الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد الظنحاني: أجمل ذكريات العيد منبعها الطفولة والمراهقة

18 سبتمبر 2009 01:24
ينبثق حديث الذكريات من القلب، يتلون بالفرح والمسرة وبما تغذيه المشاعر المتصلة بذكريات تبدأ أبجديتها من الطفولة فالمراهقة فمرحلة الشباب والنضج.. ومع الإعلامي والشاعر خالد الظنحاني تصير للذكريات لغة أبهى وللمناسبات لون أزهى، بخاصة إذا كانت المناسبة عيد الفطر السعيد الذي سيجيء غدا أو عقبه بعد صوم شهر رمضان الكريم. طفولة وعقوبة في العيد تتحقق وعود الأطفال، كأن الأعياد وجدت لهم كي يفرحوا وتتم مكافأتهم بعيدية تعتبر في يومنا هذا رمزية! كان الظنحاني يشتري بها أكثر من شيء واحد، والأهم شراءه الـ»كاو كاو» الذي لا يزال طعمه يناغي حلقه وهو يتحدث عن البائع سيفان الذي كان يجيد ترغيب الأطفال بشرائه عبر صوته المنادي في الحارة، فيشرئب رأس الظنحاني ورؤوس صحبه ويتقاطرون من منازلهم مسرعين لشراء ما يبدو أن كل أطايب اليوم لم تتمكن من محو ذكرى مذاقه لديه، يقول: «عايشت في بيت جدي أيام الصيد البحري، وكنت أعدو في العيد إلى بيته الذي يقع مباشرة على شاطئ البحر حيث لم يكن ثمة كهرباء وتكييف وماء وصنابير وثلاجات في المنزل المتواضع.. لكن الانتقال من مرحلة إلى أخرى سريعا بحيث إن تلك المرحلة هي ذكريات أرى أنه من الصعب أن يعيشها أطفالي الصغار الآن». تغيّرت الأيام وتبدّلت الأحوال، وهو اليوم يخاف أكثر على أولاده في حين أنه كان يلعب على سجيته خارج المنزل ولا يمنعه والداه شرط ألا يتأخر عن المنزل ليلا، هذا الشرط الذي يذكر أنه خرقه في مراهقته ونال عقابا استحقه، ولم يشفع في تخفيفه حنان الوالدة. يقول الظنحاني: «ساعدتني تربيتي واهتمام أسرتي بي في مساراتي الحياتية، فلا بد من ضبط طيش المراهقين في بعض الحالات، وقد تمكن والدي من فعل ذلك». العجوز الكريمة ولد الظنحاني وترعرع في دبا الفجيرة، وكان لها الأثر الكبير في نفسه وفي كتاباته، فتنوعها الطبيعي من جبال وسهول وبحر أغنى حياته، وشذب من شخصيته ورفدها إبداعيا.. كما كان لتنوع ذكريات العيد فيها مذاقا خاصا، يقول في ذلك: «من ذكريات العيد في دبا، أنه كان مفروضا علي الذهاب للصلاة ضمن مجموعات الأهل والجيرة في المصلى، ولم يكن بوسعي الانصراف إلى النوم أو الهرب للعب كما كان يفعل عدد من أترابي. فالعيد فرصة وعطلة مدرسية، والتزامات عائلية وفرح الأطفال بالعيدية التي تبدأ في المنزل، عيدية الأهل- ولا تنتهي عند الأقارب والجيران، فدرهمي الجيران كان لهما قيمة كبيرة، ولا تكتمل العيدية إلا مع «شيخان» المرأة العجوز، والكريمة الثرية إلى حد ما، التي لم تكن تبخل علينا يوم العيد أبدا». يبتسم كمن عاد بذاكرته إلى الوراء، ويقول: «هي لم تتزوج وكانت في يوم العيد تحضر نفسها جيدا لتمنح الأطفال ما يبهجهم. كانت تنقدنا ثلاثة دراهم وأحيانا خمسة، وأذكر كم كان لها أثر طيب علينا وبنا، كنا نتراكض لنقرع جرس بابها فتفتحه لنا وتناولنا من الفكة التي حضرتها خصيصا