الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متون

متون
17 يوليو 2008 02:43
كتاب يروي خفايا قصة الحب بين نيكولا ساركوزي وزوجته الجديدة كارلا بروني·· يسارية قلبها يخفق لليمين الطيب بشير كانت كارلا بروني (40 عاما)، وقبل زواجها الرسمي بأسابيع قليلة، بصدد زيارة الجناح الخاص بإقامة الرئيس الفرنسي بقصر الاليزيه للتعرّف على مختلف غرفه وصالوناته، وكانت دليلتها في هذه الجولة الاستكشافيّة رشيدة داتي، وزيرة العدل، (وهي من أصول مغربية)، ولمّا دخلتا معا غرفة النوم، التفتت كارلا ناحيّة السرير، ثمّ مالت على الوزيرة وقالت لها في نبرة بين الجدّ والهزل: ''لاشكّ أنك كنت تودّين أن يكون هذا السرير من نصيبك: أليس كذلك؟''، هذه الجملة فاجأت الوزيرة غير المتزوّجة، لكنّها فضّلت أن تلازم الصمت، فالكل يعلم أنّ رشيدة داتي هي صديقة مقرّبة جدا من سيسيليا الزوجة السابقة للرئيس الفرنسي، والكل يعلم أيضا أنّ الرئيس الفرنسي معجب بوزيرة العدل، ويحيطها بكل عناية وحماية، ويدافع عنها ويساندها ضد خصومها، وهم كثر، إلا أنّ أحدا لم يتجرأ على القول بأنّ رشيدة داتي تحبّ الرئيس وتحلم بالزواج منه مثلما لمّحت كارلا إلى ذلك· سابقة تلك هي بعض الخفايا الكثيرة التي كشف عنها كتاب ''القصة الحقيقية للعلاقة بين كارلا ونيكولا''، وهو كتاب صدر بباريس في 212 صفحة من تأليف فاليري بن نعيم وايف آزروال، ويتضمّن خبايا كثيرة سرّبتها زوجة الرئيس بنفسها في لقاءات لها مع المؤلفين الاثنين، وقد أثار الكتاب ضجّة في الأوساط السياسية والإعلامية، إذ لم يتعوّد الرأي العام الفرنسي على نشر زوجة الرئيس أسرارا خاصّة بعلاقتها بزوجها أثناء تقلده لمنصبه، بل إن نشر الكتاب اعتبر سابقة، فقد ورد فيه إن ساركوزي قال لحماته: ''إني، وبعد دقيقتين فقط من لقائي بابنتك تيقنت أنها امرأة حياتي''، كما روت كارلا، وهي مغنية، ان الرئيس ينتقل هذه الايام الى الاستديو الذي تسجل به البومها الجديد، ويمكث أحيانا ساعة بأكملها في الكواليس وهو يتابع باهتمام عمليات التسجيل، الامر الذي اثار دهشة واستغراب التقنيين الذين فوجئوا اكثر من مرة بكوكبة الحراس تقتحم المكان··· بل ان الرئيس تحدث الى مدير اعمال زوجته لنصحه بكيفية التعامل مع الصحافة والاعلام لضمان نجاح الالبوم الجديد· امرأتان·· ورجل أظهر الكتاب أن كارلا بروني ورشيدة داتي تحظيان بحب الرئيس، وبقدر ما كانت لديهما الرغبة في التعرّف الى بعضيهما بقدر ما بدأ الكره والجفاء يتسرب الى كل واحدة منهما تجاه الأخرى، فبالنسبة لكارلا فإنّ رشيدة داتي هي عدوّة محتملة، وقد طلبت الزوجة الجديدة من داتي الكفّ عن إرسال رسائل قصيرة إلى الرئيس في الصباح الباكر مثلما تعوّدت على ذلك من قبل، كما أن رشيدة داتي صرحت لأحد الصحافيين في كلام ليس للنشر بقولها: ''إن كارلا لا تطيقني بسبب صداقتي مع سيسيليا، وانّ عقلها يدور بسرعة 400 في الساعة، وحالما تستوعب ما ترغب في معرفته فلن تكون في حاجة الى كل الذين كانوا مقربين من زوجة الرئيس السابقة''، ولكنّ كارلا نفت وجود جفاء في