الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فرنسا: مطاردو النازيين يستهدفون فناناً ساخراً

10 يناير 2014 23:25
عادت الحياة فيما يبدو إلى أشهر أسرة في أوروبا في مجال مطاردة النازيين السابقين، لكن الأسرة تطارد هذه المرة خصماً مختلفاً: إنه الفنان الفرنسي الكاميروني الساخر المثير للجدل «ديودونا مبالا-مبالا»، الذي تصدر عناوين الصحف خلال الآونة الأخيرة، بعد أن استخدم نجم كرة القدم الفرنسي «نيكولاس انيلكا» إشارة شهيرة للفنان الهزلي تفسر على نطاق واسع بأنها التحية العسكرية النازية، ما أثار جدلاً واسعاً بشأن معاداة السامية في أنحاء أوروبا. واشتهر الزوجان «بيتي» و«سيرجي كلارسفيلد»، وكلاهما الآن في السبعينيات من العمر بأنهما تعقبا على مدار نصف القرن الماضي مجرمي الحرب النازيين الذين نجوا من الاضطهاد. ورغم أن أيامهم في تعقب النازيين قد ولت تقريباً، فقد دعا الزوجان وابنهما «ارونو» إلى احتجاج على عرض لـ«ديودونا» في مدينة «نانت» الفرنسية. وفي السابع من يناير، أي قبل يوم من العرض المقرر، أعلنت السلطات في «نانت» إلغاء الحفل لتصبح «نانت» ثالث مدينة بعد «بوردو» و«مارسليا» تحظر عروض الفنان الهزلي الشهير. وطالب الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند المدينة بأن تحظر أيضاً العرض المنفرد لـ«ديودونا». لكن هذا لن يعرقل «ديودونا»، الذي يتمتع بغطاء الهزل والسخرية وبالنجاح الكبير الذي حققه في مشواره الفني وبقاعدة الجمهور التي تعشق ألاعيبه المبهرة والمفاجئة على خشبة المسرح. ومعظم عروض الفنان الفرنسي تقام على مسرحه المعتاد في باريس وبيعت تذاكرها بكاملها ومقاطع الفيديو لعروضه تحظى بملايين المشاهدات. ومنذ عام 2000 تم تغريم الفنان الشهير 65 ألف يورو، أي نحو 88 ألف دولار لاتهامه بتشويه السمعة واستخدامه لغة الإهانة والكراهية والتمييز. ويوم الجمعة الماضي تعهد وزير الداخلية الفرنسي «مانويل فالز»، بأن يضمن أن يدفع الفنان الكوميدي الغرامات التي ذكرت تقارير إنه تهرب منها بعد أن سجل ممتلكاته باسم زوجته. وقال «أرنو كلارسفيلد» لوكالة الأنباء الفرنسية إن ديودونا «يوحد المعاديين للسامية من جميع المشارب من الإسلاميين واليساريين المتطرفين واليمينيين المتطرفين... وعروضه أشبه باجتماعات سياسية لمعاداة السامية». ورغم أن «ديودونا» هو الذي يحظى بكل الاهتمام في هذه الضجة الإعلامية، فإن أسرة «كلارسفيلد» هي الأكثر إثارة للاهتمام بكثير. فالأسرة تنتمي إلى ناد صغير من محترفي متعقبي النازيين- وهم رجال ونساء كرسوا حياتهم لتعقب مجرمي الحرب العالمية الثانية وعرضهم على العدالة. ورغم أنهم لم يبلغوا الشهرة التي حظي بها «سيمون فايزنتال»، فالآليات التي تعمل بها أسرة كلارسفيلد في تعقب النازيين جعلتهم موضوعاً لكثير من عناوين الصحف في الصفحة الأولى على مدار سنوات ليدخلوا المحاكم، ويستفزوا التدبير لمحاولات استهدفت قتلهم، بما في ذلك زرع قنبلة في سيارة عام 1979. ففي عام 1960 التقى العاشقان اللذان كانت تحول بينهم الحوائل، وهما بيتي، ابنة جندي من جيش النازي، وسيرجي الذي اختفى والده في معسكر للتصفية. وبدأت مهمة حياتهما في تعقب النازيين بعد ذلك بقليل. وفي عام 1968 اشتهرت بيتي بعد أن صفعت المستشار كورت كيسينجر النازي السابق الذي وصل إلى السلطة في ألمانيا بعد الحرب على وجهه في اجتماع رسمي علني. وفي عام 1973، ذهب «سيرجي» إلى «كورت ليشكا» القائد البارز للوحدة الوقائية من أصحاب القمصان السود التابعة للحزب النازي ورئيس جهاز الأمن السري المعروف باسم «جستابو» ووجه مسدساً إلى رأسه. وحكم على «ليشكا» في نهاية المطاف بالسجن عشر سنوات لإدانته في اتهامات بارتكاب جرائم حرب. وفي أشهر عملية لأسرة «كلارسفيلد» لتعقب النازيين، نجحت الأسرة في تعقب «كلاوس باربي» الذي كان قائداً لجستابو في مدينة «ليون» الفرنسية، والذي كان يختبئ في بوليفيا وترحيله إلى فرنسا ومحاكمته بعد محاولة فاشلة لخطفه. فتعقب النازيين هو عمل الأسرة إذن، ومنذ ثمانينيات القرن الماضي عمل الزوجان مع ولديهما «أرنو» و«ليدا» وكلاهما محاميان. و«أرنو» مساعد سابق للرئيس الفرنسي، ويعتقد، على نحو يثير الحرج، أنه كان صديقاً سابقاً لكارلا بروني، زوجة ساركوزي. وقد تصدر «أرنو» نفسه عناوين الصحف، وأصبح يوصف بأنه حبيب صحف «التابلويد» الفرنسية. وفي واحدة من القضايا قدم ثلاثة أعضاء من أسرة تعقب النازيين أدلة ضد مجرم حرب سابق. وتشتهر أسرة كلارسفيلد بدأبها الذي لا يكل في أداء رسالتها في عرض النازيين السابقين أمام العدالة. وفي الأول من يناير منح سيرجي وسام جوقة الشرف الفرنسي من رتبة ضابط عظيم، ومنحت «بيتي» الوسام نفسه من رتبة قائد. وكان الزوجان «كلارسفيلد» كلاهما طفلين صغيرين أثناء الحرب العالمية الثانية، وهما أصغر بكثير ممن قاموا بطردهم من النازيين. ومع تقدم السن، وبعدما لم يتبق من النازيين إلا حرس السجون الذين كانوا جنوداً صغاراً أيام النازية، وهم الآن عجائز تجاوزوا التسعين عاماً، فقد كيفت الأسر رسالة حياتها. وتركز الأسرة الآن على إحياء ذكرى المرحلين اليهود من فرنسا ويعملون مع أبنائهم. وفي عام 2009، وبعد خمسة عقود من العمل، قالت الأسرة لهيئة الإذاعة البريطانية «بي. بي. سي»، إن مهمتهم في المطاردة قد انتهت. لكن بعد خمس سنوات فحسب، أعادت هزليات «ديودونا» المعادية للسامية، وظهور إشارات نازية في ملعب كرة القدم الحياة إلى الزوجين لينبعثا من تقاعدهما. وبقليل من الجهد جعلوا حياة الفنان الشهير أصعب. دويودونا، استجمع قواك فأمامك معركة صعبة. هانا كوزلوسكا وكاتلين فوسيت كاتبتان أميركيتان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©