الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلغاء الدرع الصاروخية... تحفيز للتعاون الروسي- الأميركي

إلغاء الدرع الصاروخية... تحفيز للتعاون الروسي- الأميركي
26 سبتمبر 2009 00:53
رغم التنازلات الأميركية التي حصل عليها الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، في قضايا مرتبطة بأولويات السياسة الخارجية لروسيا ظلت المؤشرات المنبعثة من الجانب الروسي والتي تضمنها خطاب الرئيس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة متواضعة ولا تشي بحدوث تغير جوهري في العلاقات الأميركية- الروسية، كما أن لقاءه وجهاً لوجه مع أوباما يوم الأربعاء الماضي لم يطرح جديداً. والحقيقة أنه من الصعب تخيل خطاب مغاير عن ذلك الذي ألقاه ميدفيديف في الأمم المتحدة لو أن واشنطن أصرت على الاستمرار في إقامة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، أو أن مسألة توسع حلف شمال الأطلسي في مناطق الاتحاد السوفييتي السابق مازالت مطروحة على الطاولة، وذلك رغم إلغاء نظام الصواريخ ووقف توسع «الناتو»، حيث دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بدلا من التوسع إلى التعاون مع روسيا. لكن في الوقت الذي بدا فيه أن ميدفيديف لم يقدم تنازلات جديدة مقابل المكاسب التي حصلت عليها روسيا مؤخراً، يرى المحللون والمراقبون للوضع الدولي أن الطريق بات ممهداً أكثر من أي وقت مضى لتدشين مرحلة جديدة من التعاون بين روسيا والولايات المتحدة، لا سيما بعدما رحب ميدفيديف بتغير الموقف الأميركي من الدرع الصاروخية واعتبره «خطوة بناءة تسير في الاتجاه الصحيح» مشيراً إلى أن روسيا ربما تكون أكثر استعداداً اليوم للموافقة على تشديد العقوبات ضد إيران. غير أن هذا التقارب المنتظر بين البلدين على ضوء المتغيرات الأخيرة، قلل من أهميته بعض المسؤولين الروس الذين أدلوا بتصريحات لاذعة اعتبر فيها أحد الدبلوماسيين الروس أن إلغاء مشروع الدرع الصاروخية في بولندا وجمهورية التشيك لا يرقى إلى مستوى التنازلات الجوهرية التي ترجوها موسكو، بل هي دليل آخر على أن الولايات المتحدة لا تفهم روسياً. فقد صرح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، «فيتالي تشوركين»، أمام الصحفيين خلال الأسبوع الجاري قائلا «ما شهدناه من تنازل فقط يظهر لنا أن أميركا مازالت شريكاً يصعب التفاوض معه، إنها تفكر بعقلية الحرب الباردة، وهم بقيامهم بذلك يفرغون قرار إلغاء الدرع الصاروخية من أي مضمون ويقللون من قيمته». ومع ذلك يعتقد الكثير من المحللين أن عدم حدوث تغير جوهري في العلاقات الروسية الأميركية بعد القرار الأميركي لا يعني أن الأمور لا تسير نحو الأفضل، مشيرين إلى الفرص الجديد المتاحة القادرة على تغيير قانون اللعبة بين البلدين. وهو ما يعبر عنه «فيكتور كريمنيوك»، نائب مدير معهد الدراسات الأميركية والكندية بموسكو قائلًا «علينا النظر بعيداً والكف عن التركيز على المناكفات اليومية بين روسيا وأميركا، إننا فعلًا نلاحظ فجوة شاسعة وخطيرة بين إمكانات التعاون بين موسكو وواشنطن، والواقع كما هو موجود على الأرض، لذا يتعين في المرحلة الراهنة تجسير تلك الهوة بالعمل المشترك، وتكريس الثقة المتبادلة للتقريب بين الطرفين وإزالة الشكوك التي تعود إلى فترة الحرب الباردة». ومن بين القضايا الخلافية التي تفرق بين البلدين الملف النووي الإيراني ومدى التهديد الذي يمثله للعالم، لكنهما يتفقان مع ذلك على الحاجة إلى تعزيز نظام عدم الانتشار النووي وإتاحة الفرصة للدول الراغبة في الاستفادة من التكنولوجية النووية السلمية مع الحؤول دون تطورها إلى المستوى العسكري. وفي هذا السياق يقول الخبراء الروس إن ميدفيديف وأوباما أصبحا على وشك الاتفاق على مقاربة مشتركة للتعاطي مع الموضوع الإيراني، وأن روسيا ربما تكون مستعدة، ولأول مرة لدعم برنامج العقوبات ضد إيران إذا أصرت هذه الأخيرة على مواقفها المتصلبة. وهو الطرح الذي يؤكده «أندري كليموف»، نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي قائلًا «إننا اليوم أقرب إلى اتفاق بشأن إيران، لأن روسيا لا ترغب على أية حال رؤية مزيد من الدول تمتلك أسلحة نووية وصواريخ باليستية بالقرب من حدودها، لكننا في المقابل نريد حماية مصالحنا القومية، ولن نكون مجرد بيادق تحركها أجندات الغير». وفيما يتعلق بالمنظومة الصاروخية التي ألغتها أميركا، والتي شكلت مصدرًا للاحتجاج الروسي يقول «ديمتري سوسلوف»، الباحث في مجلس سياسات الدفاع والخارجية بموسكو «الآن يمكننا الاتفاق على تقييم مشترك للأخطار واستخدام مواردنا بشكل أفضل للتصدي لها، ويمكن لروسيا في هذا الصدد المساعدة، لأننا نتوفر على التكنولوجيا والامتداد الجغرافي، فضلاً عن موارد أخرى يمكن الاستفادة منها». أما في أفغانستان، فقد تخلت روسيا عن معارضتها للقاعدة الجوية الأميركية في «ماناس» بقرغيزستان، كما فتحت ممررات عبر أراضيها توصل الإمدادات إلى قوات حلف شمال الأطلسي المرابطة في أفغانستان، وعن هذا الموضوع يقول «سوسلوف» إن هناك العديد من المساعدات «يمكن لروسيا تقديمها عدا المشاركة بقواتها، ومن شأن هذا التعاون في أفغانستان أن يعزز الثقة بين أميركا وروسيا ويقرب بين البلدين». والأكثر من ذلك، تمتد احتمالات التعاون بين موسكو وواشنطن إلى استكمال معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية التي ستنتهي صلاحيتها في شهر ديسمبر المقبل، لا سيما بعد إزالة عقبة الدرع الصاروخية، وهو ما أشار إليه ميدفيديف يوم الأربعاء الماضي عندما صرح أمام الصحفيين قائلا إن «العمل على إنهاء المعاهدة جارٍ على قدم وساق». فريد وير- موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©