الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

تطوير التعليم والتدريب أولوية للمنافسة في المعرفة على الساحة الدولية

تطوير التعليم والتدريب أولوية للمنافسة في المعرفة على الساحة الدولية
7 ابريل 2014 01:52
حوار: دينا جوني أكدت باربرا ايشنغر مديرة التعليم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في حوار خاص مع «الاتحاد» أن دولة الإمارات تقدّم نموذجاً لافتاً في اعتبار التعليم والتدريب أولوية لابدّ من تطويرهما للتمكّن من المنافسة في مجال المعرفة على الساحة الدولية، بدلاً من الاكتفاء بما يقدمه اقتصاد النفط. إلا أنها أشارت في الوقت نفسه، إلى أن النظام التعليمي يجب أن يساهم في نشر المهارات التي تعدّ عنصراً أساسياً لكي يتمكّن الطلبة في المستقبل من إيجاد وظيفة لهم سواء في بلدهم أو في الخارج. ولفتت إلى أن المنظمة رصدت تراجعاً ملحوظاً في السمعة التي اكتسبتها مهنة التعليم خلال السنوات السابقة، وهي مشكلة ليست موجودة فقط في الإمارات، معتبرة أن الراتب المغري، وأنظمة التدريب فائقة التميز، وتعزيز الوعي الاجتماعي بأهمية مكانة المعلم تعدّ أبرز العناصر لتحسين صورة المعلم وتحفيز التنافسية للتقدّم إلى تلك المهنة كما هو حاصل في عدد من البلدان مثل فنلندا. وعن التعليم الإلكتروني والذكي، شددت أيشنغر على أن الحملات الداعية إلى استبدال المعلم بالتقنيات الحديثة لا تجدي نفعاً على الإطلاق ولا تخدم لا الطالب ولا المسيرة التعليمية بشكل عام. وقالت إن دراسات المنظمة، أكدت أن التواصل البشري مطلوب وضروري في التعليم الإلكتروني، وأنه على الإمارات وباقي الدول التي تتبنى تكنولوجيا التعليم، أن تستمر في دعم الطالب بالموجّه الحاضر القادر على الإجابة عن مختلف الاستفسارات. المهارات فقط وشرحت ايشنغر أنه من خلال دراسة موسّعة عن مهارات الراشدين أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية شملت 23 بلداً، تبيّن أنه فقط 16 في المئة من سكان تلك الدول هم في مستوى التنافسية في سوق العمل، نتيجة ما يتمتعون به من مهارات، وهي نسبة متدنية جداً. ولفتت إلى أن أسلوب العمل الروتيني الذي لا يزال موجوداً في عدد من المؤسسات سيشهد تراجعاً سريعاً ولن يكون معترفاً به في وقت قريب جداً. والحديث عن المهارات هنا، والذي تركّز عليه القيادات الرشيدة في الدولة في مختلف المناسبات والمؤتمرات التعليمية، هي وفقاً للمنظمة المعرفة، والحساب، وحل المشكلات في بيئة التكنولوجيا عبر استخدام التقنيات الحديثة. وقالت إن المعرفة لم تعد مقتصرة على القراءة والكتابة كما كانت تُعرّف في السابق. إذ اختلف معناها مع اختلاف أدوات التعلّم وتعددها. وأشارت إلى أن المعرفة اليوم أصبحت تعني إمكانية التفتيش عن المعلومة من ضمن الكمّ الهائل منها الذي نواجهه يومياً، واختيار الأنسب منها. إذن المعرفة هي انتقاء الخيار الأذكى والمفيد بالنسبة لكل فرد على حدة من بين كل تلك المعلومات. وقالت إن هناك تنافساً عالمياً في استقطاب العاملين من أصحاب المهارات، وبالتالي فإن من يملك تلك المهارات سوف يتمتع بحصوله على فرص عمل في أي مكان في العالم. تلقيح المدارس بالنخب وقالت إن المنظمة دعت الدول الأعضاء للعمل على زيادة مهارات أفراد المجتمع وتنافسيتهم. إلا أن تحقيق ذلك لا يمكن أن يتم من خلال حصر نخبة المجتمع في أماكن محددة. فالمعرفة يجب أن يتم توزيعها في مختلف المجالات وأهمها النظام التعليمي، من خلال الاستفادة من خبرات تلك النخب وبالتالي تعميم المهارات على أكبر عدد من السكان لتمكينهم. وكمثال على ذلك، أشارت ايشنغر إلى أن النظام المدرسي في فرنسا يتمتع بمؤهلات جيدة جداً، إلا أن افتقار تلك البيئة إلى نخب ترفع من جودتها، جعل أداء تلك المدارس متواضعاً للغاية. أما في شنغهاي على سبيل المثال، فقد تم انتداب أفضل المعلمين إلى المدارس ذات الأداء الضعيف في المناطق الفقيرة لمدة سنتين. وبعد ذلك، تم رصد التحسّن الملحوظ في أداء المدارس والطلبة. وأكدت أن