الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كاراديتش ··· أخيراً إلى العدالة

كاراديتش ··· أخيراً إلى العدالة
22 يوليو 2008 23:05
اعتُقل رادوفان كاراديتش، المتهم بارتكاب جرائــم حرب وأحــــد أكثـــر المطلوبين فــي العالـــم -لدوره في مقتل حوالي 8000 رجل وشاب مسلم في سريبرينيتشا عام 1995- يوم الاثنين، على إثر غارة للشرطة في صربيا أنهت 13 عاما من الملاحقة· ووصف ''سيرج براميرتز'' -المدعي العام لمحكمة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة في لاهاي- اعتقال ''كاراديتش'' بالخطوة المهمة في اتجاه جلب أحد مهندسي أسوأ مذبحة في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية إلى العدالة، مضيفا أن ''كاراديتش'' -63 عاما- زعيم صرب البوسنة خلال الحرب التي اندلعت هناك ما بين 1992 و،1995 سيتم نقله إلى لاهاي، وقال ''براميرتز'': ''إنه يوم مهم بالنسبة للضحايا الذين انتظروا اعتقاله لأكثر من عقد من الزمن''، مضيفا: ''إنه يوم مهم أيضا بالنسبة للعدالة الدولية لأنه يُظهر بكل وضوح أن لا أحد فوق القانون، وأن كل الهاربين سيقدَّمون إلى العدالة عاجلا أم آجلا''· لم يتم الكشف عن مكان اعتقال ''كاراديتش''، ولكن مسؤولي الحكومة الصربية قالوا إنه اعتُقل من قبل الشرطة السرية الصربية غير بعيد عن العاصمـــة بلغراد، كما أعلن مسؤولون من مكتب الرئيس ''بوريس تاديتش'' أن ''كاراديتش'' مثُل أمام قاضي التحقيق في محكمة جرائم الحرب في صربيا، وهـــو شرط لتسلميه إلى لاهـــاي، ويقال إن ''كاراديتش'' -يعد بطلا قوميا في نظر الراديكاليين الصرب وواحدا من أكثر المطلوبين للمحكمة منذ أزيد من عقــد من الزمن- نجح في تفادي الاعتقــال كل هــذه الفترة عبر حلق شعره والتنكر في زي راهب صربي أرثوذوكسي، وإنه كان مختبئا في الكهوف بجبال شرق البوسنة وفي الأديرة، ويُذكر أن ''كاراديتش'' كان طبيبا نفسيا بالعاصمة البوسنية ''سراييفو'' قبل أن يبدأ مشواره السياسي· والحقيقة أن المدعين العامين في لاهاي ومسؤولي الاتحــــاد الأوروبي طالما اشتبهــــوا في اختباء ''كاراديتش'' في صربيــــا، قبــــل أن يعمـــدوا خلال السنوات الأخيرة إلى تكثيف ضغوطهم على المسؤولين في بلغراد من أجل تسليمه، ويُذكر هنا أن فشـــل المسؤولين الصربيين في اعتقال ''كارادزيتش'' و''راتكو ملاديتش'' -الجنرال الصربي البوسني الهارب والمتهم أيضا بارتكــــاب جرائم حرب- كان يشكـــل عقبة أمام ربط علاقـــــات صربية أفضل مع الاتحاد الأوروبي بعــــد الحرب في البوسنـــة، ثم في كوسوفو· وعن اعتقـــــال ''كاراديتش''، قـــــال ''ريتشـــــارد هولبروك'' -الذي رعى ''اتفاقات دايتون'' التي أنهــــت الحرب في البوسنة عــــام 1995-: ''إنه حـــدث تاريخـــي··· مـــن بين أشـــر الرجـــال في البلقان -ميلوسيفيتش وكاراديتش وملاديتش- أعتقد أن كاراديتش هو أسوأهم؛ والسبب هو أن كاراديتش كان عنصريا بالفعل، حيث كان يستمتع حقا بقتل المسلمين، في حين أن ميلوسيفيتش كان انتهازيا''· ويذكـــر