الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

سوق العرصة ذاكرة مكان وسجل تجاري ينمو منذ 180 عاما

سوق العرصة ذاكرة مكان وسجل تجاري ينمو منذ 180 عاما
19 يوليو 2008 02:00
يواظب السبعيني أبو حمد على زيارة سوق ''العرصة'' عشية كل يوم، فهو أمضى في السوق صباه وشبابه يوم كان مالكاً لمحل بيع البهارات والبخور· ويروي أبو حمد أن شقيقه الأصغر وأولاده أجبروه على ترك محله حين وصل الكبر منه عتياً نظراً لبعد المحل عن مكان سكنه، ويقول إنه لم ينس يوماً المحل والسوق الذي أفنى فيهما نحو نصف قرن من عمره· أما محمد ناصر الذي يملك محلاً لبيع تحف ومقتنيات عتيقة في سوق ''العرصة'' في الشارقة القديمة، فيقول: إن ''السكينة والراحة لا أجدهما إلا في السوق، وعندما أغادره أشعر أنني أريد العودة إليه مره أخرى''· ويعد سوق العرصة الشعبي، الذي أكمل عامه الـ،180 أقدم سوق شعبي في البلاد، غير أنه لم يكن في الماضي سوقاً للتحف، بل كان مقتصراً على تبادل المواد الغذائية الرئيسية كالقمح والأرز والدقيق والعسل، فضلاً عن المواد المنزلية والأقمشة· وكانت تأتي البضائع إليه عن طريق السفن من الهند وباكستان وعمان وإيران، ويرتاده السكان من الشارقة والمناطق الجبلية للتبضع وشراء ما يحتاجون إليه، وكان تجار البلاد يبيعون فيه محاصيلهم من الرطب واللوز· ويقول باشر عيسى: ''أشعر أن السوق تسكن في روحي''، ويعمل باشر في محل والده لبيع تحف ومجسمات بيوت قديمة وغيرها من المقتنيات التراثية التي تجذب السياح القادمين إلى الدولة في فصل الشتاء، ولفت إلى أن حركة البيع في فصل الصيف تخبو ويعم الهدوء السوق· ويضم سوق ''العرصة'' محال بعضها صغير، وبعضها كبير صممت وفق الطراز المعماري التراثي الإماراتي القديم، فضلاً عن أبوابه التسعة التي تغلق في الليل، ويتخصص السوق في بيع التحف النحاسية والفضية والخشبية والمصوغات والمجوهرات التقليدية واللؤلؤ والعملات والألبسة والأعشاب الطبية والألعاب الشعبية ونماذج السفن والتمور، إضافة إلى مقهى ''العرصة'' الشعبي الذي يقدم المأكولات الإماراتية الشعبية والحلويات والشاي والقهوة العربية الأصيلة· ويقول عيسى علي: إن ظروف الحياة العصرية أجبرته على العمل في قطاع حكومي مختلف، لكنه لا يجد راحته إلا عند عودته للمكان الذي يألفه ويعشق تفاصيله· يعتبر عبيد سعيد أن الارتباط بالمكان القديم أمر من الصعب تحليله، فهو اضطر إلى ترك محله في السوق لأسباب صحية بعد أن أمضى فيه نحو ربع قرن، ويقول إن ''روحي لا تهدأ إلا إذا جُلت يومياً في قهوة السوق''· ويقول عبدالرحمن حسين (65 عاماً): ''أنا آتي دائماً إلى السوق وأجلس مع صاحب المحل الملاصق لمحلي السابق، ثم أنتقل إلى القهوة لأتناول كوباً من شاي كرك اللذيذ، وأشعر بإحساس يغمرني بالطمأنينة، مسترجعاً أجمل سنوات العمر التي تقاسمت ذكرياتها مع أشقائي وأصدقائي الذين بدأت أقرأ أسماءهم في صفحات التعازي حيث بدأ الموت يخطفهم واحداً تلو الآخر''· وكان السوق قد خضع لعمليات ترميم، بيد أنها لم تنل من هويته الأصلية· و''العرصة'' هي كلمة من اللغة الفصحى، وتعني منطقة واسعة بين البيوت، وقد سمي السوق بهذا الاسم، لأنه كان أرضاً واسعة تقع بين بيت النابودة ومتحف الشارقة للتراث وقد خصصت هذه المساحة سابقاً لربط الجمال وللبيع بالمفرق والجملة والمقايضات· ويعتب عبدالله خالد صاحب محل لبيع السجاد والتحف القديمة والأحجار الكريمة في السوق، على الإعلام ودائرة السياحة التي ''لا تروج للمكان كما يجب''، غير أنه يؤكد في الوقت نفسه أن إيجار المحل الرمزي يساهم في تقليل المصاريف والحد من الأعباء المادية· واعتبر خالد أن البيع في سوق ''العرصة'' موسمي، وتحديداً في فصل الشتاء، حيث ''تبعث الأفواج السياحية الحياة في السوق فتجري الدماء في عروقه بعكس فصل الصيف الهادئ والجاثم على الصدور''
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©