الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصاعب السياسة وعدم الاستقرار يعرقلان طموحات لبنان في استغلال مخزون الغاز

مصاعب السياسة وعدم الاستقرار يعرقلان طموحات لبنان في استغلال مخزون الغاز
6 ابريل 2014 23:27
تجد السلطات اللبنانية نفسها أخيراً في وضع يمكنها من التعامل مع حصتها في واحدة من أكبر معاقل الغاز الطبيعي وأكثرها إثارة للخلافات السياسية، وذلك رغم الصعوبات التي تواجهها لتشكيل حكومة قادرة على الاضطلاع بوظائفها بشكل كامل. ويقول المحللون ومصادر بالقطاع، إن الإجراءات المعقدة وتداعيات الحرب في سوريا والنزاعات بشأن الحدود البحرية تشكل عقبات في وجه المستثمرين المحتملين. والبعض يرى أن الشروط المالية المقترحة صارمة، الأمر الذي يثني الشركات رغم احتمال العثور على موارد كبيرة. وبعد تأهلها لخوض جولة أولى طال انتظارها لترسية التراخيص، لم تعد شركات الطاقة الأوروبية، مثل «شتات أويل» النرويجية و«ايني» الإيطالية، تبدي سوى اهتمام فاتر على أفضل الأحوال. وقالت مريم الشمة محللة الشأن اللبناني في «آي اتش اس إنرجي»، «إنه استثمار ينطوي على مخاطر بالغة في الوقت الراهن. نرى أن الوضع السياسي يتجه صوب مزيد من عدم الاستقرار، وهو ما يعني استمرار القلاقل السياسية ما استمرت الحرب في سوريا». ويملك لبنان احتياطيات كبيرة من الغاز، لكنه يقبع أيضاً فوق خطوط التماس لصراعات إقليمية مزمنة. ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية من الغاز بما يصل إلى 96 تريليون قدم مكعبة. وإذا تأكد ذلك، فسيحتل لبنان المرتبة الخامسة عشرة عالمياً من حيث حجم الاحتياطيات، بحسب ترتيب «بي بي» لموارد الغاز العالمية في 2012، لكن من المرجح أن تكون الكميات القابلة للاستخراج أقل بكثير في ضوء نقص بيانات الحفر في لبنان. لكن حتى ذلك الجزء الضئيل يكفي لإحداث تحول بالنسبة لبلد يقطنه نحو أربعة ملايين نسمة، ويعتمد على واردات باهظة التكلفة من النفط، وقد يجعله مصدراً للغاز نظراً للطلب المحلي المحدود. وتطمح السلطات إلى تطوير القطاع الذي يرونه ضرورياً لتخفيف مشاكل مزمنة مثل الديون وانقطاع الكهرباء. وكان وزير الطاقة أرتور نظريان حث مجلس الوزراء، في مارس الماضي، على التصديق على قرار لترسيم الامتيازات وتحديد شروط العقود، وهي خطوة ضرورية لبدء العطاءات، وتعهد بأن المشاكل السياسية لن تكبل يد وزارته. جولة العطاءات في طي النسيان وأصبحت موارد الطاقة المحتملة في شرق المتوسط مصدراً للإثارة والتكهنات، منذ الاكتشافات الكبيرة التي حققتها إسرائيل في 2010. ومنذ ذلك الحين، بدأت قبرص وحتى سوريا التي تمزقها الحرب، تطوير امتيازاتهما وطرحها على الشركات بينما تأخر لبنان. ومن أكبر مشاكل لبنان عدم التوافق السياسي وحالة الشلل في صناعة القرار الناشئة عن نظام المحاصصة الطائفية الموروث عن حقبة الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. ففي الفترة من مارس 2013 إلى فبراير 2014، عجز الساسة حتى عن تشكيل حكومة لتصبح جولة العطاءات الأولى في طي النسيان، بسبب ما تقول حكومة تسيير الأعمال إنه عدم امتلاكها سلطة إقرار المراسيم المطلوبة. وشهدت الأزمة انفراجاً بعد نزاع طويل بشأن الفصيل الذي سيحصل على حقيبة الطاقة لكن القرارات لم توقع بعد. وقال أيهم كامل المحلل في مجموعة