العلاقة بينها وبين رشيدة داتي قائلة: ''اني التقي بها باستمرار، وهي لخفة ظلها تضحكني، ولا شك ان الإشاعات التي تنشر هنا وهناك بشأن علاقتي بها تستند إلى كون رشيدة هي صديقة للزوجة السابقة لزوجي، وإني أؤكد انه ليس بيني وبينها أي عداء''· هذا الجزم يتناقض مع تصرّفات كارلا تجاه الوزيرة، إذ لم تجد كارلا حرجا في أن تقول لرشيدة داتي بمناسبة إقامتها احتفالا بذكرى ميلاد ساركوزي الثالث والخمسين: ''لقد ترددت قبل دعوتك··· ولكني اخيرا قررت أن أدعوك··'' اصفرّ وجه رشيدة لسماعها هذه الجملة، وفهمت بوضوح ان علاقتها بكارلا لن تكون أبدا علاقة مريحة، والحقيقة إن وزيرة العدل ودون اعتبار صداقتها لسيسيليا، لم تكن أبدا معجبة بكارلا ولا تكنّ لها ودا، فقد كانت رشيدة هي ''نجمة'' التشكيلة الحكومية ومع مجيء كارلا فقدت بريقها· تنبيه الرئيس تزوج نيكولا ساركوزي بكارلا بروني يوم 2 فبراير ،2008 أما طليقته سيسيليا فقد تزوجت هي أيضا يوم 23 مارس بريشار عطية، وهو يهودي من أصل مغربي، وكشف الكتاب أن الأخ الأصغر للرئيس واسمه فرانسوا سافر هو وزوجته إلى نيويورك لحضور حفل زفاف سيسيليا الزوجة السابقة لأخيه، في حين إن رشيدة داتي الصديقة المقربة من سيسيليا والتي كانت تقول انها بمثابة اختها لم تحضر، فقد اختارت ان تكون في صفّ الرئيس، وقلصت كثيرا من المكالمات الهاتفية بينها وبين صديقتها· فقد كان الرئيس واضحا عندما نبّه على عدد من مساعديه المعروف عنهم صداقتهم لزوجته السابقة: ''إما سيسيليا··· أو كارلا···''· ولا يخلو الكتاب من نقد توجهه كارلا لزوجة ساركوزي السابقة اذ قالت في إشارة واضحة الى سيسيليا التي كشفت الصحافة انها لم تذهب يوم الاقتراع للإدلاء بصوتها لفائدة المرشح زوجها: ''انا كنت سأصوت لزوجي''· ومن الاسرار التي وردت في الكتاب ان برناديت شيراك، زوجة الرئيس الفرنسي السابق هي التي نصحت ساركوزي بالإسراع بالزواج بعد طلاقه، وحثته على ذلك، وعللت له ذلك بضرورة تفادي الإشكالات البروتوكولية عند قيامه بزيارات رسمية لبعض الدول، علما إن ساركوزي سبق له في سنوات سابقة ان ارتبط لمدة قصيرة بعلاقة عاطفية مع ابنة شيراك· زوجة الرئيس تهتم بالسياسة، فقد أعلنت في الكتاب إنها ـ وهي الايطالية ـ من أنصار اليسار،(علما وإن ساركوزي هو طبعا من اليمين الفرنسي) ثم تستدرك قائلة: ''إني لا أحب سيغولين روايال (المرشحة اليسارية غير المحظوظة في الانتخابات الرئاسية الاخيرة)، ولكنني سأصوت دائما لفائدة اليسار، فوالدتي صوتت دائما لليسار· قراءة تاريخ وجغرافية وجيولوجية همزة الوصل بين مصر والقارة الأفريقية الدماء العربية تجري في عروق النوبة د· أحمد الصاوي المؤلف الرئيسي لكتاب ''معالم تاريخ وحضارة النوبة'' هو الدكتور أسامة عبدالوارث مدير متحف النوبة بأسوان وشارك معه ثلاثة من أمناء المتحف لإنجاز هذا العمل الذي يعطي ملخصا وافيا لتاريخ بلاد النوبة منذ ما قبل التاريخ وإلى العصر الإسلامي الوسيط· وقسم المؤلفون الكتاب إلى تمهيد وسبعة فصول تنتهي بقائمة للمراجع وملحق بالاشكال والصور· ويعرض