الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا اللاتينية... ونجاحات برنامج إعادة الأمل

أميركا اللاتينية... ونجاحات برنامج إعادة الأمل
24 سبتمبر 2009 02:05
فقدت «دينيس دي أوليفيرا» وظيفتها كحارسة بناية في شهر يونيو الماضي عندما كان يتعين عليها المكوث في البيت إلى جانب طفلها ذي 13 ربيعاً الذي كان يعاني من التهاب رئوي، ولكن مع ذلك استطاعت الأم ذات الأربعة أطفال والبالغة من العمر 45 سنة الاستمرار في تأمين الطعام لأبنائها بفضل برنامج حكومي يدفع لها سبعين دولاراً في الشهر. وعن هذا البرنامج تقول «دي أوليفيرا» التي تعيش بمدينة سانترا كروز البعيدة بحوالي تسعين دقيقة عن ريو دي جانيرو «على رغم أنه لا يوفر كل ما يحتاجه الإنسان مع ذلك يساعدنا البرنامج على تحمل المصاريف الأساسية للطعام». وخلافاً للمساعدات الحكومية التقليدية يطلب البرنامج الجديد الذي يحظى بشعبية واسعة وانتشار كبير في أنحاء أميركا اللاتينية -بل لقد وصل صيته إلى نيويورك- من الآباء المستفيدين إبقاء أطفالهم في المدارس للحصول على المساعدات الضرورية، بالإضافة إلى شرطي خضوع الأطفال لكشفين طبيين خلال العام وتطعيمهم ضد الأمراض. هذا وتختلف أسماء البرنامج حسب البلدان من «صندوق العائلة» في البرازيل إلى «صندوق الفرص» في المكسيك، فضلا عن اختلاف القوانين المختلفة التي تنظمه وفقاً للدول وتشريعاتها الخاصة، وقد تحول البرنامج حسب المراقبين إلى أنجح مشروع لمكافحة الفقر منذ سنوات عديدة، وهو الأول من نوعه أيضاً الذي يطلب من المستفيدين مقابلا ملموساً نظير المساعدات التي يتلقونها. وفي هذا السياق تقول «هيلينا أوريبي»، الخبيرة في مكافحة الفقر بالبنك الدولي بواشنطن «لقد عملت في مجال مكافحة الفقر لأكثر من ثلاثين عاماً، ولم أرَ شيئاً يشبه النجاح الذي حققه برنامج أميركا اللاتينية لأنه يتواصل مع الفقراء بشكل فعال ويشجعهم على تحسين ظروف أبنائهم على المدى الطويل». وترجع «أمندا جلاسمان»، الخبيرة في برنامج بنك التنمية للأميركتين شعبية برنامج مكافحة الفقر في أميركا اللاتينية إلى «نتائجه الواضحة والقابلة للقياس، فهو يساعد على تعزيز صحة الأطفال بإخضاعهم للكشف الصحي وتطعيمهم ضد الأمراض ما ينعكس إيجاباً على قامة الأطفال ونموهم بين الأوساط الفقيرة»، أما المخاوف التي أثارها البعض من أن البرنامج قد يدفع الفقراء في بلدان أميركا اللاتينية إلى إنجاب المزيد من الأطفال والاتكال على المساعدات الحكومية فقد أثبت التجربة عدم صحتها. واعترافاً بالنجاح الذي لقيه البرنامج ستستضيف نيويورك في الأسبوع القادم منتدى لمناقشة إنجازاته، حيث ستشارك فيه كل من وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، والرئيس الكولومبي، ألفارو أوريبي، فضلا عن الرئيسة التشيلية، ميشيل باشيليه. وقد انطلق البرنامج أول مرة في البرازيل والمكسيك أواسط التسعينيات ليصل عدد المستفيدين منه حالياً إلى مئة مليون شخص تقريباً 45 مليوناً منهم في البرازيل و12 مليوناً في المكسيك، وتتوفر جميع دول أميركا اللاتينية عدا فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا على برامج مشابهة، فيما استنسخ في بلدان خارج القارة لاسيما في بنغلاديش وكينيا وباكستان. وعادة ما تصرف المعونات للنساء المرجح أن يصرفن الأموال على تأمين الغذاء والملابس لعائلاتهن مقارنة بالرجال، ويظهر النجاح الحقيقي للبرنامج في البرازيل التي ينتفع منه 25 في المئة من سكانها. وعن فوائده يقول «سيرجي سواريس» الذي كلفته الحكومة البرازيلية بدراسة تجربة «صندوق العائلة» إن البرنامج «حمى ملايين الأطفال من الموت جوعاً، أو الهلاك نتيجة الأمراض الفتاكة»، أما في المكسيك فقد كشف الباحثون أن نسبة الهدر المدرسي بين الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و19 سنة قد انخفضت بنسبة 20 في المئة. لكن على رغم هذه الإنجازات التي حققها البرنامج يقول البعض إنه يظل في الأخير محدوداً في إمكانياته، فحسب «جلاسمان» لا يمكن التعامل مع البرنامج على أنه العلاج الشافي لمشكلة الفقر، بل هو مجرد جزء من الجهد الذي يتعين مواصلته، وهو نفس ما يراه «سواريس» الذي يعتقد أن البرنامج لم يقضِ على الفقر وإنما فقط خفف قليلا من معاناة الشريحة المسحوقة ضمن الطبقة الفقيرة وساعدها على الاستمرار في الحياة بدل إخراجها تماماً من وهدة الحاجة والعوز، لاسيما في البرازيل التي تعرف نسبة عالية منه. وفي المكسيك لم يسهم البرنامج في تحسين جودة التعليم، كما لا يمكن قياس نجاحه بنسبة التحاق الأطفال بالمدارس لأن تلك النسبة هي أصلا مرتفعة في المدن التي يستفيد أبناؤها من المساعدات، فيما تكمن المشكلة وفقاً للعديد من المراقبين في تطوير الخدمات والاهتمام بالبنية التحتية للمدارس والمستشفيات، وهي الأمور التي من شأنها تحسين مستوى الخدمات المتاحة للطبقات الفقيرة. تايلور بريدجز - البرازيل ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©