الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة الغذاء تعيد القطاع الزراعي في آسيا إلى مركز الاهتمام

أزمة الغذاء تعيد القطاع الزراعي في آسيا إلى مركز الاهتمام
18 يوليو 2008 00:51
عندما قفز سعر الأرز إلى ألف دولار للطن الواحد في مايو الماضي، وهو تقريبا ضعف سعره قبل خمسة أشهر من ذلك التاريخ اضطرت حكومات الدول الآسيوية إلى القيام بخطوة لم تقدم عليها منذ عقود وهي الاهتمام الجاد بالقطاع الزراعي الذي عانى من الإهمال على مدى سنوات· وخلال الأعوام الماضية اتجهت خلالها الأنظار نحو التنمية الصناعية وتطوير مشروعات البنية الأساسية اللازمة للصناعة وحركة التجارة داخليا وخارجيا والخدمات دون أي اهتمام بالفلاحين الذين يزرعون الأرض منذ آلاف السنين· وشهد القطاع الزراعي الآسيوي فترة ذهبية خلال الستينيات أثناء ما عرف باسم الثورة الخضراء التي استهدفت تطوير القطاع الزراعي كقاطرة لتطوير المناطق الريفية في أغلب الدول الآسيوية وذلك قبل أن تحقق تلك الدول معجزتها الاقتصادية خلال الثمانينيات والتسعينيات· وتزامنت الثورة الخضراء في آسيا مع ظهور بذور عالية الإنتاجية للمحاصيل الرئيسية مثل الأرز والذرة والقمح وزيادة في الإنفاق العام على مشروعات البنية الأساسية في المناطق الريفية فازدادت إنتاجية القطاع الزراعي وأصبح الجوع شيئاً من الماضي· وساعدت الضرائب المفروضة على القطاع الزراعي وبخاصة على الحاصلات التصديرية في تمويل عملية التحول الاقتصادي خلال الثمانينيات في اتجاه اقتصاد الصناعة والخدمات فقام الاقتصاد الحديث على أكتاف المزارعين الفقراء، ومع الوقت تم إلغاء أغلب الضرائب المفروضة على القطاع الزراعي· وألغت تايلاند الضرائب على الصادرات الزراعية عام 1986 ثم أقدمت الدول الآسيوية الأخرى على خطوات مماثلة بعد ذلك، وقد ألغت الصين كل أشكال الضرائب المباشرة على القطاع الزراعي عام 2006 كما وافقت على خطة لدعم المزارعين بمبلغ 6ر5 مليار دولار العام الماضي وفقاً لبيانات البنك الدولي· كما قامت الحكومات الأخرى في آسيا بخطوات مماثلة أيضا مثل تايلاند التي بدأت دعم المزارعين من خلال نظام لدعم الأسعار وبخاصة سعر الأرز وهو المحصول الذي تفوقت فيه تايلاند على كل دول العالم لتصبح أكبر مصدر للأرز في العالم منذ منتصف الستينيات· ورغم أن الدعم هو إحدى وسائل مساعدة القطاع الزراعي فإن خبراء اقتصاديين يرون أنه قد لا يكون أفضل هذه الوسائل بالضرورة· وقال البنك الدولي في تقرير صدر في نوفمبر الماضي تحت عنوان ''الزراعة والتنمية'': إن نظام دعم الأسعار هو النظام المفضل لدى السياسيين عند الحديث عن مساندة القطاع الزراعي لأنه يعطي نتائج مباشرة وسريعة في حين أن الأشكال الأخرى للمساندة مثل دعم الأبحاث العلمية في مجال الزراعة ومشروعات البنية الأساسية في المناطق الريفية لا تحظى بنفس القدر من الاهتمام لأنها تعطي ثمارها على المدى البعيد ولذلك فهي أقل جاذبية بالنسبة لصناع السياسة· ويلقي البعض باللوم في تناقص الاستثمارات العامة في مشروعات زيادة الإنتاجية الزراعية على المؤسسات التنموية الدولية مثل البنك الدولي· وتقول تقارير للأمم المتحدة: إن المساعدات التنموية الرسمية للقطاع الزراعي انخفضت بنسبة 57% خلال الفترة من 1983 إلى ،2000 ففي خلال تلك السنوات تركز الاهتمام الحكومي على الحد من عجز الموازنات العامة للدول وتشجيع الصناعات التصديرية والخدمات إلى جانب توجيه الأموال نحو قطاعي التعليم والصحة· ويقول شاميكا سيريماني الخبير الاقتصادي في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ: إن الحكومات تجاهلت القطاع الزراعي في تلك الفترة، وأضاف: أن الجانب المضيء في الأزمة الغذائية الراهنة التي تجتاح العالم هو أنها أجبرت الحكومات الآسيوية على إعادة التفكير في تطوير وتنمية القطاع الزراعي، فقد أثبتت الأزمة الحالية أنها أكثر من مجرد نقص مصطنع للمعروض في الأسواق ولا عمليات مضاربة على الأسعار لتحقيق الأرباح، فبشكل عام ستواصل أسعار المواد الغذائية ارتفاعها ما دامت أسعار النفط ترتفع، فالقطاع الزراعي يحتاج إلى الوقود لتشغيل الآلات الزراعية ونقل الإنتاج· كما يحتاج إلى الأسمدة الكيماوية التي تعتمد على النفط· ويرى خبراء أن أفضل وسيلة لكبح جماح أسعار الغذاء هي التركيز على زيادة إنتاجية القطاع الزراعي في آسيا لأنه سيؤدي الى زيادة دخل المزارعين وفي الوقت نفسه سيلبي الاحتياجات المتزايدة للمستهلكين· ورصدت الفلبين وهي أكبر مستورد للأرز في العالم مليار دولار لزيادة إنتاجها من الأرز وغيره من المحاصيل الغذائية من خلال دعم الأسمدة وإصلاح أنظمة الري وتخزين المحاصيل إلى جانب تقديم سلالات جديدة من المحاصيل عالية الإنتاجية· ويقول روبرت زيجلر مدير عامل المعهد الدولي لأبحاث الأرز ومقره الفلبين: إن كل دول آسيا أدركت الآن أهمية زيادة الاستثمار في القطاع الزراعي· وأشار إلى أن أفضل وجهة للاستثمارات العامة في القطاع الزراعي هي مجال الأبحاث والتطوير· وتشير البيانات إلى أن آسيا تخصص 4ر0% من إجمالي الناتج المحلي للإنفاق على الأبحاث والتطوير في القطاع الزراعي في حين تصل النسبة إلى 36ر2% في الدول الغنية· ورغم الاهتمام المتزايد بالقطاع الزراعي في آسيا فإن التحديات التي تواجهها هذه الدول عديدة بالفعل بدءاً بالارتفاع المستمر في أسعار مستلزمات الانتاج وانتهاء بظاهرة التغير المناخي التي تؤثر بشكل مباشر على إنتاجية القطاع الزراعي في العالم ككل· ومع ذلك يبقى الأمل في أن تؤدي الجهود الحكومية المتزايدة من أجل دعم القطاع الزراعي في محاصرة أزمة الغذاء التي يتعرض لها مئات الملايــــين من ســــــكان آسيا والعالم ككل·
المصدر: بانكوك
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©