التمهيد لأهمية بلاد النوبة في التاريخ بوصفها همزة الوصل بين مصر والقارة الأفريقية· أما الفصل الأول المعنون ''تعريف ببلاد النوبة'' فقد تناول جغرافية النوبة السفلى وهي المنطقة التي تمتد من جنوب أسوان وحتى الجندل الثاني شمال الخرطوم وتبلغ هذه المسافة حوالي 600 كم، وذلك باستعراض كثيف لملامح مجرى نهر النيل وتحولاته في العصور القديمة وطبيعة التكوين الجيولوجي لبلاد النوبة وما تحتويه من أحجار الجرانيت الأسود والحجر الرملي والكثبان· مسميات ويتعرض هذا الفصل ايضا لمسميات بلاد النوبة المختلفة حيث أطلق المصريون القدماء على هذه المنطقة عدة مسميات منها ''تارسيت'' أي أرض القوس لمهارة أهلها في الرمي بالقوس وايضا ''تارنحس'' أي أرض السود و''كوش'' ذلك الاسم الذي عرفت به حتى لدى الآشوريين بالإضافة إلى اسم النوبة الذي ربما اشتق من الكلمة المصرية القديمة ''نوب'' التي تعني الذهب اذ كانت محاجر الذهب التي استخدمها المصريون القدماء واقعة في شرقي النيل باتجاه وادي العلاقي· ويختتم هذا الفصل بالإشارة إلى الحياة الاجتماعية في النوب القديمة ومسميات القبائل والعناصر التي كانت تسكنها مثل المدجايو والواوات وستاو وإرثت وكلها عناصر عملت بالتجارة كما عمل البعض كجنود في جيوش مصر وكحراس للشرطة ايضا· ويتناول الفصل الثاني ملامح تاريخ ونقوش منطقة النوبة في عصر ما قبل التاريخ وبالتحديد العصور الحجرية وخاصة النقوش الصخرية التي تعد أقدم الرسوم الحائطية في قارة أفريقيا· اما الفصل الثالث فجاء تحت عنوان '' لنوبة منذ فجر التاريخ وحتى الدولة الحديثة'' وهو أهم فصول الكتاب التي تتحدث عن علاقة بلاد النوبة بالمصريين القدماء· تأثر ويكشف المؤلفون عن تأثر حضارة النوبة بالحضارة المصرية القديمة منذ فجر التاريخ وخاصة حضارة نقادة السابقة علي توحيد مصر على يد الملك مينا وكشفت طرق دفن الموتى بالنوبة واعتناقهم لديانات المصريين خاصة من زاوية الايمان بوجود حياة آخرى حيث يتم دفن بعض الادوات والأطعمة مع الموتى ليتسنى لهم استخدامها عند البعث· وكان الموتى يدفنون في وضع القرفصاء مع توجيه الرؤوس في اتجاه الغرب اي بإتجاه عالم الأموات حسب المعتقدات المصرية القديمة· وتظهر النقوش التي عثر عليها في محاجر الجرانيت والديوريت أن ملوك الدول المصرية منذ عهد الدولة القديمة وحتى عصر الدولة الحديثة كانوا يفرضون هيمنتهم على بلاد النوبة اذ نجد اسم الفرعون الشهير خوفو وايضا ساحورع كما تشير رسوم المعابد المصرية إلى إحضار أقزام من النوبة لتسلية البلاط· وبسطت الدولة الوسطى سيطرتها على النوبة واخضعت قبائل كوش ولاسيما في عهد امنمحات الأول وابنه سنوسرت الأول الذي اهتم بتشييد القلاع في النوبة لحماية نشاط التعدين في مناجم الذهب· وخلال عصر الدولة الحديثة ونتيجة لتحالف ملوك كوش مع الهكسوس للإطباق على الحكام المصريين في الصعيد عمد الفراعنة بعد طرد الهكسوس من الدلتا إلى شن حملات عسكرية ضد ملوك النوبة ولاسيما في عهد الملك أحمس الأول، وشهدت تلك الفترة هجرات كثيفة للمصريين باتجاه النوبة