الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صديق زوجي ضَرَّتي

صديق زوجي ضَرَّتي
19 يوليو 2008 22:57
بعدما كان شائعاً أن الأنثى عموماً هي من ''يثرثر'' ولا أسرار لديها، بات من غير الممكن إخفاء أو التستر على ''ظاهرة'' الأزواج الذين يكشفون أسرار أسرهم، بل أسرار علاقاتهم الزوجية الحميمة، ولمن؟ للصديق الذي يغدو أحياناً الآمر الناهي·· وعلى زوجة صديقه أن تطيعه وتنفذ أوامره· تشكو منى أحمد صديق زوجها، الذي ''يلازمه كأنه ظله، حتى أنه إذا افترقا وعاد زوجي إلى البيت لا يتوقف حديثهما عبر الهاتف''· وتستنفد منى طاقة صبرها، تصرخ: ''سئمت''· وتتمتم شارحة: ''لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن زوجي بات يأخذ رأي صديقه في كل شاردة وواردة تتعلق بحياتنا وأسرتنا· وأكثر من ذلك، علينا نحن أن ننصاع لأوامر الصديق، الذي أصبح يضيق علي الخناق حتى في تحركاتي· فلا بد أن يكون لديه علم مسبق بتحركاتي اليومية''· وتستدرك: ''لم الغرابة، مادام زوجي قد انتقى أثاث المنزل وفقاً لذوق هذا الصديق''· إذا كانت عايدة سالم قد ضاقت ذرعاً بالصديق الذي ''أصبح كالضرة تماماً''، فإنها لا تنسى أن ''لا إنسانَ إلا ويحتاج إلى صديق يشكو له ليزيح الهموم عن صدره· فنحن لا نود أن نقطع حبل التواصل بين الأزواج وأصدقائهم، ولكن هذه العلاقة يجب أن تكون في حدود وألا تتجاوز الخطوط الحمراء''· كأن ابتسام جاسم تحمل الزوج والصديق مسؤولية تلك الصداقة، تقول: ''لم أكن لأبدي أي امتعاض من بقاء زوجي لفترة طويلة بصحبة صديقه خارج المنزل وانشغاله عن متطلبات الأسرة وحاجاتها، لقد اعتدت على ذلك، ولكن أن يتجاوز هذا الصديق حدوده وأن يقحم نفسه في خصوصيتنا، فهذا ما لا أسمح به إطلاقاً، لا أقبل أن يفرض علينا بعض الأمور والسلوكيات التنظيمية والانضباطية، كأننا في معسكر تدريب، وأن يحدد لنا وقت الخروج ووقت الطعام ووقت النوم، والأقسى من ذلك هو أن يفرض على ما ألبسه، وزوجي ليس سوى وسيلة نقل لهذه الأوامر''· لأحلام سعيد، كما تروي، ''تجربة مختلفة نوعاً ما، فصديق زوجي يحرص على أن يبدو أمام زوجي في قمة سعادته الزوجية، لدرجة أنه يذكر له حتى ألفاظ الغزل التي تقولها زوجته له، ويحكي له تفاصيل علاقتهما الحميمة· وزوجي لا يتوانى عن إخباري بذلك، وكثيراً ما يشتعل بيننا فتيل المشكل، عندما يبدأ المقارنة بين حياة أسرة صديقه وحياتنا الزوجية، ودائماً ما يحرضه على الزواج من أخرى، ما يجعلني أمقت هذا الصديق الذي ليس له عمل سوى النبش في علاقاتنا الزوجية''· هرب يؤكد الاستشاري الأسري خليفة المحرزي ''أن الصداقة ظاهرة اجتماعية، والصديق حاجة ملحة يجدها الزوج مسألة ضرورية في حياته الزوجية كونها تمثل سلسلة علاقات اجتماعية تؤدي إلى إشباع الإحساس بهذه العلاقة بشيء من الراحة والانسجام المتبادل، لذا لا نطلب من الزوجة أن تبعد زوجها عن أصدقائه المقربين الذين يستأنس بهم؛ لأن ذلك قد يؤدي بالزوج إلى أزمة نفسية عميقة· فقد أكدت دراسة أميركية أُجريت في جامعة شيكاغو على 229 رجلاً وامرأة تتراوح أعمارهم بين 50 و68 عاماً، أن شعور الزوج بالوحدة وعدم وجود أصدقاء له يؤدي بصورة مباشرة إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم بين10 و30 نقطة عن الحد الطبيعي، وذلك حسب درجة الإحساس بالوحدة· لذلك، فاتخاذ موقف عنيف لعزل الزوج عن أصدقائه ستكون نتائجه سلبية على الأسرة''· يضيف المحرزي ''انه من المتعارف عليه بين العديد من الزوجات أنهن يتحسسن بشكل أو بآخر من أصدقاء زوجها ولها