الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بقايا شاعر

بقايا شاعر
3 يناير 2008 00:37
فقدَتِ الساحة الأدبيّة الجزائريّة في الأسابيع الأخيرة شاعراً مرموقاً، وأكاديميّاً رصيناً، هو حسين زيدان المولود سنة ·1960 غير أنّ هذا الشاعر عاش تحت وطأة الحرمان واليأس والعزلة إلى أن فارق دنيانا، بعد مرض عضال· فلم يكد الناس يلتفتون إليه، ولا قدّم له القائمون على الثقافة شيئاً من العون والتشجيع· وقد أنبأني الشاعر في رسالة مخطوطة أرسلها إليّ في مارس (آذار) 1994 أنّا التقينا مرتين أو ثلاثاً بمدينة باتنة (على بُعْد مائة كيلومتر جنوبيّ قسنطينة)· وطلب إليّ الشاعر أن أقدّم إلى القراء ديوانه الذي أرسله إليّ إلى وهران، وكان يُزمع طبعَه تحت عنوان ''عودة حيّ بن يقظان''··· غير أنّ الأيّام مرّت عِجَالاً، واللياليَ كرّتْ سِراعاً، ولم أكتب له التقديم الذي طلب إليّ تحت تأثير مزاحمة الوقت والأشغال، ولم يكن السبب غيرَ ذلك··· وفهِمت من رسالته المخطوطة التي لا أزال أحتفظ بها أنّه إلى سنة 1994 كان يمتلك خمسة دواوين، ولكنّها كلّها كانت لا تزال مخطوطةً، كما أنّه كان حضّر خمسة كتب أخرى للطبع تعالج، كما يقول ''القصة والرواية والدراسات''· ومخطوطته التي لا أزال أحتفظ بها تشتمل، على ديوانين في واحد: أوّلهما ''شاهد الثلث الأخير''، والآخر ''عودة حيّ بن يقظان''· وهي التجربة الشعريّة التي يصفها الشاعر مخاطباً إيّايَ بأنّها ''تجربة ملحميّة يسعدني كثيراً أن أقرأ وجهة نظرك فيها··· وسأحاول جاهداً طباعتها، ولو على حسابي الخاصّ''· وقد علمت أنّ هذا الديوان لا يزال مخطوطاً وإن صدر له دواوين أخرى منها ''قصائد من الأوراس إلى القدس''، و''اعتصام''· وكان الشاعر المرحوم يشكو بلوعةٍ إهمال الإعلام للأدباء والمثقّفين الذين لا يقيمون بالعواصم، فالواحد منهم ربما ''يصنع تهميشه هو بنفسه''، فيما يكتب لي في رسالته الحزينة التي يُفعمها اليأس القاتم، والآية على ذلك أنّ الشاعر حكَم على نفسه بالعزلة حين قرّر ألا يحضر الندوات الأدبيّة التي كان يدعَى إليها تحت وطأة اليأس والتشاؤم والمرض، على الرغم من أنّه كان مقتنعاً بأنّ انعزاله عن الناس لم يكن شأناً مفيداً له حين يقول لي في رسالته: ''وازداد الأمر سوءاً حينما عزفتُ عن حضور الملتقيات (الأدبيّة)، والمهرجانات (الشعريّة)''· وأودّ أن أقدّم لقراء ''الاتحاد الثقافي'' مقطعاً من مطوّلة ''حيّ بن يقظان'' للشاعر حسين زيدان تكريماً له وقد فارقَنا إلى الأبد: ''قلبي يفتّش عن حبيبْ ليـــــس يشبهــــه حبيـــــبْ قـلبـــــــــي نفـــــَسْ··· يســـــَــع الجزيــــرةَ حُبــــُّهُ لكنــــــــــّه أبــــداً غــريــــــبْ إنْ قلت يا قلبي رويدكَ إنّ مَن تَهوَى سراباً يُختلَسْ قــــال انتظـــرْني لحظـــــــة ليــــــــــوزّعَ الحــــــــــبّ الـــــبريءَ ولا يبـــــالي بالعســـَسْ''·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©