وهو ما جعل البلاد جزءا من النواحي الحضارية واللغوية من مصر القديمة وكثرت بها المعابد لآمون رع كما أخذ أهل النوبة يتسمون بأسماء المصريين· ويتحدث الفصل الرابع عن حضارة كوش في عصر الأسرة الخامسة والعشرين والتي ازدهرت في منطقة نباتا التي تحولت إلى مدينة مصرية بفضل تقديس آمون في جبل البرقل وحكم ملوك هذه الدولة مصر كلها حتى عرفت أراضي النوبة بمصر العليا فيما عرفت أراضي الوجهين القبلي والبحري باسم مصر السفلى· ولكن ''نباتا'' هوجمت ودُمرت وسويت بالأرض في عام 24 ق·م عندما غزاها الجيش الروماني وقضى على ملوك الأسرة الخامسة والعشرين النوبية الأصل· مروى وطبقا للفصل الخامس ''حضارات العصر المتأخر'' فقد شهدت مدينة ''مروى'' بزوع فجر حضارة نوبية تمزج بين التقاليد المصرية القديمة والتأثيرات الافريقية بعد الغزو الروماني لمصر ونجحت ''مروى'' في صد هجمات الملك الفارسي قمبيز الذي احتل مصر، وبعد انهيار مملكة ''مروى'' في حوالي عام 350 م ازدهرت حضارة بلانة وقسطل في بلاد النوبة والتي تفصح بقايا اثارها عن اختلاط كبير بين عناصر سكانية مختلفة فبالاضافة إلى سكان المنطقة والمصريين ظهرت ايضا عناصر الرحل من شرق أفريقيا وزنوج من حوض النيل وعناصر من دارفور وكردفان· ويكشف الفصل السادس ''النوبة في العصر المسيحي'' عن قيام الامبراطور الروماني ثيووسيوس بإغلاق المعابد الوثنية في النوبة في عام 380م بعد إعلان المسيحية ديانة رسمية لدولته وهو ما دفع أهل النوبة إلى مهاجمة مساكن المسيحيين في واحة الخارجة بل وفي طيبة ''الأقصر'' وظل هؤلاء يدافعون عن عقائدهم الوثنية حتى النصف الثاني من القرن الخامس الميلادي ثم ظهرت بعد ذلك مملكتان مسيحيتان في بلاد النوبة عرفت الشمالية منهما باسم مملكة ''مقرة'' والجنوبية باسم مملكة ''علوة''· ونظرا للنشاط التجاري الكبير الذي ازدهر في هذه المنطقة فقد اخذت القبائل العربية في الظهور بالنوبة في الفترة السابقة على ظهور الإسلام أو الفتح العربي لمصر· فقد كانت السفن ترد بصورة منتظمة بين شواطئ شبه الجزيرة العربية وموانئ مصر والسودان والحبشة وهي تنقل العاج والصمغ واللبان والذهب والدقيق· ومن هذه الموانئ توغل العرب في وادي النيل في قلب افريقيا حاملين سلعهم· ويذكر ابن خلدون أن أعدادا كبيرة من عرب اليمن استقرت في بلاد النوبة والسودان منذ القرن الأول قبل الميلاد· العرب ويحتفظ المتحف المصري بالقاهرة بتابوت لأحد تجار العرب وكان يعمل ملحقا تجاريا في مصر ويقوم بترويج بضائع بلاد اليمن واختلط بالمصريين واعتنق ديانتهم وانخرط في خدمة معابدهم وعبد آلهة بلاده إلى جانب الآلهة المصرية ونقش في مقبرته وعلى تابوته الخشبي ما يدل على ذلك· ويرجع هذا التابوت إلى عصر بطليموس الثاني وهو من الأدلة المؤكدة على التغلغل العربي في مصر قبل الإسلام بأزمان بعيدة· ويصل عدد النقوش العربية التي عثر عليها ببلاد النوبة من الجهة الشرقية القريبة من البحر الأحمر إلى حوالي سبعة آلاف نقش· اما الفصل السابع وهو اخر فصول الكتاب فيحوي سردا سريعا لأحوال النوبة في