اقتصار النخب التعليمية في المدارس المتفوقة لن يفيد بعد اليوم الأنظمة التعليمية، في مسيرة تطويرها، لذلك دعت الإمارات إلى الاستفادة من تلك التجارب، لكي تتمكن من تلبية طموحها خلال السنوات المقبلة وفق الخطط الاستراتيجية التي تضعها. ولفتت إلى أن التأثير السلبي لحصرية المهارات لا يتوقف عند حجب المهارة عن أفراد المجتمع أو الطلبة فقط، بل إن الخسارة ستمتد إلى الجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية. فبوجود نسبة كبيرة من فاقدي المهارات، ستزداد نسبة العاطلين عن العمل، وبالتالي فإما سيزداد اعتمادهم على ما تقدمه الدولة من مساعدات، أو سيؤدي إلى عدد من الظواهر الاجتماعية السيئة. التدريب المستمر ولفتت إلى أنه حتى المؤسسات في الإمارات وفي أي دولة في العالم ، يجب أن تستمر في تدريب موظفيها والعاملين فيها، لأنه ستظهر أدوات وتقنيات وتكنولوجيا جديدة في مختلف المجالات يجب أن يكونوا دائماً على استعداد لها. وأكدت على ضرورة نشر ثقافة جديدة بين أفراد المجتمع تدفع السكان لحب التعلّم والتدرب والفضول. مستقبل غامض وأكدت ايشنغر أنه مع تكنولوجيا التعليم الجديدة، سيكون هناك أشكال مختلفة للتخصصات العلمية، كما أن الطلب سيزداد على بعض منها وسيختفي عن البعض الآخر، إلا أن المشكلة تكمن في أن لا أحد يعلم حقاً أشكال هذا التغيير. ولفتت إلى أنه ما يجب التركيز عليه حالياً هو الابتكار والإبداع، وأن يكون التعليم مرناً من خلال المهارات، وعدم جعل الطلبة والمعلمين وأفراد المجتمع بشكل عام عرضة للخوف من تلك التغييرات التي تتسم بملامح غير واضحة بعد. وأشادت في الوقت نفسه بتوجهات دولة الإمارات نحو تعزيز مفاهيم الابتكار والإبداع على المستوى الحكومي وبين أفراد في المجتمع. وقالت إن واجب الطالب في المرحلة المقبلة أن يعلم أن التدريب المستمر هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يبقيه حاضراً وفاعلاً في العمل والمجتمع. أما واجب المعلم فهو بالإضافة إلى التدرّب أيضاً، فإن من مهامه الأساسية داخل الصف المدرسي تحفيز الفضول لدى الطلبة الذي يعدّ أمراً أساسياً في الأنظمة التعليمية، كون الطالب لم يعد متلقياً للمعلومة وإنما الباحث عنها. وكذلك تعزيز عنصر الثقة بالنفس الذي يحتاج إليه الطلبة لمواجهة الكمّ الهائل من المعلومات والعروض العلمية، وبالتالي تحليلها واختيار ما يناسبهم وما يريدونه منها، إلى جانب الرصد والملاحظة وبناء النتائج ومعرفة أي خيار سيسلكونه في التعليم والمهنة على حدّ سواء. الوصفة السحرية وأشارت ايشنغر إلى أن الوصفة السحرية للتعليم الإلكتروني في عصرنا هي دمج المعلم صاحب المهارة والخبرة والكفاءة مع التقنيات الجديدة داخل البيئة الصفية، والتي من شأنها إعطاء النتائج الجيدة، لافتة إلى أن أفضل البلدان والأكثر نجاحاً في تطبيق تلك الخلطة ضمن أنظمتهم التعليمية هي كوريا وفنلندا. ودعت ايشنغر دولة الإمارات التي تخطو خطوات سريعة في التحول إلى التعليم الإلكتروني والذكي إلى الاستفادة من تلك التجارب، منبهة في الوقت نفسه إلى أن هناك سياسات عامة يمكن تطبيقها في بيئات أخرى خارج البلد الأم، وممارسات معينة تخص البلد وحده ولا يمكن استيرادها أو الاستفادة منها. وقالت إن ما يمكن فعله هو دعوة الخبراء من البلدان أصحاب التجربة، واطلاعهم على الواقع وعلى خصوصية النظام التعليمي في دولة الإمارات للتمكّن من مواءمة التطبيق. أما الجانب الأهم فيبقى تدريب الكادر المحلي والاستفادة قدر الإمكان من تجربة الخبراء ونقل معرفتهم. لذلك فإن التحدي بالنسبة للإمارات، ولأي بلد راغب في تبني تكنولوجيا التعليم، يكمن ليس في تجهيز البنية التحتية وشراء التكنولوجيا، وإنما في توظيف كوارد تعليمية تتمتع بالمهارات والتدريب اللازم، وإلا فلن تلمس وزارات التعليم أي تغيير في الأداء العام للمدارس والطلبة. وأشارت ايشنغر إلى أن هناك حملات لاستبدال المعلم بالوسائل التقنية الجديدة، لافتة إلى أن ذلك حتماً لا يجدي. وأكدت أن التكنولوجيا