الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السياسات العربية في وثائق ويكيليكس

31 مارس 2011 00:11
تكشف الوثائق والبرقيات السرية التي نشرها موقع "ويكيليكس"، والتي وصل عددها إلى ما يزيد على 250 ألف برقية ورسالة سرية تناقلتها كبريات الصحف العالمية في صدر صفحاتها الأولى، والتي تصدرت التغطيات الإخبارية لكافة وسائل الإعلام في الولايات المتحدة وفي الغرب والعالم العربي على حد سواء عن مدى الخلل الكامن في السياسات العربية. وعلى الرغم من أن كشف هذا الخلل ليس بجديد، لكنه هذه المرة توثقه برقيات متبادلة بين دبلوماسيي الولايات المتحدة المعتمدين لدى الأنظمة العربية الحليفة لها ووزارة خارجيتهم. وتتمثل أوجه هذا الخلل في سياسات الأنظمة العربية في الآتي: تكشف الوثائق عن بون شاسع بين ما يُقال في الخطب والكلمات والأحاديث الرسمية للقيادات والرؤساء العرب الموجهة إلى شعوبهم، وما يقال خلف الأبواب الموصدة، وهو ما يُظهر غياب أسس الشفافية والمحاسبية، ناهيك عن تهميش الرأي العام العربي وعدم أخذ أراء المواطن العربي بعين الاعتبار عند صياغة السياسات العربية. وتؤكد الوثائق المُسربة أن الرأي العام العربي لا يُعد أحد محددات صناعة القرار العربي في ظل أن بعض الأنظمة العربية لا تمثل مواطنيها لوصولها إلى سدة الحكم بانتخابات فاقدة للنزاهة والشفافية. الوثائق التي تم تسريبها تشير إلى أن الدول العربية عاجزة عن مواجهة التهديدات الخارجية بمفردها، بل إنها لا تستطيع مواجهتها بمعزل عن الولايات المتحدة، في ظل غياب استراتيجية للدفاع العربي المشترك وحرب العراق الأخيرة (مارس 2003) خير دليل على ذلك بالإضافة إلى كثير من الشواهد التاريخية التي تؤكد غياب التوافق العربي بشأن المواجهة الجماعية لتهديدات النظام العربي والتي لا يتسع المقام لذكرها. كما تكشف الوثائق عن رغبة عربية في إخفاء كثير من الاتصالات والأحاديث بين دبلوماسيي الولايات المتحدة ومسؤوليها وبين المسؤولين والقيادات العربية، وكثير من أوجه العلاقات الأميركية العربية والمساعدات التي تقدمها الأنظمة العربية للولايات المتحدة خدمة للمصلحة والأمن القومي الأميركي عن شعوبها في وقت مازالت العقول والقلوب العربية معبأة بصورة سلبية عن الولايات المتحدة رغم المحاولات الأميركية لتحسين تلك الصورة وكسب القلوب والعقول العربية. وتهدف القيادة العربية من إخفاء أبعاد العلاقات الأميركية- العربية الحفاظ على صورتها وكرامتها الشخصية أمام شعوبها ومعارضتها الوطنية وحفاظاً على مستقبلها السياسي الذي هو محك من وقت إلى آخر. ففي هذا السياق كشفت إحدى الوثائق السرية المنشورة عن رفض الرئيس اليمني الإعلان عن أن الضربات الأمنية ضد معاقل التنظيمات الإرهابية في اليمن هي ضربات أميركية، ولكن الإصرار على الإعلان بأنها ضربات من قبل الحكومة اليمنية ضد المنظمات والعناصر الإرهابية التي تنشط على الأراضي اليمنية، حتى لا يثور الشعب والمعارضة اليمنية ضده. أخيراً جاءت كثير من الوثائق والبرقيات الدبلوماسية السرية التي كشف عنها لتؤُكد تراجع قضية الصراع العربي- الإسرائيلي من على أولوية قضايا المحادثات بين المسؤولين الأميركيين ونظرائهم العرب، على غير ما تتشدق به كثير من القيادات العربية في تصريحاتها، وهو ما يكشف عن تحول في أولويات العمل والنشاط العربي. كما أن المحادثات العربية مع النظراء الأميركيين والغربيين بشأن قضايا الصراع العربي ـ الإسرائيلي لا تتطرق إلى قضايا الحل النهائي لقضية الصراع العربي الإسرائيلي كقضية المياه واللاجئين والحدود وشكل الدولة الفلسطينية المزمع الإعلان عنها، ولكن الحديث يقتصر على حلول قصيرة الأجل وفي الكثير منها حلول تسكينية. ناهيك عن كشفها عن ترتيبات أمنية بين دول عربية وإسرائيل تحقق أهدافاً أمنية إسرائيلية بالأساس. وختاما، فإن الوثائق رغم أنها لم تكشف عن جديد فيما يخص الخلل في سياسات الأنظمة العربية وكثير من نقاط الضعف في النظام الإقليمي العربي إلا أنها أبرزت مدى هذا الخلل في وقت تمر به كثير من الأنظمة السياسية العربية بعديد من الأزمات الداخلية العاصفة التي تهدد مستقبلها السياسي. ومـع أن القيادات والأنظمـة العربيـة هي أكبر الخاسرين من الكشـف عن تلـك البرقيات السرية مقارنة بالدول التي ورد ذكرهـا وذكر أسمـاء مسؤوليها بتلـك البرقيات السريـة، إلا أن ذلـك لـن يمثل نقطـة تحـول في العلاقات العربيـة- الأميركية تؤثر على قوة ومتانـة العلاقـات، كما تقدمها كثير من الأنظمة العربية للمصلحة والأمن القومي الأميركي في ظل ضعف تلك الأنظمة داخليا مما يجعلها في حاجة ماسة ومستمرة للولايات المتحدة الأميركية ودفع المقابل المستمر لتلك الحاجة الماسة. عمرو عبد العاطي كاتب مصري ينشر بترتيب مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©