الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عقبات «تقرير المصير»

19 سبتمبر 2009 00:02
رغم انقضاء أكثر من أربع سنوات على توقيع اتفاق السلام والمشاركة في حكم السودان، فان الشريكين، «حزب المؤتمر الوطني» (الإنقاذ) و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» (التمرد الجنوبي)، لم يصلا إلى مرحلة توافق سياسي تام حول كثير من القضايا المهمة. ومنذ البداية فقد كان واضحاً أن الاتفاق والتواؤم بين مجموعة تقول إنها جاءت لتطبيق الشريعة الإسلامية وأخرى ذات توجه علماني خالص، لم يكن أمراً متوقعاً. وقد بلغ الاختلاف بين الشريكين مداه قبل عامين عندما قررت مجموعة أعضاء «الحركة الشعبية» في مجلس الوزراء الإضراب عن العمل لبضعة أسابيع حتى تذلل الصعاب التي قالوا إنهم يواجهونها في أداء واجباتهم الوزارية. وتم التراضي بعد حين. إن العلاقة بين الشريكين صارت أشبه بسيارة نقل محملة بالكثير، لكنها تسير على طريق من المطبات والعوائق لا ينتهي. واليوم، ونحن على أعتاب مرحلة حاسمة لهذا الحكم، فإن نقاط الاختلاف تفاقمت مرة أخرى ولم تجد حتى الآن الوساطة التي قام بها مبعوث الرئيس الأميركي أوبـاما إلى السودان الجنرال سكوت جرايشن في حسم نقاط الاختلاف. ويمكن تلخيص العقبات الحالية ونقاط الافتراق في عدد من القضايا أهمها: - ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وحتى أزمة منطقة «أبيي» التي لجأ فيها الطرفان للتحكيم الدولي وقبلا بما قرره المحكمون، لازالت قائمة بسبب مشاكل تعرقل التطبيق. - قانون ينظم طريقة وأسس إجراء الاستفتاء بعد عامين ليقول الجنوب رأيه؛ هل يبقى ضمن السودان الموحد أم ينفصل؟ - الإحصاء السكاني الذي أجري قبل عام أو أكثر وظلت الحركة الشعبية ترفض نتائجه وتقول إنه لم يكن دقيقاً ولا سليماً في إجراءات تنفيذه. إن الاختلاف حول تلك القضايا من شأنه أن يكون له تأثير سالب على عدد من الخطوات الواجب تنفيذها خلال العامين المقبلين. فالاختلاف على نتائج الإحصاء يشكل عقبة أمام إجراء الانتخابات العامة في كل أنحاء السودان، وكذلك تناقض المواقف حول الحدود. أما تباين الرأي حول قانون الاستفتاء فإنه يجعل تنفيذ شرط مهم من شروط الاتفاقية، وهو تقرير المصير للجنوبيين، أمراً مستحيلا. وهناك تضاد واضح بين الشريكين حول أساس قانون الاستفتاء الذي ينتظر تنظيمه؛ ففي حين يرى «المؤتمر الوطني» أن تكون نسبة التصويت التي ينبغي الالتزام بها (انفصال أو اتحاد) هي 75في المئة من جملة المصوتين، تري الحركة الشعبية أن تكون النسبة بسيطة وهي 50في المئة + 1. إضافة لذلك فإن الحركة الشعبية تتمسك بأن يجري الاستفتاء بين الجنوبيين المقيمين في الجنوب فقط في حين يرى الشريك الآخر أن يشمل الاستفتاء الجنوبيين المقيمين في الشمال، إضافة إلى الجنوبيين المقيمين في الجنوب. وللعلم فإن الجنوبيين الذين يقيمون الآن في الشمال يعدون بمئات الألوف وقد يصلون إلى المليون أو أكثر، وبعضهم لا يريد العودة للجنوب ويفضل البقاء في الشمال. إن استمرار الاختلاف بين شريكي الحكم الأساسيين لاسيما في قضايا حاسمة كتلك التي أشرنا إليها، قد رفع من وتيرة الحماسة بين عدد من أحزاب المعارضة للسعي في التقرب من «الحركة الشعبية» بهدف التنسيق معها أو حتى التحالف في مرحلة الانتخابات إذا كان ذلك متاحاً. ولهذا نلحظ توالي زيارات عدد من قادة الأحزاب المعارضة لعاصمة الجنوب جوبا؛ ففي الأيام الأخيرة زارها الصادق المهدي، ثم الدكتور حسن الترابي الذي أعلن أنه يتفق مع الحركة الشعبية في أن تكون نسبة التصويت في الاستفتاء هي 50 في المئة + 1. كذلك من الواضح أن الحركة الشعبية بدورها تريد أن تعزز موقفها بالتوافق، ولو في حدود، مع بعض أو كل أحزاب المعارضة، ولذلك فقد وجهت الدعوة لكل الأحزاب دون استثناء لـ«المؤتمر الوطني» لعقد مؤتمر في عاصمة الجنوب لبحث كل القضايا التي تشغل بال الشعب السوداني في الجنوب وفي الشمال. وكان مقررا لهذا المؤتمر أن يعقد يوم الجمعة الماضي إلا أنه تأجل إلي ما بعد عيد الفطر المبارك. محجوب عثمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©