الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العودة إلى القمر... وصولا للمريخ!

العودة إلى القمر... وصولا للمريخ!
21 سبتمبر 2009 00:14
خلال السنوات الخمس الماضية، تبنت الولايات المتحدة الأميركية برنامجاً فضائياً أقل ما يوصف به أنه غير واقعي وغير ملهم البتة. وتكمن عدم واقعية ذلك البرنامج في كونه يعتمد على تكنولوجيا ومصادر تمويل لا وجود لهما أصلا.أما وصفه بكونه ليس ملهماً لأحد، فمرده إلى قيام البرنامج على مجرد تكرار زيارة فضائيينا تارة أخرى إلى القمر، إضافة إلى تبنيه لرحلة خيالية إلى كوكب المريخ، تبدو من فرط عدم واقعيتها وبعدها عن التحقق في أي وقت من المستقبل القريب، عاجزة عن إلهام أي من شبابنا الحاليين الذين لن يقدر لهم مطلقاً حضور تلك الرحلة وهم أحياء. وعليه فقد أصدرت لجنة مكلفة من قبل إدارة أوباما، ضمت عدداً من رواد الفضاء السابقين والإداريين في تكنولوجيا الفضاء، تقريراً أولياً عما توصلت إليه بشأن مراجعة السياسات الفضائية الأميركية لعام 2004، وهي المهمة الرئيسية التي كلفت بها من قبل إدارة أوباما. يذكر أن التقرير المبدئي قد صدر خلال الأسبوع الماضي، بهدف إيجاد مخرج لبلادنا من المعضلة الفضائية التي تواجهها. وبالطبع فسوف يكون من المؤسف جداً فيما لو كان مصيره النسيان، شأنه في ذلك شأن العديد من التقارير السابقة الخاصة بمراجعة سياساتنا الفضائية. يجدر بالذكر أن الرئيس السابق، بوش الابن، كان قد تبنى في عام 2004 رؤية فضائية تقوم على تطوير صاروخين جديدين هما Ares 1 وV بهدف أن يحملا معاً الطاقم الفضائي وتكنولوجيا الأبحاث الفضائية إلى مدار قريب من كوكب الأرض في المرحلة الأولى، ثم وصولا إلى القمر في نهاية المطاف. ولا يبدو ذلك البرنامج المقترح، سواء من حيث التكنولوجيا الخاصة به، أو المهمة النهائية التي سيحققها، مختلفاً كثيراً عن مهمة رحلة أبولو السابقة، فيما عدا أن كل شيء سوف يكون أكبر حجماً وأكثر فاعلية مما كانت عليه التكنولوجيا والصواريخ المستخدمة في رحلة أبولو. وإلى أن يتحقق ذلك البرنامج، فليس أمام الولايات المتحدة من خيار آخر سوى تقاعد مكوكها الفضائي مبكراً، ما يجعلها غير قادرة على الاستمرار في خدمة المحطة الفضائية الدولية. وعليه فالمرجح -وفقاً لاستراتيجية ورؤية إدارة بوش السابقة- أن تكون بلادنا تحت رحمة الدول الأخرى خلال السنوات العشر المقبلة أو نحوها، حتى تستطيع مواصلة دورها في خدمة المحطة الفضائية الدولية، أو يستطيع فضائيوها العودة إلى المدارات الفضائية الخارجية. ورغم أن الفكرة النهائية من العودة إلى القمر مجدداً في تلك الرؤية، هي الوصول إلى كوكب المريخ في نهاية الأمر، ربما خلال عقدين أو ثلاثة عقود من الزمان، إلا إنها لا تبدو منطقية ومقنعة بما يكفي على أية حال. وعلى حد تعليق دونالد راب -مؤلف كتاب البعثات البشرية إلى كوكب المريخ- فإن القول بأن علينا أن نصل إلى القمر أولا كي نصل أخيراً إلى المريخ، يشبه كثيراً قول أحدهم بأن علينا أن نذهب أولا إلى مونتوك بوينت الواقعة في شرقي لونج آيلاند، كي نصل إلى مدينة نيويورك في نهاية المطاف. يذكر أن الوصول إلى كوكب المريخ ثم العودة منه، باستخدام تكنولوجيا الصواريخ التقليدية المعروفة، تستغرق نحو عامين. ثم إننا لا ندري حتى الآن الكيفية التي نستطيع بها ضمان سلامة أربعة من روادنا الفضائيين الذين يشاركون في الرحلة من الإشعاعات الفضائية طوال هذه الرحلة. وتذهب تقديرات العلماء إلى تعرض الرواد الفضائيين خلال قيامهم برحلة فضائية مدتها 1000يوم لما يزيد عن درجة إشعاعية واحدة بقليل، وهي نسبة تعادل تعرض أحدهم لفحص الأسنان بأشعة إكس حوالي 26 ألف مرة. تشير الخطط الذكية المقترحة ضمن استراتيجية وصولنا البشري إلى كوكب المريخ في نهاية الأمر، إلى أن التكنولوجيا المتطورة التي سوف تستخدم في تلك الرحلة، ليست هي الانطلاق عن طريق التفاعل الكيميائي، إنما يرجح استخدام تكنولوجيا إطلاق فضائي أكثر تطوراً؛ مثل طاقة الدفع النووي الحراري وما شابهها. ولأننا لا ندري ما تكون عليه هذه التكنولوجيا في نهاية الأمر، فإننا نجهل حتى ما إذا كانت إقامة محطة توقف لهذه الرحلة الطويلة في القمر سوف تفيدنا فعلا أم لا. وذكرت لجنة مراجعة سياسات إدارة بوش الفضائية -برئاسة نورمان أوغستين، المدير التنفيذي السابق لشركة لوكهيد- أن السبيل الوحيد لتنفيذ خطة إدارة بوش الفضائية، هو زيادة الإنفاق عليها بدرجة كبيرة. وبدلا من تلك الخطة المكلفة البعيدة كل البعد عن الواقعية، اقترحت لجنة المراجعة رؤى بديلة للاكتشافات الفضائية تقوم على مزيج متباين من العناصر العامة: تطوير مكوك فضائي واحد بحيث يكون Ares V بدلا من الصاروخين اللذين اقترحتهما خطة الرئيس بوش، اتباع مدار روتيني قريب من الأرض، إطالة عمر المكوك والمحطة الفضائية، ثم اختيار طريق أقل وعورة إلى المريخ، مع القيام بزيارات أخرى لكواكب ونجيمات أخرى، بما فيها زيارة المنطقة التي تتعادل فيها جاذبية الشمس والأرض. لكن، وكما نرى في الحالتين كلتيهما -سواء باعتماد خطة بوش أو مراجعتها- فإن مستقبل استمرارنا في الكشوف الفضائية يعتمد اعتماداً رئيسياً على مستقبل الإنفاق على البرامج المرتبطة بها. وعليه فالمتوقع أن يرتفع الإنفاق على هذه البعثات الفضائية بما يعادل حوالي 3 مليارات دولار سنوياً بحلول عام 2014. ويليام سويت كاتب أميركي متخصص في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©