أن ''سلوبــــــــودان ميلوسيفيتـــــش'' -الرئيس الصربي السابق المتحالف مع ''كاراديتش'' و''ملاديتش''، كان قد اعتُقل عام 2001 وقدِّم للمحاكمة عن جرائم الحرب في ،2002 ولكنـــه توفي في 2006 قبل صدور حكم في حقه، غير أن ''هولبروك'' أوضح أن مسؤولية صربيـــا لا تنتهي باعتقــــال ''كاراديتش'' حيث قال: ''عليهم أن يقبضوا على ملاديتش''· ليلــــة الاثنين وبعــــد عمليـــة الاعتقـــال تم نشر أفراد من الشرطة مسلحين بالقرب من محكمة جرائم الحرب في بلغراد، كما أعلن مسؤولون صرب عن نشر قوات الشرطة في محيط سفارة الولايات المتحدة من أجل حمايتها، وذلك بعد أن أضرم فيها متظاهرون النار في فبراير المنصرم احتجاجا على إعلان كوسوفو الاستقلال· وتشكل عملية الاعتقال، بعد أكثر من عقد على اختباء ''كاراديتش''، ثمرة جهود غربية طويلة على صربيا من أجل اعتقال ''كاراديتش'' بسبب المذابح التي ارتُكبت في مدينة ''سريبرينيتشا'' البوسنية، في واحدة من أبشع جرائم حروب البلقان، كما تأتي عملية الاعتقال بعد أسابيع فقط على تشكيل حكومة ائتلافية موالية للغرب في صربيا، هدفها الرئيس هو ضم صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، الذي يعد أكبر كتلة تجارية في العالم، وكان هذا الأخير قد جعل من تسليم المتهمين بارتكاب جرائم حرب إلى لاهاي شرطا مسبقا لنيل صربيا عضوية الاتحاد· وقد وُصف الاعتقال من قبل دبلوماسيين غربيين باعتباره دليلا على عزم وتصميم صربيا على ربط مستقبلها بالغرب ووضع التعصب القومي الماضي وراءها، وقد ترك القبض على ''كاراديتش'' تحت رعاية الحكومة الجديدة صدى خاصا نظرا لأن الحكومة مؤلفة من تحالف لم يكن متوقعا يضم ''ديمقراطيي'' تاديتش وحزب ميلوييفيتش ''الحزب الاشتراكي''، الذي خاض حربا ضد الغرب في عقد التسعينيات ولكنه يتعهد اليوم بإعادة صربيا إلى حظيرة الغرب· وفي مؤشر على أن من شأن الخطوة التسريع بانضمام صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، قال المسؤول عن التوسع في الاتحاد ''أولي رين'' يوم الاثنين إن اعتقال كاراديتش يشكل ''محطة'' ستساعد على تعبيد الطريق أمام انضمام هذه البلد البلقاني الفقير إلى الاتحاد الأوروبي· وقال رين: ''إنه يثبت عزم الحكومة الجديدة على إبــــداء تعــــاون كامل مع المحكمة''، مضيفا أنه ووزراء خارجية بلدان الاتحاد سيلتقون مع وزير الخارجية الصربي ''فوك جيريميتش'' في بروكسيل يــــوم الثلاثــاء من أجل مناقشة سبل توثيق العلاقـات مع صربيـــا· أما ''ناتاشا كانديتش'' -مديرة مركز القانون الإنساني في بلغراد وتعد من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في صربيـا- فقالت في مقابلة معها عبر الهاتف من منزلها بعد لحظات من سماع الخبر: ''إنني مازلت تحت وقع الصدمة، إنه خبر تاريخي، كان الجميـــع يعتقـــد أن هـــذا الأمـــر لم يعـــد ممكنـــا، كنت واثقة أن كارادزيتش كان تحت حماية الكنيسة''· دان بيليفسكي ومارليز سايمونز - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©