الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عملية السلام... تمثيل نسائي ضعيف

عملية السلام... تمثيل نسائي ضعيف
21 سبتمبر 2009 00:14
فيما يناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي وممثلو اللجنة الرباعية الدولية الانعكاسات الخطيرة لطرد الأسر الفلسطينية من القدس على عملية السلام وحل الدولتين تواجه بعض النساء الفلسطينيات والإسرائيليات على حد سواء مرارة الصراع لوحدهن على الأرض، فهؤلاء النسوة المنخرطات في لجان تابعة للمجتمع المدني، أو المتظاهرات، أو حتى باعتبارهن أمهات يربين أبناءهن في ظروف الاحتلال والعنف، يبقى تمثيلهن في المفاوضات الرسمية حتى الآن دون المستوى المطلوب. ولكن بما أن النساء الفلسطينيات والإسرائيليات هن الأكثر تأثراً من غيرهن بالاحتلال والعنف المستشري في المنطقة تظل مشاركتهن في صياغة النقاش حول الأمن القومي ضرورياً، فعلى الصعيد الفلسطيني يؤدي الاحتلال إلى مضاعفة تعرض النساء للعنف ليس فقط أثناء تنقلهن من مكان إلى آخر، بل أيضاً داخل البيوت، ولنتأمل في هذا السياق قصة «مها» المرأة الفلسطينية التي تعيش بالقرب من الجدار العازل الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية، فقبل بناء الجدار كانت مها تذهب إلى قرية «الرام» حيث تدرس الرياضيات للطلبة، ولكنها اليوم وبسبب المضايقات التي تتعرض لها على نقاط التفتيش قررت التوقف عن التنقل لتحرم أسرتها من دخل هي في أمسِّ الحاجة إليه، وهذا لاشك مما يمس الأمن الاقتصادي للعائلة ويعرضها للمصاعب. ومع أن الرجال يعانون أيضاً من متاعب اقتصادية إلا أن المضايقات التي تستهدف النساء على وجه الخصوص تعيق حركتهن وتمنع وصولهن إلى الوظائف والرعاية الصحية والتعليم وغيرها من الخدمات، فضلا عن أن تولي النساء تربية الأطفال وبقاء الأبناء في البيت بسبب الظروف الأمنية الصعبة يحتم عليهن المكوث في منازلهن، وهو ما يزيد من الضغوط النفسية عليهن. وبالنسبة لبعض النساء يكون التأثير غير مباشر بحيث تؤدي الصعوبات التي يواجهها الزوج بسبب المضايقات على نقاط التفتيش، وفقده لوظيفته إلى تنامي المشاكل في البيت مع احتمال تعرض النساء للعنف، وأكثر من ذلك تُحرم النساء من طلب المساعدة من الأهل، أو زيارة أقربائهن للاستفادة من الدعم النفسي بسبب الحواجز التي يفرضها الاحتلال والقيود التي يواجهها العمال الفلسطينيون. والأمر لا يقتصر فقط على النساء الفلسطينيات، بل يمتد أيضاً إلى الإسرائيليات اللواتي يعانين من ظروف الحشد العسكري المتكرر، لاسيما في المناطق المهمشة، فكما هو الحال في الضفة الغربية وقطاع غزة يؤدي العنف المتصاعد وانخراط الرجال في الجيش إلى تزايد العنف الأسري بسبب التوتر وانفلات الأعصاب الذي تكون النساء ضحيته الأولى، هذا ناهيك عما تعيشه البلدات الإسرائيلية القريبة من خط الحدود من قصف الصواريخ الفلسطينية، وقد اتضح ذلك بشكل جلي خلال حرب لبنان الثانية عندما تعرض شمال إسرائيل للقصف وعانت النساء أكثر من غيرهن دون أن تتدخل الحكومة لتقديم المساعدة. ولأن العديد من النساء فقدن وظائفهن خلال حرب لبنان لانعدام الأمن وتعذر الخروج من المنازل، وفي ظل غياب دعم حكومي يعوض هؤلاء النسوة اتسعت الهوة الاقتصادية بين الرجال والنساء، وتزايدت حالات الانهيار العصبي والإحباط بعدما ارتفعت نسبة البطالة في صفوفهن، مع ما صاحب ذلك من ضغوط نفسية يفاقمها البقاء في البيوت والتعامل مع أزاوج متوترين. وعلى رغم اتضاح الضرر الذي يقع على النساء بسبب ظروف العنف والاحتلال تبقى مشاركتهن ضعيفة وشبه غائبة في القطاع الأمني، حيث يشير مركز حيفا النسائي إلى أن الرجال يسيطرون بشكل كلي على اتخاذ القرارات الأمنية والقضايا المرتبطة بالصراع، فيما يقتصر دور السياسيات من النساء على معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية. وفي الحالة الإسرائيلية يرجع غياب النساء عن القطاع الأمني إلى استخدام الرتب العسكرية في الترقية الأمنية، وهو ما يعني في المحصلة النهائية أن النساء نادراً ما يلعبن دوراً مهماً في قضايا الدفاع، على رغم أنهن يملكن حساً أعلى من الرجال فيما يتعلق بالاحتلال والعنف وتأثيراته السلبية على عملية السلام والتعايش المشترك. فالإدراك التام لمعاناة المدنيين والفئات التي تتأذى أكثر من غيرها هو أمر ضروري في صياغة سياسات دفاعية لا تفاقم الوضع المعيشي المتدهور للطرف الآخر، والنساء مؤهلات بشكل خاص لاستشعار هذا الإدراك لأنهن الأقرب إلى الفئات المتضررة من خلال اهتمامهن بالجرحى وتربية الأطفال والتضحية بوظائفهن عندما تُفرض قيود على الحركة والتنقل. ولتحسين أوضاع النساء في بيئة تتسم بالعنف عملت المنظمات النسائية لسنوات طويلة سواء في إسرائيل، أو في فلسطين، على زيادة المشاركة النسائية في عملية السلام، حيث نظمت هيئات مثل «مركز حيفا النسائي» مؤتمرات للضغط على المشرعين فيما عقدت العصبة الدولية للنساء من أجل السلام والحرية لقاءات مع السلطة الفلسطينية لتخصيص مناصب قيادية أكثر للنساء. وقضية إشراك النساء في البحث عن سبل إنهاء الصراع ما تزال في بدايتها، بطبيعة الحال. راشيل براون كاتبة أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©