الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أوروبا الضعيفة .. هل تتحمل خروج بريطانيا ؟

أوروبا الضعيفة .. هل تتحمل خروج بريطانيا ؟
9 يوليو 2016 22:40
أكد مايكل وايت الصحفي البريطاني ونائب رئيس القسم السياسي في صحيفة «الجارديان» أن الأسئلة التي تساور الجميع حول مستقبل المملكة المتحدة هي أسئلة مشروعة، فهذا الاستفتاء الذي صوت فيه 17.4 مليون صوت للخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل 16.1 مليون للبقاء قد يؤدي إلى تفكك المملكة المتحدة التي تبلغ من العمر 309 أعوام، بل إنه لم يستبعد تفكك الاتحاد الأوروبي أيضاً، بعد أن تم إزالة لبنة راسخة من جداره المترنح، إضافة إلى بقاء بريطانيا حليفة للولايات المتحدة. وقال وايت ذو الخبرة السياسية الكبيرة لـ«لاتحاد»: «إنها كلها أسئلة مشروعة في هذا الوقت العصيب، خاصةً بعد استقالة كاميرون الفورية مع إعلان نتائج الاستفتاء الذي أساء بشدة تقدير نتائجه والمقامرة على تصويت الناخبين لصالح البقاء، ومن ثم الذهاب ببريطانيا إلي دوامة من الشكوك. وأكد أن المشكلة الحقيقية الآن هي فراغ القيادة، فنحن في انتظار شخص آخر يأتي لينظم ما خلفه كاميرون من فوضى، وهناك حاجة إلى «قيادة حازمة وملتزمة». وقال وايت: «إنه في الوقت الحالي ليس هناك تصور واحد أو خطط حقيقية لكيفية الخروج من الموقف سواء كان في لندن وبرلين وبروكسل، فأوروبا الضعيفة اقتصادياً وسياسياً وحتى عسكرياً كيف يمكنها تحمل خروج بريطانيا في ظل الركود الاقتصادي الذي طال أمده منذ عام 2008، مع أزمة منطقة اليورو وموجات من اللاجئين اليائسين والمهاجرين من الجنوب والشرق؟». وأكد وايت أن النتائج تشير إلى دلالات خطيرة، منها أن البريطانيين قد ثأروا من سياسة بريطانيا الاقتصادية منذ 40 عاماً في ظل عولمة الأسواق وتحويلها إلى سطوة رأس المال. وقال: «إن المحرك الرئيس للتصويت بالخروج أيضاً كان ارتفاع نسبة اللامساواة بين الأفراد، ما أدى إلى هذا الاحتقان الشديد في صفوف الناخبين، والمؤسف حقاً أن الحزبين الأكبر في بريطانيا لم يشعروا بغضب المواطنين الذي انفجر في وجه الجميع ما أدى إلى هذه النتيجة». فراغ وتوتر وركود وقال المحلل الاقتصادي مصطفى البزركان: «إن تصريحات محافظ البنك المركزي أو بنك انجلترا بخصوص وجوب عمل شيء لتفادي دخول الاقتصاد البريطاني في حالة ركود جاء لطمأنة الأسواق خلال الأسابيع المقبلة، من خلال عملية تيسير نقدي، وهذا معناه إما خفض أسعار الفائدة أو إعادة شراء سندات خزانة من السوق». وتوقع في حديثه لـ«الاتحاد» انخفاض الفائدة، وتراجع أسعار الاسترليني، والذي قد قد يؤدي بدوره إلى زيادة الصادرات ولكنها ستحدث زيادة تكاليف الواردات، وهو ما سيواجهه المواطن البريطاني في المستقبل القريب. وأضاف: «ما حدث في بريطانيا منذ أيام هو الربيع البريطاني، وهو ناتج عن مشاكل سياسية اجتماعية واقتصادية عدة، ولكن بشكل ديمقراطي، ورأى أن المجتمع البريطاني شهد تصاعد حدة التوترات، حيث ارتفعت عمليات الاعتداء العنصري بنسبة 500 %، وهذا من