الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التخلي عن الدرع الصاروخية... تصفيق وتشكيك!

التخلي عن الدرع الصاروخية... تصفيق وتشكيك!
23 سبتمبر 2009 00:44
في الوقت الذي يواجه فيه باراك أوباما اتهامات «الجمهوريين» بمهادنة روسيا بعد قراره التخلي عن إقامة الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، وتراجعه عن دعم بولندا التي وافقت على استضافة الصواريخ، رحب المسؤولون الأوروبيون بالقرار الأميركي معتبرين أنه جاء ليخفف من حدة التوتر في العلاقات بين الغرب وروسيا، ويوفر على الدول الأوروبية التداعيات المزعجة. وفي هذا الإطار ينظر الدبلوماسيون الألمان والفرنسيون إلى خطوة البيت الأبيض على أنها تغيير مهم يطال السياسة الأميركية الأحادية التي سعت واشنطن إلى فرضها على أوروبا، وهو ما سيسمح في رأيهم بالمزيد من التعاون مع روسيا حول القضايا المهمة مثل البرنامج النووي الإيراني وملف كوريا الشمالية وأفغانستان والانتشار النووي، فضلا عن العلاقات مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف؛ لكن «ألكسند راهر»، الباحث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، وأحد المختصين في الشؤون الروسية يؤكد أن مشروع الدرع الصاروخية الذي لم يطرح بالصورة الصحيحة منذ البداية يثير سحبه في الوقت الراهن بعض الأسئلة التقليدية مثل «هل قام أوباما بالتخلي عن النظام الصاروخي من موقف ضعف، أم من موقف قوة؟»، مضيفاً أن «السؤال رغم تذكيره لنا بالقرن التاسع عشر والصراع بين القوى الكبرى وقتها، إلا أنه تساؤل مشروع لا يستطيع أحد إنكاره». وكان البيت الأبيض قد أعلن في الأسبوع الماضي سحب مشروع الدرع الصاروخية، باهظ التكلفة وغير المجرب إلى حد الآن، بعد موافقة إدارة الرئيس بوش التي أقرته عقب الغزو الروسي لجورجيا في أغسطس من العام 2008 وهو ما أطلق موجة من الاحتجاج الروسي لم تهدأ إلا بعد تخلي أميركا عن الدرع الصاروخية، حيث أعلنت الولايات المتحدة في المقابل استبدال المشروع في أوروبا الشرقية بنظام آخر يتصدى للصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى يستطيع التعامل أكثر مع الصواريخ الإيرانية. وعن هذا الموضوع يقول «جيرت ويسكرشين» المتحدث باسم السياسة الخارجية للحزب «الديمقراطي الاشتراكي» في ألمانيا «لقد اعتمدت استراتيجية بوش على أسلوب المواجهة مع روسيا، لكننا في أوروبا كان لدينا موقف مغاير منذ البداية ومعظم النخبة السياسة تتفق هنا مع أوباما، إذ لم نر قط حاجة حقيقية لتطوير الصواريخ، ونحن إن كنا نتفق على التهديد الإيراني، إلا أننا نختلف على الأداة والأسلوب». والحقيقة أن المسؤولين الأوروبيين أعربوا عن تشككهم في موضوع الدرع الصاروخية لمجموعة من الأسباب من أهمها: الطبيعة التقنية لتلك الصواريخ التي يقول الأوروبيون إنها لم تصمم لحماية أوروبا بقدر حمايتها لأميركا من الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تطلق من بعيد، كما أن تكلفتها باهظة. هذا ناهيك عن أنها فرضت على أوروبا دون مشاورات كافية، وإعطائها فرصة لروسية لإبداء المزيد من التعنت وتبني المواقف المتصلبة تجاه القضايا المشتركة، وهو ما يعبر عنه «إيبرهارد ساندشنايدر» من المجلس الألماني للعلاقات الخارجية بقوله «إن النظام الصاروخي لا يحمي الدول التي يُفترض به حمايتها، كما أنه لا يحل المشاكل العالقة بل يفاقمها». لكن السيناتور «ليندسي جراهام» من كارولاينا الجنوبية انتقد بشدة قرار أوباما بالتخلي عن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية خلال برنامج تلفزيوني قائلا «إن خطوة إدارة أوباما ستفهم على أنها استسلام للروس... وفي النهاية سنكون قد عززنا الموقف الروسي، وأرحنا الإيرانيين وأزعجنا أوروبا الشرقية التي تتساءل اليوم عن مدى التزامنا تجاهها». إلا أنه مع ذلك أبرز استطلاع للرأي أجرته إحدى الصحف في العاصمة البولندية وارسو أن نصف المستجوبين تقريباً يوافقون على قرار أوباما بالتخلي عن النظام الصاروخي، فيما عارض الخطوة 31 في المئة من البولنديين، ويرى بعض المحللين أنه سيكون على بولندة وجمهورية التشيك إجراء ترتيباتهم الأمنية الخاصة مع الدول الأوروبية في إطار حلف شمال الأطلسي بدلا من الاعتماد كلية على الولايات المتحدة. هذا الطرح أكده وزير الخارجية البولندي «رادوسلو سيكورسكي» يوم الإثنين الماضي عندما أدلى بتصريح للإذاعة البولندية قال فيه «آمل أن يكون القرار الأميركي صدمة حقيقية للقوى السياسية اليمينية في البلاد التي راهنت على الولايات المتحدة». ومن جهتها أنكرت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، في مقال رأي نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» أن تكون الولايات المتحدة قد تخلت عن النظام الصاروخي قائلة «إننا سننشر نظاماً دفاعياً أكثر شمولا من البرنامج السابق قادر على اعتراض الهجمات في أكثر من منطقة...». ويجادل الخبير «ألكسند راهر»، الباحث في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، أن روسيا تبنت في السنوات الأخيرة موقفاً إشكالياً يمكن أن نطلق عليه «عقدة فيمار»-دولة قوية لكنها غير منظمة وتشعر بأنها مهمشة على الساحة الدولية- ما يدفعها الى البحث باستمرار عما تعتبره مظالم تمارس ضدها. أما في باريس فقد رحبت صحيفة «لوموند»في افتتاحيتها نهاية الأسبوع الماضي بقرار أوباما قائلة: «علينا التصفيق لقرار أوباما بالتخلي عن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، فقد كان هذا المشروع باهظ التكلفة والمشكوك في فاعليته مصدراً للانقسام بين أوروبا وروسيا». روبرت ماركاند - برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©