العصر الإسلامي الوسيط ابتداء من توقيع معاهدة سلام بين العرب الفاتحين ومسيحي النوبة في عام 13 هـ ''652 م'' و عرفت باسم معاهدة القبط وبموجبها كان أهل النوبة يدفعون سنويا 360 رأسا من الرقيق الأصحاء الشبان لقاء تزويدهم بالقمح والشعير والعدس والثياب والخيل· وما أن أهل القرن الثالث الهجري حتى كان المسلمون يشكلون نخبة الحكم في بلاد ''المريس'' اي الجنوب في بلاد النوبة وشجع الفاطميون قبائل ربيعة على الاستقرار بالنوبة والسيطرة عليها واختلط عرب ربيعة بأهل النوبة وتزوجوا منهم وادى ذلك فيما بعد إلى ترسيخ الإسلام في المنطقة وتحولت إلى اقليم إسلامي خالص منذ العصر الأيوبي على أقل تقدير، وفي هذا الفصل بعض معلومات جيدة عن أسرة بني الكنز الإسلامية التي حكمت بلاد النوبة وحملات المماليك للسيطرة على هذه المنطقة ايضا· التجديد في الإسلام أوسع من العبادات ويمتد إلى الشعر والمعاملات مجدد على رأس كل مائة عام حلمي النمنم صدرت طبعة جديدة من كتاب د· عبدالمتعال الصعيدي ''المجددون في الاسلام من القرن الأول حتى الرابع عشر'' بتقديم د· محمد صابر عرب رئيس دار الكتب والوثائق القومية المصرية· والمؤلف أحد علماء الأزهر وله العديد من المؤلفات المهمة مثل القضايا الكبرى في الاسلام والحرية الفكرية في الاسلام· والكتاب الذي بين أيدينا، وتوفي عام ·1971 وينطلق الصعيدي في كتابه من أن المسلمين فهموا الاسلام على أنه دين عبادة فقط، هم يصومون ويصلون ويحجون الى بيت الله من استطاع منهم سبيلا، وهذا الأمر قائم ويزداد اتساعا الى اليوم، ويغفلون أن الاسلام قصد به ومنه ان يعمل المسلم على صلاح الدين بالعمل وبالسلوك، وحصر الاسلام في العبادات فقط يعني الرهبانية بشكل غير مباشر، ولا رهبانية في الاسلام، ومن هنا جاء الحديث النبوي الذي رواه أبو هريرة ''إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها''· فلو ان الاسلام دين عبادات واداء الفروض فقط، لما كان هذا الحديث، لان العبادات ليس فيها تجديد، فصيام رمضان معروف ومحدد، ولا جديد فيه، وكذلك الصلوات، هي خمس صلوات في اليوم الواحد، وكل صلاة محدد عدد ركعاتها، فلا اجتهاد ولا تجديد فيها وكذلك الحال في سائر العبادات، ولكن التجديد يكون في المعاملات وإعمار الدنيا وبناء النهضة· ويقول المؤلف: الاسلام يتسع للتجديد في كل زمان، لأنه اذا كانت غايته النهوض العام بالانسانية فوسائل هذا النهوض تسير في طريق الارتقاء، ولا تقف عند حد لا تتعداه، وأمرها في هذا يخالف أمر العبادات، لأنها تعتمد على الارتقاء في العلم· آراء الشراح والحديث النبوي عن المجددين الذين يبعثهم الله أثار العديد من التساؤلات الفقهية والفكرية·· الأول يتعلق بالمراد بكلمة الأمة في الحديث، وقد ذهب فريق من الشراح إلى أنها ''أمة الاجابة'' أي الأمة الاسلامية والمسلمون فقط، ولكن في المقابل هناك من رأى أنها ''أمة الدعوة'' ويكون المقصود عموم الانسانية فالاسلام للانسانية ومقصود به ''النهوض الديني والمدني'' ولذا فإنه يتعدى المسلمين الى غيرهم من الأمم، كما هو الحال في