تداعيات نتائج الاستفتاء الذي خلف زلزالاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً». وأكد أن ما حدث هو تغيير في كل الثوابت السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فبريطانيا تواجه تغييرات جذرية وفراغ سياسي، ففي حكومة حزب المحافظين الآن ما يشبه الحرب أهلية، حيث هناك 6 مرشحين لرئاسة الحزب، وجاء انسحاب بوريس جونسون نتيجة لانقلاب رفيقه جوف في حملته لخروج بريطانيا بعد أن انقلب ضده، وانقلاب حزب العمال على زعيم الحزب كوربين، أما الحزب الذي كان يدعم انفصال بريطانيا، فليس له وجود لأنه من الأصل لم يمثل في البرلمان. ولا توجد حكومة تأخذ قرارات هي فقط لتسيير الأعمال لحين انتخاب رئيس للوزراء في شهر سبتمبر . وأضاف: «إنه على المستوى الاقتصادي انهار الاسترليني إلى أدنى مستوى له منذ 30 عاماً، والاقتصاد البريطاني سيدخل مرحلة ركود كبيرة جراء انسحاب الشركات والبنوك من لندن». وقال: «إنه من غير المرجح إجراء استفتاء آخر على البقاء أو الخروج، فالجميع سيلتزم بنتيجة الاستفتاء الديمقراطي، ولكن قد تقوم الحكومة المقبلة بإجراء استفتاء على شروط الخروج من الاتحاد». وأكد البزركان أن هناك تقصيراً كبيراً من جانب كاميرون، لأنه كان رئيس وزارة ائتلافية حتى عام مضى، وجرت انتخابات عامة فأصبح حزب المحافظين هو الأغلبية، فكان رئيس الوزراء بالأغلبية، فكيف لرئيس وزراء أن يطرح استفتاء ولا يعرف أن نتائجه ستكون مائة بالمائة معه وفي صفه؟.. هذا تقصير أيضاً من حملة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، فالمواطن غاضب من الحكومة، وغاضب من سياسة الحكومة الاقتصادية والسياسية، فقرر التصويت وتغيير مستقبل بريطانيا وربما خريطتها إلى الأبد.. هذا التصويت ليس تصويتاً للحكومة أو الخروج أو البقاء فقط، هو تصويت غاضب، فبريطانيا لم تكن عضواً كاملاً في الاتحاد بالمعنى الحرفي، كانت بكامل شروطها، فهي خارج اتفاقية شينجن، وهي ليست عضواً في اليورو، وكانت دائماً بين الداخل والخارج ومع ذلك لم تكن راضية. وأضاف: «كاميرون خسر الاستفتاء، وخسر حزبه، وربما تسبب في تفكك المملكة المتحدة إلى الأبد». المملكة المتحدة لن تتفكك من جانبه، كان عادل درويش الكاتب في صحيفة «ديلي ميل» أكثر المتفائلين بنتائج الاستفتاء، ورجح عدم تفكك المملكة، وذكر أن زعيمة أسكتلندا نيقولا ستيرجيون كانت تريد فقط جس النبض لرفع شعبيتها، ولن تقدم على استفتاء جديد للأسباب التالية هي أن 61 % صوتوا للبقاء في إطار المملكة، وهذا يعني إذا تراجع 15% عن تصويتهم خارج المملكة (لأسباب اقتصادية) ستفقد 900 صوتاً. كما أن هناك مليون إسكتلندي يعملون ويعيشون في إنجلترا ولن يصوتوا للاستقلال، أي أنها ستفقد حوالي أكثر من 38% من الأصوات. وأشار في حديثه لـ«الاتحاد» إلى أنه على المستوى الاقتصادي، كان برميل النفط من بحر الشمال سعره 130 دولاراً، وهو الدخل الرئيس لأسكتلندا..