الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رواية «الغريب»

23 ابريل 2018 01:42
رواية «الغريب» لألبير كامو من أشهر الروايات العالمية، كتبها باللغة الفرنسية عام 1942، ونُقلت للعربية عام 1990 بترجمة لعايدة إدريس ومحمد غطاس، وفي عام 2014 بترجمة محمد آيت حنا. تنتمي الرواية للمذهب العبثي في الأدب، وقد كتبها كامو ضمن سلسلة مؤلفات تصف شخصيته التي لا تستطيع إيجاد هدف أصيل في حياتها. كامو أو ميرسو - كاتب الرواية هو واحد من الغرباء الذين يشعرون بالتمرد وعدم الانتماء، فيعيشون في عزلة نفسية وأخلاقية عند قراءة الرواية، يمكن القول إن الكاتب كان موفقاً في اختيار العنوان الذي اختزل أهم الخصال النفسية التي سنعيشها مع ميرسو، والتي يمكن حصرها فيما يلي: الغرابة الأولى: اللامبالاة. تعتبر اللامبالاة الخصلة الأولى التي ميزت هذا الغريب، فأول ما يطالع القارئ لرواية كامو قوله: (اليوم ماتت أمي، أو لعلها ماتت أمس، لست أدري، وصلتني برقية من المأوى: «الأم توفيت. الدفن غداً. احتراماتنا». وهذا لا يعني شيئاً، ربما حدث الأمر أمس) ص 7. فعند وفاة والدته التي كان قد نقلها إلى مأوى المسنين لم يَبْد عليه أي تأثر، تلقى خبر وفاتها تلفونياً من مدير المأوى مثل أي خبر عبر الأثير أو على صفحات الجرائد. قضى يومه بشكل اعتيادي، وصل عند أمه، لم يذرف دمعاً، أو يلقي نظرة الوداع أو يُقبل الجبين كما يفعل عادة الناس الأسوياء، بل استبدت به الرغبة في التدخين، وتردد في ذلك وهو واقف على تابوت الوالدة، فبدا له الأمر غير ذي شأن، فقدم وقتئذ سيجارة للبواب، ودخنا معاً. حتى بعد أن أهِيل التراب فوق تابوت أمه، لم يفكر سوى في الانصراف والاستلقاء في الفراش والنوم اثنتي عشرة ساعة. الغرابة الثانية: الحاجات المادية/الجسمية مُقدَّمة على المشاعر والأحاسيس. وربما لهذا السبب لم يبك كامو أمه، لأن السفر أرهقه، وللسبب ذاته رفض التعبير عن مشاعره تجاه عشيقته (ماري كاردونا) التي لا يرى فيها سوى ذاك الجسد الذي يقضي فيه مكبوحاته الجنسية، يقول كامو: (كانت ترتدي إحدى مناماتي بعدما شمرت كميها...رغبت فيها مجدداً. وبعد برهة، سألتني هل أحبها، أجبتها أن لا معنى لهذا الأمر...فاكتست هيئتها سيماء الحزن) ص45. الغرابة الثالثة: الاستهتار بالحياة. يختصر كامو مغزى هذه الرواية بهذه الجملة التي جاءت على لسانه: (في مجتمعنا كل رجل يرفض أن يبكي على والدته يعدم..! لماذا نبكي؟ سنموت جميعاً عاجلاً أم آجلاً). لقد طرح الموت في رواية «الغريب» بوصفه عائقاً أمام الإحساس بزخم الحياة، ما جعل ميرسو/كامو يعتبر الموت والحياة سواء، وبالتالي عدم الإحساس بقيمة هذه الحياة. ويظهر هذا في قتله - لخصم صديقه رايمون لأن الشمس أزعجته. بكل برودة أعصاب لامست سبابته الزناد، فأطلق خمس طلقات عبر عنها بقوله: (كان الأمر أشبه بطَرَقات خفيفة اطرقها على باب الشقاء) ص72. وفي غمرة صوت المسدس، نفض العرق عن جبينه، وأيقن أنه دمر توازن النهار. د عبد الحكيم درقاوي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©