للأولاد في عيد الفطر. إنها شخصية من الصعب إزالتها من البال، تبقى في طيات الفؤاد بذكراها الجميلة». دراجة وسيارة يواصل الظنحاني سرد ذكرياته، يقول عن إحدى ذكريات عيد الفطر: «أذكر أنني تمكنت من شراء دراجة نارية، إذ جمعت مالي ولم أصرفه على الأطايب والألعاب -كما درجت العادة- وكانت كمية المال كافية لابتياع الدراجة والفخر بها أمام رفاقي وقد أوقفتها أمام المنزل متباهيا بها». يطلق ضحكة قبل أن يستدرك قائلا: «لكنني تأخرت في امتلاك سيارة، فكان لي صاحب بدأ العمل مبكرا في الجيش وتمكن من شراء سيارة قبل سواه، فكان الشباب، وأنا منهم، نرافقه في أيام العطلات في سيارته ونذهب إلى مشاوير البر والبحر ونخوض مغامراتنا المتواضعة والصعبة في آن معا رغم براءتها». عن إحدى المغامرات تلك يقول: «توجهنا ذات عيد في السيارة إلى منطقة بعيدة عن منطقتنا، لنشاهد أول فيلم سينمائي في صالة لم يكن لها مثيل في المنطقة، وأذكر أن الفيلم كان «هنديا» وفيه الكثير من الدراما والأغاني كما هي الحال مع معظم الأفلام الهندية- كما يقول- ولم يكن دارجا تنقل صندوق الفرجة ولكن الكاميرا الصغيرة التي تقلّب فيها الصور هي التي كانت تأسر عيون الأطفال آنذاك». يتابع: «في طريق العودة وقع لنا حادث بالسيارة عينها التي يمتلكها صاحبي، فمشينا الشباب سيرا على الأقدام مسافة طويلة جدا وصلنا بعدها منازلنا متأخرين، وكانت هذه إحدى المرات الثلاث التي تأخرت فيها عن العودة إلى المنزل، ولكن الحظ أسعفني إذ إن الوالد لم يكن حينها في المنزل، فاستقبلتني والدتي وأخفت تأخيري عن الوالد كي لا أتعرض للعقاب». طقوس جميلة يشكل عيد الفطر فرصة لتجمع الأولاد، حيث اللعب والتوجه إلى جبال دبّا في الفجيرة، ودخول الكهوف، حيث يتجمع النحل ويصنع العسل، فيلجأ الأولاد إلى قذف المناحل بالحصا فيهرب النحل ونتدافع لأكل العسل، يقول الظنحاني في ذلك: «كنا في أكثر الأحيان نعود إلى منازلنا ووجوهنا متورّمة من لسع النحل، لكن ذلك لم يمنعنا من المحاولة مجددا في سبيل تذوق العسل الطبيعي الشهي». ومن الطقوس الجميلة أيضا في العيد، التوجه بعد الصلاة للتخييم إنما تحت ظلال خيام من الكراتين (الورق المقوى)، ثم يقومون بطهي الارز والدجاج، وكان الجوع كفيلا بعدم رمي الطعام وتناوله مهما بلغ سوء مذاقه! اليوم فقد اختلفت طقوس العيد بحسب الظنحاني الذي يقول: «اليوم تجدين ولدا قد بلغ 15 عاما ولم يخض تجارب مماثلة لتجاربنا. كما يلاحظ تغيّر في الجيرة، إذ إن جيلنا عاش بين الأهل والأقارب والجيران، وكان الجار كالوالد، كلمته مسموعة ولها أثرها ونشعر أنه فعلا قريب منا». ويسترسل قائلا: «الأحياء والشوارع اليوم لم تعد أحياء، قدر ما تحولت إلى بيوت وفلل وشقق متفرقة، وبات من الصعب معرفة تفاصيل عن شخص معين، ومعرفة خلفيته وسلوكياته وما إلى هناك.. غير أن العيد يظل يوم البهجة والفرح في كل أوان، وأجمل ذكريات العيد لدي منبعها سن الطفولة والمراهقة». كلام الصور:
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©