اليوم انخفض إلى أقل من 20 دولاراً، وبالتالي سيصبح التمويل من الخزانة العامة في لندن هو الدخل الرئيس ما سيخيف عدد كبير من الأسكتلنديين بالاستقلال بلا ضمان بدخول الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن رؤساء فرنسا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا لن يقبلوا ببقاء أسكتلندا، بسبب وجود أقليات جغرافية لديهم تريد الانفصال والاستقلال، مثل كورسيكا والباسك والفلمنك، ولذا لن يسمحوا لأسكتلندا ببقائها في الاتحاد كسابقة لأقاليمهم. ورجح أن يكون المستقبل الاقتصادي أفضل لأن هناك أسواقاً أخرى غير أوروبا بشروطها المجحفة مثل كندا وأستراليا والهند وإفريقيا وأميركا، إضافة إلى الصين والعرب. وتنبأ إنه مع انخفاض سعر الجنيه الاسترليني سيشجع المزيد من الصادرات، ورأى أن الاستثمارات العقارية في لندن لن تتأثر، وهي جانب كبير من انتعاش السوق البريطاني. وقال: «إن المشكلة في تصاعد التطرف والعنصرية في المجتمع، لكن يمكن تجاوزها إذا ما توفرت الخدمات للطبقة المتوسطة والعاملة بشكل أفضل». ولفت أن استطلاعات الرأي كلها للأسف كانت غير صحيحة، لأنهم نظام برلماني حسب الدوائر ليس نظاماً جمهورياً عاماً. وكان الرهان على أن يقنع حزب العمال الطبقات العاملة بالتصويت للبقاء، لكن نتائج الاستطلاع أثبتت أن هناك هوة عميقة بين زعامة الحزب من اليسار الليبرالي البريطاني والطبقة العاملة في بريطانيا. وأرجع درويش أسباب تصويت مناطق الطبقات العمالية للخروج لسببين، الأول أن انخفاض مستوي المعيشة بسبب العولمة، وانخفاض الأجور بسبب الهجرة من أوروبا. وأكد أن التصويت يعبر عن احتجاج الجماهير ضد النخبة الأقلية الحاكمة في لندن. وأضاف أن البريطانيين رأوا تهديداً في قوانين الاتحاد الأوروبي التي تحكمهم، وتضع آليات للاستثمار، ورأوا أن الخروج هو الأنسب. وقال: «إن إمارة ويلز صوتت للخروج، وأسكتلندا 61% صوتت للبقاء». حلول سحرية للهجرة وقال أحمد فرساي، الصحفي والباحث السياسي المقيم في بريطانيا: «إن الوضع يزداد سوءاً في المجتمع، بسبب زيادة عدد الهجمات على المسلمين بشكل خاص والعنصرية ضد الأقليات بشكل عام، واقترح وضع تشريعات جديدة لحماية الأقليات في المجتمع، خاصةً المسلمين الذين عانوا في السابق، وستزيد المعاناة بشكل أكبر الآن». وأكد لـ«الاتحاد» أنه يجب تعديل قوانين المهاجرين وأوضاعهم بشكل عام، فمن غير المرجح أن تستطيع الحكومة المقبلة وقف عدد المهاجرين من أوروبا، وبحسب تصريحات المعسكر الفائز فإنهم لن يستطيعوا وقف الهجرة ولكن يستطيعوا تقليل الأعداد القادمة من هناك، وذلك عكس ما وعدوا به أثناء الحملة، مما سيزيد من غضب الناخبين الذين صدقوا وعودهم. وقال فرساي: «إن ما حدث سيستغرق وقتاً طويلاً، فالحد من الهجرة الأوروبية إلى بريطانيا ستطلب وقتاً ومجهوداً كبيراً لتنظيمها، ومفاوضات طويلة ومعقدة مع الاتحاد الأوروبي، لأن الدخول إلى الأسواق الأوروبية لا يمكن من دون أن يكون هناك حرية في حركة العمال، وبعد نتيجة الاستفتاء التي أظهرت عنصرية ضد العمال والمهاجرين، سيكون الوضع حساساً في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي». وأضاف: «إن نتائج الاستفتاء لم