قيام النهضة الأوروبية التي تأثرت بالحضارة وبالعلماء المسلمين، وهناك تساؤلات يمكن اعتبارها اجرائية مثل: على أي أساس يحتسب التاريخ لكل مائة عام، وقيل من الهجرة النبوية وقيل بل من فتح مكة ثم قيل بل من وفاة النبي ''صلى الله عليه وسلم'' ولم يتشدد الشراح والفقهاء في ذلك، فنزل الاختيار لكل حسب ما يرى، وتوقف الشراح كذلك عند المقصود بعبارة برأس كل مائة سنة، هل بداية القرن أم نهايته، وتعددت الآراء في ذلك، حتى ان هناك من ذهب الى ان المقصود بالمائة سنة هو عمر وحياة المجدد نفسه، لكن محمد رشيد رضا قدم رأيا عميقا ومهما إذ قال: ''إنما كان المجددون يبحثون بحسب الحاجة الى التجديد لما أبلى الناس من لباس الدين وهدموا من بنيان العدل بين الناس· فكان الامام عمر بن عبدالعزيز مجدداً في القرن الثاني لما أبلى قومه بنو أمية، وما مزقوا بالشقاق·· وعند رشيد رضا أنه لم يكن هناك مجدد واحد في كل عصر، بل ظهر مجددون آخرون ''كان تجديدهم خاصا وانحصر في قطر أو شعب أو موضع كبير أو صغير كأبي اسحاق الشاطبي في الموافقات والاعتصام في الأندلس وولي الدين الدهلوي ومحمد صديق في الهند، والمولى محمد بن علي في الترك، والشيخ محمد بن عبدالوهاب في نجد''· وتوسع رشيد رضا في معنى المجددين ومن هو المجدد· فإذا كان قد ذهب إلى أنه يمكن ان يوجد مجدد في كل بلد ومنطقة، فإن هناك ''المجدد المتخصص'' بمعنى ان يكون لدينا مجدد في العلم وآخر في السياسة وثالث في الحرب والقتال، وعلى ذلك فإن صلاح الدين الأيوبي يعتبر مجددا في الجهاد والدفاع عن الأمة بما قام به من حروب ومقاومة ضد الصليبيين، وما قام به محمد علي في مصر يجعله مجددا في الادارة وبناء الدول والأمير عبدالقادر الجزائري في الجزائر يعد كذلك مجددا وهكذا· تضييق المعنى لكن في المقابل هناك من حاول تضييق معنى التجديد فقد قال بعض الشراح إن شرط المجدد هو ان يبين السنة من البدعة ويكرم العلم ويعز أهله، ويقمع البدعة ويكسر أهلها، ومن لا يكون كذلك لا يكون مجددا البتة وإن كان عالما بالعلوم، مشهورا بين الناس، مرجعا لهم· وأبرز من قال بذلك شارح سنن أبي داود، وكان المقصود هنا إنكار قول البعض مثل ما جاء في جامع الأصول من اعتبار أبي جعفر الامامي الشيعي من المجددين وكذلك المرتضي أخو الرضا·· وقد حدث جدل ونقاش كثير في هذا الجانب يعتبره - الدكتور عبدالمتعال الصعيدي - من آثار التعصب الممقوت بين الفرق الاسلامية ويجب القضاء عليه الآن لتعود للمسلمين وحدتهم وألفتهم· ويقول: المجدد يجب أن يتعالى على ذلك التعصب الممقوت، فلا يصح أن يكون لمذهب في الدين أثر في غايته من التجديد ولا فيما يرمي اليه من النهوض بالمسلمين· وتوسع الصعيدي في هذا الكتاب في رؤيته للتجديد والمجددين، فلم يتوقف عند المجددين في الفقه والشرع فقط، بل ذهب الى اكثر من ذلك، فنراه يضع أبا العلاء المعري الشاعر ضمن المجددين وكذلك الفخر الرازي ومحيي الدين بن عربي والطوس وغيرهم· ولم يتوسع فقط في معنى التجديد والمجددين، لكنه توسع في الفترة الزمنية، فقد استقر معظم العلماء والباحثين