الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بكين··· ودروس أثينا 2004

بكين··· ودروس أثينا 2004
22 يوليو 2008 23:05
لا تزال ملاعب أولمبياد أثينا مخضرة بفعل استمرار الاهتمام بها، إلا أنها وبعد مضي 4 سنوات على أولمبياد 2004 التي شهدتها، تحولت إلى ساحات شاسعة خالية مهجورة، إلا من سيارات الشرطة التي تقوم بدوريات حولها، وفي الوقت الذي تستعد فيه بكين لافتتاح أكثر الدورات الأولمبية تكلفة في التاريخ -إذ تقارب الـ40 مليار دولار- تعيد أثينا النظر في تركتها الخاصة مع المناسبة التي استقبلتها في عام ·2004 فقد كان مصدر فخر واعتزاز لليونان التي تعد من أصغر دول العالم قاطبة، أن استضافت الأولمبياد وصمدت أمام التحدي في وجه جميع المتشككين، ببراعتها في حسن التنظيم والإدارة، لكن رغم هذا الحافز المعنوي الكبير الذي أعطاه الأولمبياد لليونان بصفتها مهد انطلاق اللعبة الرياضية العالمية، إلا أن أثينا في اعتقاد الكثيرين قد أخفقت في تحويل المناسبة تلك إلى قوة دافعة للتحديث البعيد الأمد لنمط حياة اليونانيين· نلمس هذا في قول ''أندرياس إفثميو'' -نائب عمدة ضاحية أثينا التي أقيم فيها ''مجمع فاليرو بي الأولمبي''-: أعتقد أن شعوراً طيباً قد صاحب انعقاد الأولمبياد هنا، غير أنني لا أرى أن شيئاً يستحق الذكر أنجز بعدها، فقد أضعنا فرصة نادرة لتغيير وجه المدينة العام، وبعد مرور أربع سنوات على المناسبة، لا تزال الكثير من الملاعــب خاليـة، بينمــــا لم يتحقق -مطلقاً- الوعد السابق بإقامة المتنزهات والحدائق العامة، والأسوأ من ذلك أن بنية المواصلات الجديدة التي أنشئت، تسببت في مشكلات كثيرة، منها زيادة حركة المرور والفيضانات وغيرها، وهذا ما جعل الناس يتساءلون عن تكلفة الـ15 مليار دولار التي أنفقت على الأولمبياد، بتمويل رئيسي لها من الخزانة العامة اليونانية· أمــــا ''ستيليـــــوس تانيـــــلاس'' -موظف متقاعد يقيم بالقرب من ''مجمع فاليرو الأولمبي''- فمن رأيه أن الحكومة تخلت عن واجبها في مجال التنمية بعد الأولمبياد، ومضى قائلاً: كان في اعتقادي دائماً أن تنظيم الأولمبياد في بلادنا يستحق الأموال الطائلة التي أنفقت عليه، إلا أنني لم أعد اليوم على ذات القناعة، فكل ما انشئ لم يستغل بعد الأولمبياد، ولمثل هذا الاعتقاد أصداؤه في طوكيو أيضاً، التي كان تنظيمها لأولمبياد عام 1964 بمثابة استعادة لعافيتها من سنوات العزلة الدولية الطويلة التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية، أما اليوم وهي تتطلع إلى استقبال أولمبياد عام ،2016 فلا تبدي سوى نسبة لا تتجاوز 59 في المائة فحسب من سكان طوكيو، حماساً لترشيح مدينتهم تارة أخرى لاستضافة الأولمبياد، وعلى حد قول ''يوشيكو فوكوشي'' لوكالة أسوشيتد بريس: فربما كان هناك معنى للأولمبياد في عام ،1964 حيث كانت نتائجها الاقتصادية باهرة وإيجابية، أما اليوم فهي تكلف كثيراً وتدمر البيئة وتخلف وراءها ملاعب لا يستفيد منها أحد· وكانت النتائج الاقتصادية الباهرة هذه، هي التي أمّل فيها اليونانيون في عام ،2004 فقد كان التطلع أن تكون الأولمبياد التي استضافتها بلادهم أداة رافعة لاقتصادهم ومستوى حياتهم، فضلاً عن فتحها طريقاً طويلاً للتحديث والتنمية البعيدة المدى· غير أن الذي أعقب الأولمبياد، هو إغلاق الاستادين الرئيسيين، بينما هجرت الساحات العامة المحيطة بهما، وبالقرب من الاستادين كان هناك ملعب فسيح، وعدت السلطات بتحويله إلى متنزه بيئي بعد انتهاء الأولمبياد، إلا أنه تحول عملياً إلى مكب لنفايات الأثاث القديم، ومرتع للحشائش والنباتات البرية، بينما ماتت الأشجار التي زرعت فيه قبل تنظيم الأولمبياد، نتيجة للدمار الذي لحق بنظام الري المائي· هذا ولا تزال بعض المنشآت الأولمبية تحت الاستخدام من قبل بعض الأندية والجهات الرياضية، على رغم الدعم الحكومي الكبير لتكلفة صيانتها الباهظة، وهناك أقسام أخرى من المجمع تم تحويلها إلى مسارح عامة ومراكز تجارية، في حين انتقلت إحدى الوزارات الحكومية إلى مبنى المركز الإعلامي السابق، وعلى رغم قول شركة ''هلينيك أولمبيك'' العقارية المشرفة على منشآت المجمع الأولمبي، إن غالبية المرافق التابعة للمجمع قد بيعت أواستؤجرت، إلا أن الكثير من المشروعات المرتبطة بها تعثرت في التنفيذ بسبب العقبات القانونية وإجراءات الترخيص، وهذا ما دفع الكثير من النقاد إلى التساؤل قائلين: لماذا كل هذا الإبطاء في محاولة الاستفادة من هذه المنشآت، طوال السنوات الأربع الماضية التي أعقبت نهاية الأولمبياد؟ وفي الإجابة يلقي ''كوستاس كارتيلاس'' -وهو رئيس سابق لشركة ''هلينيك أولمبيك'' وعضو برلماني معارض حالياً يمثل الحزب الاشتراكي- باللائمة على حكومة يمين الوسط، ويحملها المسؤولية عن الإبطاء· لكن وإذا نحينا جانباً المشكلات المحيطة بالمجمع الأولمبي، فقد كانت لاستضافة أثينا للأولمبياد إيجابياتها الكثيرة الملموسة اليوم، خاصة في وسط المدينة، فبدلاً من الفوضى المرورية التي اشتهر بها وسط المدينة القريب من ''الأكروبوليس'' الأثري التاريخي، أعيد تنظيمه وتم تخفيف الزحام البشري والمروي الذي كان يختنق به، بإنشاء شبكة من أنفاق عبور المشاة، تربط بين غالبية المواقع الأثرية التي تكتظ بها المدينة· وعلى رغم أن التخطيط لإنشاء هذه الأنفاق يعود إلى 150 عاماً، إلا أن الأولمبياد وحدها هي التي جعلت من فكرة إنشائها حقيقة، وإلى جانب الأنفاق أنشئ مطار دولي عشية افتتاح الأولمبياد، يمر به اليوم ما يزيد على 600 ألف مسافر يومياً· عموماً فإن في تجربة أولمبياد أثينا هذه، ما تستطيع بكين تعلمه سلباً وإيجاباً، وهي تستعد لافتتاح حفلها الكبير في أغسطس المقبل· نيكول إيتانو- أثينا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©