تكن متوقعة، فرئيس الوزراء ومؤيدوه لم يكونوا يتوقعون هذه النتيجة، وهذا بسبب أن السياسيين والإعلاميين في بريطانيا منفصلون عن مواطنيهم، والإحساس الصاعد في بريطانيا تجاه المهاجرين سلبياً للغاية، فهناك تخوف كبير من انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، واستقبال بريطانيا المزيد من اللاجئين والمهاجرين، إضافة إلى الأعداد الكبيرة التي تستقبلهم بالفعل، مما تسبب في رعب البريطانيين، وأصابهم بالهلع». وأضاف أن العمال الذين فقدوا وظائفهم بسبب القادمين من شرق أوروبا صوتوا للخروج رغبةً في احتفاظهم بأحقيتهم في هذه الوظائف. وأكد أن الناخبين لم يصوتوا لأسباب اقتصادية، لأن بريطانيا هي الخاسر الأكبر من خروجها من الاتحاد الأوروبي، وجاءت نسبة التصويت للخروج بناءً على معدلات الهجرة الكبيرة إلى بريطانيا. ولفت أن رئيس الوزراء الجديد في مأزق منذ الآن، فهو لن يستطيع إحداث تغير سريع ما صوت له الناخبون الذين يتوقعون نتائج سريعة طبقاً لاختيارهم، وينتظرون حلاً سحرياً لمشكلة الهجرة في بريطانيا. إسفين في نعش التعددية واعتبر فواز جرجس، الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، أن (البريطانيين العرب) الذين صوّتوا تأييداً للخروج لم يكونوا يدركون تبعات ذلك القرار، وهذا نوع من الجهل أو عدم الاكتراث والاهتمام. وأشار في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن ذلك ينطبق على فئات أخرى صوّتت بدورها دعماً لترك عضوية الاتحاد الأوروبي، وليس على ذوي الأصول العربية فقط. وحذر من أن ما تمخض عنه الاستفتاء «يدق إسفيناً في نعش التعددية الثقافية في بريطانيا، فالنتائج تشير إلى صعود اليمين المتطرف الشعبوي الذي يكره الآخر، سواء كان عربياً أو مسلماً أو حتى من بولندا».? مسلمو بريطانيا يدفعون قسراً ثمن الكراهية كشفت جماعات حقوقية في بريطانيا عن تعرض العديد من المسلمين إلى موجة عنيفة من حوادث الكراهية بعد الاستفتاء على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً تجاه السيدات اللاتي يرتدين الحجاب أو أي زي إسلامي آخر. وقالت صحيفة «الاندبندنت»: «إن مجموعة مراقبة حوادث الكراهية ضد المسلمين، المعروفة اختصاراً بـ« تيل ماما»، أصدرت تقريراً تؤكد فيه ارتفاع الحوادث المعادية للمسلمين بنسية 326 في المئة العام الماضي». وكشف التقرير أن نشطاء اليمين المتطرف غالباً ما يكونوا وراء تلك الحوادث، سواء على الإنترنت أو في المدارس والجامعات والمطاعم ووسائل النقل العام. وأكد أن السيدات هن من يتعرضن للأذى الأكبر نتيجة هذه الكراهية المتزايدة، خاصة هؤلاء اللاتي يرتدين الزي الإسلامي، حتى أن بعضهن أصبحن غير قادرات على القيام بأمور حياتهن اليومية. وقالت التقرير: «إن 61 % من ضحايا الحوادث التي سجلت في الفترة الأخيرة كانوا سيدات، وفي 75 في المئة من تلك الحالات كان يمكن التعرف إلى دينهن بسبب ارتدائهن الحجاب أو النقاب». وأضاف: « السيدات المسلمات يصبحن أكثر عرضة للهجوم أوالاعتداء أثناء السفر في وسائل النقل العامة في البلديات