على البدء بعمر بن عبدالعزيز الخليفة الأموي باعتباره المجدد للمئة الثانية، وأن المئة الأولى لم تكن بحاجة الى التجديد، ذلك ان الاسلام ظهر ونشأ خلالها· لكن الصعيدي، رصد شخصية أبي بكر الصديق باعتباره المجدد الأول ثم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ثم علي بن أبي طالب، ثم الحسين بن علي وخالد بن يزيد وهم جميعا من القرن الأول الهجري· وايا كانت الملاحظات على هذا الكتاب، فإننا بإزاء عمل علمي لعالم جليل امتلأ بالتسامح الشديد· جون ر· سيرل يغوص في العقل ومداخله الموجزة محاولة لإعادة الفلسفة إلى صوابها: نسف ثنائية ديكارت متسلحاً برصيد معرفي فلسفي ضخم وبأطروحات سابقة كانت محور اهتمام عدة مؤتمرات فلسفية عالمية ـ وأميركية ـ ألفت حولها العديد من الكتب عدا مؤلفاته هو التي ترجمت إلى لغات لغات أوروربية وشرقية عدة، يقتحم الفيلسوف المعاصر جون ر· سيرل* حواجز وتقاليد فلسفة العقل التي أرساها رينيه ديكارت (1596 ـ 1650م·) قبل أكثر من ثلاثة قرون واستمرت ولا تزال ولا سيما أشهر مبادئه، الثنائية، التي تقول إن العالم ينقسم إلى نوعين من الجواهر Substances أو الموجودات التي يمكن أن توجد بحد ذاتها، وهما نوع الجواهر العقلية ونوع الجواهر المادية، وهذا التقسيم هو الذي جعل البعض يطلق على مبدأ ديكارت ''ثنائية جوهر''· في كتابه ''العقل، مدخل موجز'' Mind a Brief Introduction الصادرة ترجمته عن ''عالم المعرفة'' (ترجمة د· ميشيل حنا متياس) يؤكد سيرل أن فلسفة العقل هي أهم موضوع في الفلسفة المعاصرة لكنه يجزم ويجهد في كتابه هذا ليبين أن الآراء السائدة حول هذه الفلسفة، الثنائية والمادية والوظيفية مروراً بالحسابية وغيرها هي ''آراء كاذبة''· وعندما يأتي إلى ثنائية ديكارت المشهورة فإنه يبيِّن فشلها في الحصول على تصور وافٍ ومتسق للعلاقة بين العقل والجسد، ويرى أن الصيغ الحديثة لهذه الثنائية تعاني من مشاكل إضافية· ويحاجج سيرل بهذا الصدد في استحالة التوفيق مثلاً بين الثنائية الجوهرية والفيزياء الحديثة التي تقول إن المادة/ الطاقة في الكون ثابتة، في حين أن الثنائية الجوهرية تقر ضمناً بوجود نوع آخر من الطاقة ''الطاقة العقلية أو الطاقة الروحية'' التي لا تقر بها الفيزياء وبهذا إذا كانت الثنائية الجوهرية صحيحة فإن قانون بقاء الطاقة يكون خاطئاً· ويبرهن المؤلف بعد تصديه للنظريات السائدة في فلسفة العقل، يبرهن أن الظواهر العقلية ''وجميع حياتنا العقلية'' تنسجم مع بقية الكون (أي نفي الثنائية) ويركز على أن إحدى وظائف العقل الرئيسية في حياتنا هي ربطنا ببقية العالم بواسطة الإدراج والفعل على وجه التحديد، دارساً لأجل ذلك العلاقات بين الإدراك والعالم الذي يوجد مستقلاً عن إدراكنا والذي يسميه الفلاسفة، وفق رأيه، بصورة مضللة ''العالم الخارجي''·· لينتهي من كتابه مقدماً تفسيرا للعقل ينظر إلى الظواهر العقلية كجزء من العالم الطبيعي بما في ذلك جميع نواحي ''ووظائف'' هذا العقل، وخاصة الوعي، القصدية، الإرادة الحرة، السببية العقلية، الإدراك والفعل القصدي