الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهر بين تراث البر والبحر

شهر بين تراث البر والبحر
19 يوليو 2008 22:52
شكّل تعميق الانتماء الوطني عند إنسان الإمارات وتعريفه بتاريخ وطنه وتراثه، هدفاً أسمى لنادي تراث الإمارات، الذي يخصص كل صيف كافة فعاليات ملتقى ''السمّالية'' لاستحضار ماضي الأجداد، وممارسة حياتهم اليومية بكل وقائعها في الجزيرة التي تتوفر فيها البيئة البحرية والبرية التي عايشوها· وقد تكثف الاهتمام وتكاتفت الجهود في دورة هذا الصيف، لتعميق هذا الانتماء لدى أبنائنا وبناتنا، فكان أن رفع الملتقى شعار ''تراثنا هويتنا''، وبغية تشجيع إقبال الناشئة على الملتقى وتعزيزاً للهوية الوطنية في عامها الاحتفالي، كانت توجيهات سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس نادي تراث الإمارات، واضحة وحريصة أشد الحرص على غرس القيم والمثل الأخلاقية في أوساط المشاركين في الملتقى، والارتقاء بمستوى الوعي للالتزام بها، وتكريس قيم العمل التعاوني في أوساطهم لتكوين اتجاهات إيجابية نحو العمل الجماعي وممارسة الأنشطة بروحية الفريق المتجانس· من هذا المنطلق، لم تقتصر الأنشطة التراثية الخاصة بالفتيات الصغيرات على الترفيه والمرح وممارسة الألعاب الشعبية القديمة، بل شملت أيضاً التعلم والتعرف على تراثيات الجدات، إذ تضمنت أنشطتهن دورات في (العادات والتقاليد، الصناعات التراثية، الملابس والمأكولات الشعبية) والتدرب على تلك الصناعات وتحضير المأكولات الشعبية، بإشراف سيدات مواطنات من ذوات الاختصاص· تروي الأنشطة والدورات التراثية سيرة المكان بلغة الزمان، لتبني الأساس الذي تقوم عليه الشخصية، لهذا كانت هناك أهداف قيّمة تطلعت إليها فروع دورة الفتيات، توضحها قماشة خميس السويدي، مشرفة الأنشطة الرئيسة بالمركز النسائي في النادي، بقولها: ''تهدف الدورات المختلفة إلى تعريف الصغيرات بواقع الحياة اليومية للأجداد وبمعالم وتفاصيل التراث وما يتصل به من صناعات ومأكولات وأشغال يدوية كانت الجدات في الماضي يقمن بها ويمارسنها أحياناً كمِهَنٍ، والعمل على تنمية مواهب من تتفوقن في إنجاز تلك المشغولات، إضافة إلى اكتساب المعلومة والمعرفة والاستفادة، وإيجاد أجواء المتعة والفرح وقضاء صيف سعيد''· ومن أهم الدورات، حسب السويدي، ''دورة ''التلي'' وأدواته وكيفية حياكته واستخداماته، ودورة إعداد المأكولات الشعبية ''الرقاق واللقيمات والحلوى'' والتعرف على مكوناتها وطريقة إعدادها، ودورة ''الخوص'' وأدواته التي يصنع منها وطريقة صنعه واستخداماته، إضافة إلى دورات أخرى''· نظرياً وعملياً تقوم على تدريب المشاركات الصغيرات، سيدات مواطنات عشقن عالم التراثيات وكل ما يتصل به من تفاصيل، ولا يكتفين بالشرح النظري فقط، بل يدعمنه بالتطبيق العملي· تقول الوالدة موزة المزروعي، مدربة دورات صناعة التلي والخوص: ''تتعرف المشاركات الصغيرات على الأشغال النسائية الهامة التي أتقنتها الجدات، واعتمدن عليها في حياتهن اليومية، كحياكة ''التلي'' الشريط المنسوج من خيوط قطنية ذهبية أو فضية لامعة وملونة تستخدم في تزيين أكمام وياقات الأثواب ''الكنادير'' والسراويل النسائية، ونشرح لهن نظرياً وعملياً أداة نسج التلي ''الكاجوجة'' أي الوسادة ذات القاعدة المعدنية التي تلف عليها الخيوط للقيام بعملية التطريز، والأدوات الأخرى، ونوضح لهن أنواع الخيوط وعملية النسيج ''السَّفْ'' وكيفية تركيبه على الثياب· أما فيما يخص صناعات سعف التخل ''الخوص'' فنقوم بتدريب المشاركات على كيفية جدل أوراق النخلة ''السعف'' وتعريفهن بأدواته كالمقص والحجارة المدببة والمخرز والأصبغة· واستعمالاته بحسب موقعه في النخلة، فالذي من قلبها تصنع منه السلال والحُصُر و''الميزات''، والنوع الأخضر لصناعة الحُصُر و''المهفات'' والمكانس والمصافي، أما الجريد فتصنع منه الأسرّة، والأقفاص والكراسي''· براعم الزهور كما تتحلق الزهور اليانعة حول شجرة مثمرة وتستند إلى جذعها تستظل به، هكذا تتحلق المشارِكات الصغيرات حول المدربات، يستمعن بشغف إلى شروحاتهن حول المهن والأعمال المنزلية التي كانت الجدات يقمن بها· تعرب شمسة الفلاحي عن رأيها في الدورة قائلة: ''أنا سعيدة لمشاركتي في الملتقى، فقد تعرفت على تاريخ الأجداد، وعشت كما عاشوا في الماضي، لهذا سأشارك في الملتقى المقبل''· أما مها المحيربي فتتمنى أن ''لا تنتهي أيام الملتقى، لأنني أقضي وقتاً ممتعاً ومفيداً، وتعلمت أموراً كثيرة في التراث، كنت أجهلها''· بينما تبدي لطيفة الزعابي إعجابها بصناعات سعف النخل ''الخوص'' حيث تجمع الأوراق وتجدل وتتشابك مع بعضها في التجديلة لصنع ''مهفة'' أو ''مكبة''· في حين تذكر مريم العنزي أنها تعلمت ''كيف تتحول أوراق سعف النخل إلى اللون الأبيض نتيجة تعرضها للشمس، وأنه يمكن صباغة الخوص بعدة ألوان''· بقيت الإشارة إلى أن الفائدة التي تجنيها بناتنا وأبناؤنا من هذه التظاهرة التراثية التي تصدى لها ''نادي تراث الإمارات'' عبر تنفيذ برامج فكرية وثقافية وتراثية، تتوازى وطموح العام الاتحادي للهوية الوطنية، وربط الأبناء بوطنهم لتحقيق شعار المواطنة الحقيقية·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©