الصغيرة أو مراكز المدن، أو حتى عند القيام بالتسوق». كما أشار إلى وقوع نحو 11 في المئة من تلك الحوادث بالمدارس والكليات، وهو ما يعادل 35 حالة من السلوك التعسفي أو الاعتداءات الجسدية ضد المسلمينبالمؤسسات التعليمية البريطانية. وقال المجلس الإسلامي في بريطانيا: «إنه جرى الإبلاغ عن أكثر من 100 جريمة كراهية منذ نتيجة الاستفتاء». وعزا باحثو المجلس تلك الزيادة في حوادث الكراهية ضد المسلمين إلى خطاب السياسيين في معسكري البقاء بالاتحاد والخروج منه حول وضع اللاجئين، وهو ما تسبب بارتفاع المشاعر المعادية للاجئين في بريطانيا». وأوضح مقداد فيرسي الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي: «معظم البريطانيين يقفون بشكل قوي ضد جرائم الكراهية، ولكن اللغة المستخدمة من السياسيين مؤخراً أدت إلى تغذية الخوف من المسلمين». وضرب فيرسي المثل بتصريحات رئيس الوزراء ديفيد كاميرون حول «أسراب المهاجرين» التي أتت لبريطانيا في الشهور الأخيرة، كما دفعت تصريحات ناشطي حملة الخروج حول إمكانية انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي في الاتجاه نفسه. وأضاف: «إن المشاعر المعادية للمسلمين كانت في ازدياد لفترة طويلة، وزادت أكثر وأكثر بسبب حملات البقاء والخروج من الاتحاد الأوروبي». وتابع قائلاً: «هناك منشورات وأقاويل من جانب حملة الخروج، أكدت أن سوريا والعراق يريدان أيضاً الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما ساعدهم على اللعب على مشاعر الكراهية والخوف التي يشعر بها الناس حول ما يجري في الشرق الأوسط». «ماى» الأقرب .. ولا حظوظ كبيرة لـ« إيجل» في زعامة المعارضة «تاتشر الجديدة» تقترب من 10 دواننج ستريت بعيداً عن التلاسن الجاري بشأن إمكانية الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وهو ما يستبعد ساسة بريطانيون مخضرمون اللجوء إليه، تبدو المعركة الدائرة على الزعامة بداخل حزبي المحافظين والعمال (الحزبين الكبيرين في البلاد) الشغل الشاغل حالياً. فالوجوه البارزة في هذه المعركة تحددت على أي حال، إذ في معسكر المحافظين تبدو المنافسة على خلافة كاميرون منحصرة بين وزيرة الداخلية الحالية تريزا ماي، ووزيرة الدولة لشؤون الطاقة والتغير المناخي أندريا ليدسوم، ووزير العدل مايكل غوف، بجانب مرشحين آخرين، بعد الانسحاب المفاجئ للرئيس السابق لبلدية لندن بوريس جونسون. وفي المعارضة العمالية، يبرز اسم النائبة البارزة والوزيرة السابقة في حكومة الظل أنجيلا إيجل، التي تسعى لإزاحة زعيم الحزب جيريمي كوربين عن موقعه، في ظل تمرد واسع النطاق من جانب أعضاء في الحزب، يرون أن كوربين لم يبذل جهداً كافياً لإقناع الناخبين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي. لكن المفارقة أن الحلبة السياسية في المملكة المتحدة، تغص بشخصيات نسائية أخرى ذات دور بارز، كما يقول الصحفي المخضرم في تغطية شؤون البرلمان البريطاني عادل درويش في تصريحات لـ«الاتحاد». «رئيس الحكومة المحلية في اسكتلندا امرأة هي نيكولا