الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طرابلس.. العنف الطائفي والانفلات الأمني

8 ابريل 2014 23:37
نيكولاس بلانفورد بيروت انتشرت القوات اللبنانية خلال نهاية الأسبوع الماضي في منطقة البقاع الشمالي لاستعادة الأمن وفرض القانون من خلال إزالة نقاط التفتيش غير الرسمية، ومطاردة العناصر التي انخرطت مؤخراً في عمليات إجرامية مثل سرقة السيارات وخطف السكان، وذلك كله في إطار خطة أمنية شاملة ينفذها الجيش اللبناني للتخفيف من التداعيات المدمرة للحرب السورية وارتداداتها السلبية على الساحة اللبنانية. هذه الخطة الأمنية أشرفت على وضعها الحكومة الجديدة في لبنان رداً منها على عمليات العنف التي اندلعت مؤخراً في مدينة طرابلس بين حي درب التبانة السُني وجبل محسن الذي يقطنه العلويون، وهي معارك تعكس الاختلافات بين الجماعتين اللتين يؤيد كل منهما طرفاً معيناً في الصراع السوري، حيث أودت منذ اندلاعها في شهر مارس المنصرم بحياة ثلاثين قتيلًا على الأقل. وفيما نجحت الإجراءات الأمنية التي أقدم عليها الجيش في وقف الأعمال العدائية في طرابلس التي دخلت مرحلة من الهدوء، ولقيت ترحيباً واسعاً من اللبنانيين الذين ملوا من حالة الفوضى وانعدام القانون، إلا أنه ورغم الجهد المبذول يبقى من الصعب فرض الاستقرار على المدى البعيد، وذلك بالنظر إلى حالة الاستقطاب الحادة الناجمة عن الحرب في سوريا، والتي تجسدت في سلسلة من التفجيرات التي استهدفت مناطق داخل لبنان، فضلاً عن إطلاق الصواريخ عبر الحدود وتدهور كبير في العلاقة بين السُنة والشيعة.ولعل ما يزيد من مفاقمة الوضع تدفق أكثر من مليون لاجئ سوري على لبنان مع ما يمثله ذلك من أعباء ثقيلة تتكبدها الحكومة اللبنانية بمواردها المحدودة بالتعاون مع وكالات الإغاثة الإنسانية. هذا التشكيك في نجاعة الخطة الأمنية للجيش اللبناني يعبر عنه أحد قادة المسلحين في درب التبانة، السلفي أبوالبراء، قائلاً: «لا أعتقد أن حالة الهدوء الحالية ستستمر طويلا، فاليوم ينتشر الجيش في المدينة، لكن غداً سنرجع إلى القتال»؛ وكانت الخطة الأمنية قد انطلقت الأسبوع الماضي عندما دخل أفراد من الجيش اللبناني إلى المنطقة الفاصلة في طرابلس بين درب التبانة وجبل محسن لاعتقال المطلوبين وإزالة الحواجز التي أقامتها الميلشيات المسلحة من الطرفين، لكن يبدو أن أسماء الملاحقين تم تسريبها قبل وصول الجيش في محاولة مقصودة لتأمين فرارهم وتفادي اندلاع مواجهات مسلحة مع الجيش، ومن بين الأشخاص الذين خرجوا من المدينة قبيل وصول الجيش علي عيد، زعيم العلويين في طرابلس، والمطلوب للتحقيق معه على خلفية التفجير المزدوج الذي استهدف في شهر أغسطس الماضي مسجدين للسُنة في طرابلس، مخلفاً 47 قتيلاً وجرح أكثر من 400 شخص، ويُعتقد أن الرجل فر من لبنان إلى سوريا عبر الحدود المشتركة بعدما عبر النهر الكبير ليتبعه نجله، رفعت، المطلوب أيضاً للعدالة بعدما وجهت محكمة في بيروت تهماً له ولأحد عشر شخصاً بالانتماء إلى جماعة مسلحة وحيازة الأسلحة، والتحريض على العنف. وباختفاء قادة الميلشيات المحلية عن الأنظار تمكن الجيش من دخول المدينة دون تسجيل حوادث. وتعليقاً على الخطة الأمنية قال وزير الداخلية اللبناني، نهاد مشنوق، «نحن نشدد على ضرورة المضي قدماً في تطبيق الخطة الأمنية بأفضل الوسائل الممكنة، فنحن سنتحمل المسؤولية على نجاح الخطة، أو فشلها، لكن لحد الآن يبدو أنها ناجحة بكل المقاييس». لكن وبرغم الجهود الأمنية التي تبذلها الحكومة اللبنانية لضبط الوضع الأمني ووقف العنف المستشري في طرابلس، إلا أنها لن تكون سوى حل مؤقت لا يسعف في مداواة الجراح العميقة التي يكابدها النسيج المجتمعي للمدينة، لا سيما في ظل الصراع الطائفي المزمن بين السُنة والعلويين، والذي يزيد من حدته تفشي الفقر على نطاق واسع وغياب فرص العمل، بالإضافة إلى الدور السلبي الذي يلعبه السياسيون في المدينة لجهة تكريس الانقسام وتعميق حالة الاستقطاب، فحسب تقرير صادر في 2012 عن الأمم المتحدة يعيش 51 في المئة من سكان طرابلس في فقر مدقع، بحيث لا يتجاوز دخلهم أربعة دولارات يومياً، وما لم تُعالج الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية المستفحلة وتُحسن الظروف المعيشية للناس في المدينة ستبقى الصراعات الطائفية مستمرة. ورغم إعلان حسن النوايا الصادر عن الطرفين في طرابلس خلال الأسبوع الماضي، فقد شهدت المدينة مظاهرتان مختلفتان الأولى نظمها العلويون في جبل محسن احتجاجاً على توجيه لائحة الاتهام لرفعت عيد. والثانية نظمها السُنة في درب التبانة، مطالبين بالعفو عن المسلحين الذين تلاحقهم السلطات الأمنية. وبالإضافة إلى طرابلس انتشرت قوات الجيش يوم الأحد الماضي في مناطق البقاع الشمالي، مركزة على إزالة مظاهر الخروج عن سلطة الدولة مثل الحواجز ونقاط التفتيش التي أقامها المسلحون، بما فيها الذين يتبعون «حزب الله»، حيث لجأوا في الأشهر الأخيرة إلى مراقبة الحدود الفاصلة مع سوريا لمراقبة حركة المرور، تفادياً لدخول السيارات المفخخة التي تأتي من سوريا وتستهدف مناطق شيعية في لبنان مثل تلك التي ضربت الضاحية الجنوبية لبيروت في شهر نوفمبر الماضي. هذه الهجمات أعلنت المسؤولية عنها جماعات سنُية متطرفة رداً على تدخل «حزب الله» في سوريا وقتاله إلى جانب نظام بشار الأسد، ويسعى الجيش اللبناني أيضاً في إطار خطته الأمنية إلى وضع حد للجريمة المتفاقمة في مناطق البقاع الشمالي مثل عمليات سرقة السيارات التي استُخدم بعضها في تفجيرات بيروت، وأيضاً وقف عمليات الاختطاف التي طالت أبناء رجال الأعمال، وحسب تصريحات المسؤولين في الحكومة اللبنانية ستمتد الخطة الأمنية في مرحلة لاحقة إلى بيروت لضبط الوضع الأمني ووقف حالة الفوضى التي تغرق فيها البلاد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©