسمح للشركات بالحفر الى أعماق جديدة وفي آبار تشهد المزيد من التحديات. ولكنها أشارت أيضاً الى أن الحوض الذي تم اكتشافه في الساحل ما بين غانا وسيراليون ربما لم تشمله تلك التوقعات وبشكل يجعله يغير الموازين. واستطردت المحللة تقول: «في حال أن تمكن العالم من اكتشاف العديد من حقول (جيوبيليه) الجديدة فسوف نتمكن عندها من رؤية آثار إيجابية على الإمدادات»، مشيرة الى الحقل الأفريقي العملاق الجديد الذي يعتقد أنه يحتوي على 1.8 مليار برميل من النفط. ويبقى أن الأمر الوحيد الذي يتفق عليه جميع المحللين أن تأجيل أي أزمة في إمدادات للنفط سوف تحتاج الى أكثر بكثير من مجرد عدد قليل من الاكتشافات النفطية. إذ تمضي المحللة قائلة: «إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تختص بجانب الطلب فإننا لن نشهد أية تحول في هذا الخصوص». وفي الحقيقة فإن الأمر برمته سوف يتعلق بالحكومات بشأن ما إذا كان الطلب سوف يأتي من سياسات تعمل على تحفيز الكفاءة وترشيد الاستخدامات أو استخراج البدائل للنفط أو الاتجاه عوضاً عن ذلك الى المزيد من الطلب المؤلم من الاقتصادات بحيث يؤدي ذلك الى التوقف في نهاية المطاف بسبب فشل الإمدادات مرة أخرى في مواكبة الطلب. عن «فاينانشيال تايمز»
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©