أسبابها التي تبدو منطقية أحياناً خاصة إذا اكتسى الصديق ثوب المستشار والمطلع على الأسرار الأسرية أو كان من النوع المفسد''· ويشدد على ''اختلاف الصورة بين زوجة وأخرى، بحسب طريقة التفكير ومستوى الثقافة والخبرة''· يُرجع الاختصاصي المحرزي اتخاذ الزوج صديقاً متلازماً له إلى أسباب عدة، ''كأن تكون العملية هرباً أو لجوءاً أو تأقلماً مع وضع ما، وأقصد هنا أن الزوجة التي تذهب إلى صديقاتها في أغلب الأحيان تكون مدفوعة إلى ذلك نتيجة ابتعاد زوجها عن المنزل· الصديق أو الصديقة قد لا يكون مفضلاً جداً ولكن يكون أفضل من الوضع الرتيب الموجود في المنزل الذي يحسه الزوج أو الزوجة· والقضية لا تتعلق دائماً بتحطم العلاقة الزوجية، وإن كان تحطمها سيكون نتيجة لما سيحدث· والحقيقة أن هناك أزواجاً (وزوجات) يوجدون في المنزل وإنما بشكل جسدي وغائبون روحياً· ما يدفع الطرف الآخر، زوجاً أو زوجة، إلى اللجوء إلى أشخاص آخرين، لا لشيء إلا رغبة في الخروج من الوضع الرتيب''· هنا يسأل المحرزي: ''متى يتحول صديق الزوج إلى قلق؟''، ويجيب: ''في العادة لا ضير من أن يتخذ الزوج صديقاً ما له، ولكن الخطر عندما تبرز بعض الممارسات التي لا يقبل بها الطرف الآخر، لعل أبرزها أن يقتحم الصديق خصوصيات الأسرة وأدق تفاصيل الحياة الزوجية ويغدو الزوج يستشيره في المشكلات الشخصية والأسرية· أو أن يخصص الزوج جزءاً كبير من وقته واهتمامه لهذا الصديق، وقيام الصديق باستغلال الزوج مادياً وبصورة مستمرة''· التعامل بذكاء يذكر المحرزي حالة ''مرت عليه''، بدأت عندما :''جاءت إلى مكتب الاستشارات زوجة لتصف مشكلتها مع صديق زوجها، فأكدت أن صديق زوجها هو من يقرر كيف تعيش في بيتها، وكأنه القيم علينا والوصي الشرعي على تصرفاتنا، فهو يتدخل في أمورنا بشكل غير مبرر· وأي مشكلة تحدث بيني وبين زوجي اكتشف أن زوجي قام باستشارته حولها قبل أن يتصرف، وعندما نتشاور في أمر يخص حياتنا يقوم زوجي على الفور ويتصل به أمامي ومن دون أن يراعي مشاعري ليأخذ رأيه بحجة أن رأيه هو الصواب''· ويتذكر المحرزي حالة أخرى، يختصرها: ''قصدتني إحدى الزوجات تشكو حديث زوجها عن صديقه بشكل دائم، ما سبب لها أكثر من مشكلة، إذ كان زوجها يقارن حياته بالحياة الزوجية لصديقه، بل أكثر من ذلك، كان زوجها ينفق على صديقه عبر تحويل شهري لحسابه، وعندما تحاسبه على ذلك يرد عليها بأنه مسؤول عن صديقه وعن أمواله· ناهيك عن التزامه حل الأزمات المالية المتعلقة بصديقه، تحت شعار الصديق وقت الضيق''· تجد الاستشارية النفسية هالة الأبلم أنه ''لا بد، في البداية، من الإشارة إلى أن ظاهرة الصديق الضرة باتت خارج إطار المألوف والمتعارف علية''· والسبب، تقول الأبلم: هو أن هذه العادة من عادات النساء، وهذا مرتبط بشخصية المرأة العاطفية بالدرجة الأولى، فهي تعبر عن عاطفتها بالتفريغ كونها لا تستطيع كبت انزعاجها ومشاعرها· لذلك، نجد أن هذا السلوك أنما تتصف به الزوجة وليس الزوج· أما إذا كانت من سمة الزوج فهذا يعني أن ثمة مشكلة يعاني منها الرجل في شخصيته، وإذا واجه هذا الزوج أي مشكلة فإنه يحتاج إلى من يحل المشكلة بدلاً منه''· وتدعو الأبلم الزوجة إلى ''التعامل بذكاء مع هذه المشكلة وأن تقدم له نموذجاً من خلال ابتعادها عن التفريغ المعتاد إلى الآخرين، وأن تدخل معه في حوار الحب لتصل إلى حلول ترضي الطرفين· أما في حال تحول الحياة المشتركة إلى جحيم فلا بد أن تتجه إلى الاستعانة بشخص ذي خبرة''·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©