سترجين، وكذلك نظيرتها في ايرلندا الشمالية أرلين فوستر، كما أن رئيس الحزب القومي في ويلز امرأة أيضاً، وهي ليان وود»، بل إن اللافت، كما يقول درويش: «إن انقلاب غوف على حليفه جونسون كان بدافع من سارة فاين قرينة غوف». ويعتبر المعلق السياسي المخضرم ومحرر الشؤون البرلمانية بصحيفة «ديلي مَيل» أن تيريزا ماي «59 عاما» هي الأكثر خبرة بين كل الشخصيات السياسية النسائية، التي تغص بها الساحة السياسية البريطانية حالياً، على الرغم من إشارته إلى أن إيجل أثبتت خلال المرحلة الماضية أنها ذات أداء برلماني جيد. لكن يستبعد درويش أن تعيد أيٌ من «ماي» أو «إيجل» إلى الأذهان صورة رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر، التي تولت قيادة البلاد بين عامي 1979 و1990، وُوصفت بـ«المرأة الحديدية»، في إشارة إلى السياسات الحازمة والصارمة، التي انتهجتها خلال وجودها في مقر الحكومة بـ«10 داوننغ ستريت». ولكنه يشير إلى أن «ماي» هي الأقرب من «إيجل» لسمات تاتشر؛ التي يصفها بأنها كانت أول من أدرك أن الاتحاد الأوروبي يسير باتجاه الوحدة الفيدرالية وإقامة نظام أشبه بما كان سائداً في الاتحاد السوفيتي السابق. أما الكاتب الصحفي في لندن محمد أبو العينين، فيرى أن بروز هذه الشخصيات السياسية النسائية حالياً «ليس مفاجئاً.. بالنظر إلى الحركة النسوية التي شهدتها بريطانيا منذ عقد العشرينيات من القرن الماضي، وحتى الستينيات منه». ويشير في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أن المد النسائي الحالي ربما يكون مرتبطاً بعدم ثقة البريطانيين في المؤسسة السياسية بشكل عام، وليس بمسألة ما إذا كان الرجال يهيمنون على هذه المؤسسة أم لا، وهي ظاهرة تتنامى في العالم، وتشهدها دولٌ أخرى مثل إسبانيا وإيطاليا». ويعتبر أبو العينين أن هذه هي المشكلة الكبرى التي تعانيها معظم المؤسسات السياسية في بريطانيا، في ظل شعورٍ بأنها تعمل لخدمة رجال المصارف، وغيرها من المؤسسات المالية الكبرى، من دون أن تخدم المواطنين البسطاء، والطبقة العاملة الحقيقية التي تذهب للتصويت في الانتخابات. ويتوقع أن تُكلل مساعي «ماي» لزعامة حزب المحافظين بالنجاح في ضوء تمتعها بـتأييد العديدين من قيادات الحزب، أو ما يمكن أن نصفه بالأرقام الصعبة فيه، بما يعطيها حيثيةً كبيرة، وقوة في التعامل مع الملفات المهمة التي تنتظر رئيس الوزراء المقبل. كما يشير إلى أن لدى «ماي» قدرٌ كبيرٌ من المميزات التي كانت تتمتع بها تاتشر، مثل الحزم والقدرة على اتخاذ القرار، وهو ما تشهد به الفترة التي قضتها حتى الآن في الحكومة منذ تولت حقيبة الداخلية، التي تتطلب دائما وزيراً قوياً. لكن أبو العينين لا يتوقع نجاحاً مماثلاً لـ(إيجل) في جهودها لتولي زعامة المعارضة العمالية، فعلى الرغم من الخبرة الكبيرة التي تتمتع بها بداخل حزب العمال، لا يعتقد بأنه ستكون لديها فرصٌ كبيرة في تبوء قيادته، نظراً لأن القاعدة العريضة في الحزب تدين بالولاء لزعيمه الحالي كوربين».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©