أوراسيا، إن إغراء الامتيازات المحتملة وحتى الواعدة جداً منها يتضاءل على نحو مطرد بالنسبة للشركات. وقال «أقول في هذا الصدد إن هناك منعطفات مهمة على لبنان أن يتخطاها أو عقبات عليه أن يذللها قبل أن تصبح هذه فرصة ملموسة حقيقية لشركات النفط العالمية. في الوقت الحالي هي مجرد فرصة لا أكثر». بيع السمك قبل صيده وتقول مصادر بالقطاع إن هناك أيضاً عدم وضوح بشأن حجم الأرباح التي يمكنه تحقيقها من أي اكتشافات للغاز. ومن غير الواضح على سبيل المثال، حجم الغاز الذي سيستهلكه لبنان محلياً وحجم ما سيسعى لتصديره. فبينما تشتد حاجة لبنان للطاقة، فإن محطات الكهرباء لديه لا تستخدم الغاز. وفي حالة التصدير ليس من الواضح نوع البنية التحتية الضرورية وتكلفة تشييدها. ومن المستحيل، بسبب الصراعات الإقليمية، الدخول في مشاريع مشتركة مع إسرائيل أو سوريا وهو ما كان سيخفض تكاليف التصدير. وقال مصدر في القطاع، اطلع على الوضع اللبناني، إن النظام الضريبي الذي تقترحه السلطات، ويتضمن فرض ضرائب على الأرباح ورسم امتياز أربعة بالمئة على الغاز، باهظ جداً في ضوء المخاطر القائمة. وأضاف «إنهم كمن يريد بيع السمك قبل صيده، بدلاً من تطمين السوق بشأن المخاطر السياسية أثاروا فزع الجميع». وقال المصدر إن مؤشرات على رغبة الحكومة في الاحتفاظ بحق إشراك شركات النفط الوطنية في تطوير الحقول، وأنهم قد يفرضون تشغيل نسبة كبيرة من العمالة المحلية أثارت قلق المستثمرين أيضاً. وشارك في جولة التراخيص الأولى شركات، مثل «أناداركو» و«شيفرون» و«إكسون موبيل» و«إنبكس» و«إيني» و«بتروبراس» و«ريبسول» و«بتروناس» و«شتات أويل» و«توتال» و«شل». لكن «شتات أويل» أبلغت «رويترز» أنها لن تشارك. وأحجمت «شل» و«توتال» و«جي دي اف سويز» عن التعليق على الجولة، في حين من غير الواضح إن كانت «ايني» ستشارك، حسبما قال مصدر قريب من الشركة. سويسرا على المتوسط وثمة مشاكل أخرى ناجمة عن العلاقات مع إسرائيل التي تعتبر رسمياً في حالة حرب مع لبنان. فمن شأن النزاع على الحدود البحرية أن يؤثر على عدد من الرقع المعروضة، وقد يكون من الصعب أن تعمل الشركات في البلدين معا بسبب التوترات. وقال مصدر في «إديسون» الإيطالية، التي تجري محادثات لشراء حقلين إسرائيليين، «التوترات بين الجانبين تعني ببساطة أن المستثمر في مجال الطاقة لا يستطيع أن يعمل في كل من إسرائيل ولبنان في نفس الوقت». وتشمل المنطقة المتنازع عليها أكثر من 300 ميل مربع، وقد تحوي بحسب وكالة الطاقة الدولية احتياطيات كبيرة نظراً لقربها من منطقة وسط حوض الشام. وهناك سوريا الجار المهيمين تاريخياً على الشأن اللبناني، والذي يخوض منذ ثلاث سنوات غمار حرب قتلت 150 ألف شخص وأجبرت الملايين على النزوح عن منازلهم. ويغذي الصراع في سوريا مواجهات مسلحة وهجمات صاروخية وتفجيرات وعمليات خطف رهائن داخل الأراضي اللبنانية وهو ما لا يبعث على الاطمئنان بالنسبة للمستثمرين المحتملين. لكن يبقى بصيص من الأمل في أن تصنيف المخاطر الإجمالية للبنان أقل بكثير منه في بلدان أخرى في المنطقة مثل العراق وإيران. وقال مصدر في «ايني» «نحن نعمل في ليبيا ونيجيريا ومصر، لبنان يشبه سويسرا على المتوسط مقارنة بتلك الدول». (بيروت، ميلانو ـ رويترز)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©