الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام يواجه المفسدين بأشد العقاب

الإسلام يواجه المفسدين بأشد العقاب
26 مارس 2015 23:05
أحمد مراد (القاهرة) أكد علماء الدين أن الإسلام يعتبر عمارة الأرض وإصلاحها عبادة وجهاداً في سبيل الله تعالى، مشيرين إلى أن العمل على تحقيق التنمية في مقدمة اهتمامات الإسلام الحنيف إلى جانب عبادة الله تعالى. وشدد العلماء على أن شريعة الإسلام جاءت مليئة بالمبادئ والقيم والتشريعات التي تهدف إلى إعمار الأرض بأفضل منهج متوازن يحقق الاستقرار للبشر، وقد حث على بذل الجهد في الإعمار حتى آخر لحظة من العمر، وفي المقابل وضعت الشريعة الغراء أشد عقوبة ضد المفسدين في الأرض والمتمثلة في حد الحرابة. التنمية المتكاملة يوضح الشيخ محمد زكي - الأمين العام الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أن العناية بعمارة الأرض والعمل على تحقيق التنمية فيها من أبرز وأهم المعالم الرئيسية لمنهج الإسلام، وهي تمثل الشق الثاني من المقاصد التي خلق الله سبحانه وتعالى من أجلها الإنسان إلى جانب الشق الأول المتمثل في عبادة الله تعالى وخلافته في أرضه، وفي هذا يقول الله تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا...)، «سورة هود: الآية 61»، ومعنى «استعمركم» طلب منكم عمارتها وإصلاحها، وتحقيق التنمية المتكاملة والدائمة فيها سواء المادية أو البشرية، وهو الأمر الذي يتطلب رعاية البيئة بكل مكوناتها من إنسان وحيوان ونبات وجماد، وحمايتها من التلوث والفساد الناشئ من التجاوزات، فضلاً عن الحفاظ على التوازن البيئي والتوازن الكوني الذي أقام الله سبحانه وتعالى عليه خلقه، وأجرى به سننه، ويدخل في هذا الإطار أيضاً التعاون بين البشر على كل ما ييسر المعيشة للناس، وكل ما يشيع الجمال وحسن الخلق والسلوك في الحياة البشرية. ويؤكد أن الدين الحنيف يعتبر عمارة الأرض وإصلاحها عبادة وجهاداً في سبيل الله تعالى، ومن هنا جاءت دعوة الإسلام لسكان الأرض مسلمين وغير مسلمين إلى أن يتحدوا فيما بينهم ليحافظوا على أرضهم، ويواجهوا الأخطار المهددة لهم، ويتصدون لمن يفسدون فيها بعد إصلاحها، وقد جاء في القرآن الكريم أن نبي الله صالح عليه السلام حذر قومه قائلاً: (وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ)، «سورة الشعراء: الآيتين 151 - 152». كما ينبغي على أهل الأرض وسكانها جميعاً أن يحافظوا على الميزان الكوني الذي وضعه الله تعالى في الأرض، (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)، «سورة الرحمن: الآيات 7 - 9»، بدلاً من أن يحارب بعضهم بعضاً، وفي هذه الحرب يفسدون الأرض ويخربونها. الرزق مضمون ويشير الشيخ منصور مندور- من علماء الأزهر - إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الأرض، وضمن فيها الرزق لكل خلقه، وفي هذا الشأن يقول تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)، «سورة هود: الآية 6»، وقال جل شأنه: (... وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا...)، وكذلك قال سبحانه: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)، «سورة الأعراف: الآية 10»، وبذلك كله تقوم وتنشأ حضارة متوازنة، تكرم الإنسان وتعتبره خليفة الله في الأرض، وتساعده على أن يستمتع بطيبات ما خلق الله، وما سخر له، وما ينزل من بركات السماء والأرض، وفي هذا كله دعوة صريحة من الله تعالى إلى الإنسان لكي يعمل على عمارة الأرض، ويسعى إلى أن ينعم بنعم الله ولا يسيئ استخدامها. ويقول: جاءت شريعة الإسلام مليئة بالمبادئ والقيم والتشريعات التي تهدف إلى إعمار الأرض بأفضل منهج متوازن يحقق الاستقرار النفسي والروحي للإنسان، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة «نخلة صغيرة»، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها»، وفي هذا الحديث النبوي دعوة صريحة إلى العمل على إعمار الأرض حتى آخر لحظة في العمر أو آخر لحظة في عمر الحياة على الأرض. عقوبات المفسدين وتقول الباحثة الإسلامية الدكتورة خديجة النبراوي: اهتم الإسلام بعمارة الأرض وأولاها عناية فائقة، حيث خلق الله تعالى الكون وهيأ فيه الظروف المثلى للحياة السعيدة المستقرة، ثم استخلف فيه الإنسان ليقوم بإعماره على الوجه الأكمل الذي يحقق به مرضاة ربه وخدمة بني جنسه وخدمة الكون من حوله، ومن أجل أن تستمر عمارة الأرض ويستمر العمل على تنميتها وإصلاحها جاء تحريم الإسلام لسفك الدماء والعدوان والبغي والإفساد في الأرض، فذلك كله يهدد عمارة الأرض ويهدد الحياة فوقها. وتضيف: وفي سياق التشريع القانوني وضعت أشد عقوبة وأقساها في الإسلام ضد المفسدين في الأرض، وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، «سورة المائدة: الآية 33». وفضلاً عن أن الإسلام حارب السلبية في كل مظاهرها ورفض الترهب والاعتزال والانسحاب من الحياة العامة، وضاعف الأجر بالعمل، وحث على الضرب في الأرض والمشي في مناكبها، وحذر من الطرق المؤدية إلى تبديد الحضارات وتلاشي عمرانها وهلاك الأمم، كذلك جعلت تشريعات الإسلام إعمار الأرض المهملة سبباً مباشراً لتملكها في ما يعرف عند الفقهاء بإحياء الموات، وحرمت الشريعة الإسلامية تقطيع الأشجار أو حرقها إلا لضرورة ملحة. وتشير إلى أن المتأمل في فقه العمارة في الإسلام يجده فقها راقياً يتناول الإعمار من أبعاده كلها وعلى كل المستويات، فقد بدأ بإعمار أهم كائن في الكون والذي لا شك أنه أكبر مؤثر في ما حوله من كائنات ألا وهو الإنسان، فاهتم بإعمار نفس الإنسان أولاً، وتزكية إيمانه قبل كل شيء وتعزيز روح التضحية والجهاد في النفس الإنسانية حتى تسمو إلى عوالم الإيثار، والإعمار المعنوي للنفوس هو الأساس الذي ينبني عليه إعمار الأرض، ولا يمكن أن نؤسس لحضارة إنسانية عظيمة إلا بإعمار وتزكية الجانب الخلقي والإنساني فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©