الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مخيمات الجنوب... لا تغري اللاجئين السودانيين

28 مارس 2013 00:09
أكشايا كومار السودان تفيد الأمم المتحدة بأن عدد اللاجئين الذين يعبرون جنوب كردوفان داخل السودان إلى دولة جنوب السودان، المستقلة حديثاً، يصل إلى حوالي 338 لاجئاً يومياً، ليستقر بهم المطاف في مخيم «ييدا» للاجئين الذي يضم حالياً أزيد من 70 ألف لاجئ سوداني فروا من أعمال العنف الجارية في الولايات المحاذية للجنوب، وخوفاً من تداعيات المعارك، لاسيما صعوبة الحصول على الطعام وتأمين أرزاقهم. لكن المشكلة بالنسبة للمخيم أن الأمم المتحدة تتعامل معه كمكان مؤقت لاستضافة اللاجئين الهاربين من قسوة الحياة في الشمال؛ وبما أن المخيم غير مناسب للاستمرار، حسب الأمم المتحدة، فهي تصفه بأنه غير رسمي ويتعين على اللاجئين مغادرته في أسرع وقت ممكن. ورغم أن المخيم استضاف اللاجئين السودانيين منذ أكثر من عشرين شهراً، ما زالت الأمم المتحدة تصر على أنه مرفق «مؤقت» حتى في ظل الحقائق على أرض الواقع التي تشير إلى غير ما يذهب إليه مسؤولو الأمم المتحدة. فوفقاً لتقارير عمال الإغاثة في المخيم، يحوي هذا الأخير مجموعة من البنايات المشيدة بالطوب، بالإضافة إلى سوق تتوسط المخيم، لذا من الصعب إقناع اللاجئين بمغادرة منازلهم الجديدة فقط لأن موقع المخيم من الناحية التقنية غير مناسب، لاسيما وأن قادة المخيم من اللاجئين يرون في القرب من الحدود مع الشمال عاملا مشجعاً على الاستقرار. ورغم محاولات المفوضية العليا للاجئين في العام الماضي إقناع اللاجئين بالانتقال إلى معسكرات أخرى في الجنوب، مثل مخيمي «باريانج» و«نييل»، إلا أنها لم تنجح في تحريك اللاجئين الذين لاذوا بالمخيم وأبوا مفارقته لما يرون فيه مميزات تنعدم في غيره. ويعترض اللاجئون على الانتقال من مخيمهم إلى أماكن بديلة في الجنوب، لأنها تقع في أماكن خالية من الغابات، ما يعرضهم لفيضانات المواسم المطيرة. وحتى شهر ديسمبر 2012 لم يغادر المخيم سوى 853 لاجئاً إلى «نييل»، وفقط 763 إلى مخيم «باريانج»، وهذا الأخير لم يستقبل خلال الموسم الدراسي الأخير سوى ألف لاجئ، لما يوفره المخيم من خدمات تعليمية. ويشتكي المشرفون على المخيم من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، من أن مخيم «ييدا» القريب من الحدود السودانية يتعرض لاختراق مستمر من قبل الحركات المتمردة التي تقاتل الجيش السوداني، وهما «حركة العدالة والمساواة» و«الجيش الشعبي لتحرير السودان»-الشمال، اللذان يتسللان إلى المخيم ويستغلانه لمصلحتهما، علماً بأن الحركتين منخرطتان في أنشطة مسلحة ضد القوات الحكومية في دارفور، وولاية جنوب كردوفان، بالإضافة لولاية النيل الأزرق. وقد حذرت الأمم المتحدة مراراً من تواجد الحركات المتمردة داخل المخيم وتأثيرها السلبي على طابعه المحايد، وهو ما أكدته تقارير بثتها إذاعة صوت أميركا التي قالت إن شخصاً قتل وفر مئات الآخرين بسبب مواجهات مسلحة اندلعت داخل المخيم بين أطراف مجهولة. وحسب تقارير الأمم المتحدة، يتسلل المسلحون إلى داخل المخيم القريب من الحدود بعد تنفيذ هجمات على مواقع حكومية، وهذا الأمر أكده في شهر أكتوبر الماضي مسؤول أممي كان يزور المخيم قائلا: «لقد طلبنا من المسلحين عدم اللجوء إلى المخيم الذي يفترض أن يكون محايداً وعدم استخدامه كمكان للاستراحة والتقاط الأنفاس قبل متابعة القتال ضد القوات الحكومية، بل الأكثر من ذلك هناك محاولات من المسلحين لتجنيد أفراد داخل المخيم». هذا، ويفضل قادة المخيم الذين يؤيدون في معظمهم «الجيش الشعبي لتحرير السودان»-الشمال، العيش بالقرب من الحدود وعدم الابتعاد عن بيوتهم السابقة. لكن الضحية الأولى لهذا العناد هم أطفال المخيم الذين يحرمون من متابعة دراستهم والاستفادة من خدمات التعليم غير المتوافرة في المخيم، فقد رفضت الوكالة الأممية المشرفة على المخيم إقامة مدارس داخل «ييدا»، مشيرين إلى الطبيعة المؤقتة للمخيم، وهو القرار الذي أثار الكثير من الجدل، ما دام سكان المخيم سيقيمون فيه لفترة طويلة من الزمن. ولعل ما يزيد من تعقيد الوضع أن 70 في المئة من سكان المخيم تقل أعمارهم عن 18 سنة، ما يجعل من غياب منشآت تعليمية إشكالية كبرى. كما أن الاستمرار في التأكيد على أن أطفال المخيم لا يحتاجون إلى خدمات تعليمية، لأنهم سيغادرون في النهاية، يعد خطأ بيروقراطياً فادحاً. ورغم محاولة سكان المخيم التقدم بشكوى لأحد مسؤولي الأمم المتحدة الذي قام في السنة الماضية بزيارة للمخيم، فإن محاولاتهم تلك باءت بالفشل ولم تقم أية مدرسة في المخيم. وفي محاولة لفرض الأمر الواقع على اللاجئين، شددت المفوضية العليا للاجئين على أنه من يريد لأبنائه الاستفادة من التعليم عليه الانتقال إلى أحد المخيمين في الجنوب، وفي هذا السياق أعلنت الأمم المتحدة مؤخراً أنها ستشرع في نقل اللاجئين إلى خارج «ييدا» مع نهاية الشهر الجاري، بحيث تسعى المنظمة إلى فتح مخيمين بديلين تستجيب لمطالب اللاجئين، أحدهما يسمى «أجونج»، ويفترض أن يبدأ الشطر الأول منه في استقبال اللاجئين نهاية شهر مارس الجاري، وقد أقيم في منطقة ذات كثافة غابوية كبيرة ليمنع وصول الفيضانات إلى اللاجئين ويوفر لهم ما يحتاجونه من حطب، لكن في حالة الانتهاء التام من إقامة المخيم الجديد، فإنه لن يستوعب أكثر من 25 ألف لاجئ، هذا بالإضافة إلى التأخر في إنشاء المخيم الذي يقول المشرفون عليه إنه لن يتم إلا بعد موسم الأمطار، الأمر الذي يعقد عملية الانتقال. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©