وغيرها· وفي السياق ذاته، يشدد سيرل على أن الآلية التفسيرية التي استعملها لتقديم تفسير سببي للظواهر العقلية هي الآلية التي تحتاج إلى تفسير الطبيعة عامة، أي أنها تعمل على مستوى البيولوجيا وليس فيزياء ما تحت الذرة، معلللا اختيار هذه الآلية بأن الوعي وظواهر عقلية أخرى هي ظواهر بيولوجية تنتجها عمليات بيولوجية وتخص أنواعا من الكائنات العضوية دون أن ينكر أن عقولنا الفردية تشكلها الثقافة· وحسب تحليله فإن الثقافة لا تعاكس البيولوجيا بل هي ''الشكل الذي تكتسبه البيولوجيا في الجماعات المختلفة· قد تختلف ثقافة ما عن ثقافة أخرى، ولكن توجد حدود لهذه الاختلافات· يجب على كل واحدة أن تكون تعبيراً عن المشترك البيولوجي التحتي للجنس الإنساني· لا يمكن أن يحدث نزاع دائم بين الطبيعة والثقافة، لأنه لو وجد هذا النزاع فإن الطبيعية ستنتصر دائما، والثقافة ستخسر دائماً''· وفي خط التفكير الفلسفي هذا فإن سيرل ينفي وجود شيء اسمه العالم العلمي، بل يوجد العالم فقط و''ما نحاول فعله هو وصف كيف يعمل وأن نصف وضعنا فيه''، ونحن ''لا نعيش بعدة عوالم أو في حتى عالمين مختلفين، العالم العقلي والعالم المادي عالم العلم وعالم المفهوم المشترك'' بل ''يوجد عالم واحد فقط، إنه العالم الذي نعيش فيه جميعا ونحن في حاجة إلى أن نفسر كيف نوجد كجزء منه''· ولتقريب ذلك إلى التصور فإنه يعتبر أن الواقعة التي تقول إن الذرة تحتوي على إلكترون واحد هي واقعة كواقعة إن ''عندي أنفا واحدا'' لكن الفرق الوحيد بينهما يتعلق ببساطة بأسباب عرضية تطويرية ''فأنا لا أحتاج إلى مساعدة مهنية لكي أكتشف أن عندي أنفا واحداً فقط بينما إذا أخذنا بعين الاعتبار جهازنا وجهاز ذرات الهيدروجين فإننا سوف نحتاج إلى خبرة مهنية لكي نكتشف عدد الإلكترونات في الذرة الهيدروجينية'' على سبيل المثال· ويرى أن الواقعة التي تقول بالذرة والإلكترون اكتشفت بواسطة شيء يسمى المنهج العلمي ولكن هذه الواقعة لحظة اكتشافها هي ملكية عامة وليست ملكاً للعلم، أي أنها بحقيقتها واقعة كبقية الوقائع ''وهكذا إذا اهتممنا بالواقع وبالحقيقية فإنه لا يوجد في الواقع شيء كـ ''الواقع العلمي'' أو ''الحقيقية العلمية''، إن كل ما هو موجود هو الوقائع التي نعرفها''، أما عن المناظرات التي تدور حول واقع الموجودات التي يَفترض العلم وجودها، فإن هذه الموجودات إما أن توجد أو لا توجد أي ليس لها أساس للحديث عنها! ومما لا شك فيه أن كتاب سيرل هذا يعتبر كنزاً فلسفياً لا سيما لأولئك المتابعين للجدل القائم بين المعنيين من مختلف المدارس التي تشتغل على فلسفة العقل، ولعل من أبرز أوجه أهمية هذا الكتاب هو أسلوبه السلس غالباً في شرح قضايا معقدة، أما الأبرز من ذك فهو أنه من خلال مناقشته للنظريات الأخرى ـ السائدة ـ فإنه يقدم بطريقة غير مباشرة طبقاً منوعاً للقارئ حتى لو كان غير مطلع على معظم ما سبق نظرية سيرل وكتابه الجديد، الذي ظهر في طبعته الأصلية قبل ترجمته في وقت حديث نسبياً (نيويورك 2004)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©