في المدارس تحتاج إلى أن تترافق مع رقابة وتوجيهات عناصر بشرية مدربة. ولتأكيد ذلك، شرحت أنه تمّ إجراء اختبارات مع أطفال الروضات من خلال عرض فيديو وألعاب بلغة تختلف عن لغتهم الأم. وبالرغم من الأطفال كانوا مذهولين ومتفاعلين مع المواد المعروضة، إلا أنه تبيّن أنهم لم يتعلموا شيئاً. لكن في الجلسة الثانية من الاختبارات التي حضرت فيها المعلمات، ظهرت قابلية الأطفال للتعلّم من خلال المواد المعروضة نفسها. النتائج بالدليل وأوضحت إن المنظمة توصلت إلى تلك النتائج بالدليل، إلا أنه لا يوجد أي دراسة تبيّن ما اذا كانت النتائج هي نفسها مع المراهقين في المراحل التعليمية المتقدمة. وأشارت إلى أنه بالرغم من غياب الدراسات في هذا الجانب، إلا أنه هناك ظواهر معينة قد توصلنا إلى النتيجة نفسها. وقالت إن إحدى الجامعات المرموقة في التعليم الإلكتروني الصرف تدعى «ذا موكس»، تشهد نسبة عالية من التسرّب الطلابي. وفي تحليل لذلك، يظهر أن هناك أسباباً عدة أدت إلى ذلك أهمها غياب التواصل البشري، وبالتالي غياب المساعدة والدعم المباشر للطلبة. وقالت إن ذلك سيؤدي في النهاية إلى إعادة هؤلاء الطلاب إلى نظم التعليم التقليدية ليخسروا بذلك فرصة في بناء مهاراتهم بما يتوافق مع التحديات المقبلة. عنصر جديد وأضافت إنه من المسائل التي تواجهها مختلف الأنظمة التعليمية في العالم التي يوجد فيها نسبة عالية من الوافدين ومنها الإمارات، حركة التنقل المستمرة في صفوف المعلمين. ولفتت إلى أنه على الدول أن تعلم أن تلك الحركة لن تتوقف، بل إنها تشهد تزايداً مستمراً بسبب المرونة الكبيرة في توظيف أصحاب المهارات في بلدان الاغتراب لمجرد التمكّن من تعلّم لغة البلد. وقالت إن هذا عنصر جديد يجب على الأنظمة التعليمية أن تعرف كيف تتعامل معه. وأكدت أنه لا بد من الاستفادة من خبرات الوافدين لأطول مدة ممكنة من خلال تقديم المميزات والمنافع، والسعي إلى دفع الكوادر المحلية إلى التعلّم منهم بسرعة وفاعلية. سمعة مهنة التعليم لفتت باربرا ايشنغر مديرة التعليم في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن المنظمة قد رصدت فعلاً تراجع سمعة مهنة التعليم في العالم، خصوصاً بالنسبة للذكور، مشيرة إلى أن المهن العلمية أو المصرفية أكثر جاذبية بالنسبة لهم من التعليم. وقالت إن تغيير تلك الصورة يتم من خلال عدد من الخطوات منها توعية المجتمع بأهمية المعلم وإعطائه ما يستحق من التقدير والاحترام خصوصاً أمام الطلبة في مختلف المراحل التعليمية. والخطوة الثانية هي رفع الرواتب لتنافس بذلك المهن الأخرى، واستقطاب الطلبة المميزين في دراستهم الجامعية إلى قطاع التعليم، والإصرار على تقديم أنظمة تدريبية فائقة التميز وليس التدريب الروتيني السنوي. وأشارت إلى أن بعض تلك الخطوات تحتاج إلى سياسة حكومية لتنفيذها، لافتة إلى ضرورة توعية المجتمع بأهمية الاستثمار في التعليم. وقالت إنه في الوقت الذي يعدّ فيه اختصاص التعليم في الجامعات المرموقة من الدرجة الثانية، إلا أن بعض الدول التي تتمتع بأنظمة تعليمية متميزة على المستوى العالمي مثل فنلندا، تمكنت ليس فقط من رفع سمعة مهنة التعليم، وإنما تعزيز التنافسية بين الأفراد للتمكّن من دخول سلك التعليم. وقالت إن فنلندا رفعت معايير التدريب في مهنة التعليم، لذلك فإنه لا يتم قبول سوى نسبة قليلة جداً من المتقدّمين إلى المهنة، الأمر الذي خلق تنافساً كبيراً بين الراغبين بالتعليم. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعليم هناك مقروناً بالبحث أيضاً، وهو أمر مطلوب من الأساتذة طوال العام على المستوى المهني، بالإضافة إلى إعداد البحوث مع الطلبة داخل الصفوف. وقالت إن ذلك من شأنه ضخّ التجديد الدائم في مهنة التعليم وتحويلها إلى قطاع حيوي ثري، مشيرة إلى أن كل ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الطالب، الذي ستكون مهنة التعليم لاحقاً إحدى خياراته من دون شك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©