الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اتهام البشير الآن··· لماذا؟

17 يوليو 2008 02:19
السؤال الأول الذي سيطر على بال كل من تابع تصريحات السيد ''فاكامبو'' -المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية- حول حكومة السودان ورئيسها البشير، هو، لماذا أصدر المدعي الجنائي الدولي أمره واتهم الرئيس السوداني بجرائم حرب في دارفور تحديداً في هذا الوقت؟ فالمعلوم ومنذ وقت طويل -من خلال التسريبات الإعلامية القريبة من المدعي الجنائي الدولي- أن هنالك قوائم اتهام تحتوي على أسماء عدد من كبار المسؤولين السودانيين المدنيين والعسكريين، وأخرى بأسماء بعض قادة التمرد أيضاً، وقد كانت تلك التسريبات المنظمة ترتفع وتهبط حول حالة ارتفاع وهبوط ''علاقات التعاون'' بين المدعي الجنائي ومسؤولي حكومة السودان· والسؤال حول معنى وأسباب التوقيت الذي اختاره المدعي الجنائي الدولي لتوجيـــــه اتهامــــه ضــــد البشير، ومـــا سيصحبــــه -قطعاً- من ''نشاط'' محموم يصاحبه عادة، سيعيد دون شك أيضاً قضية الإبادة الإثنية المتهم بها النظام السوداني والتي كان لها أنصار وسط المنظمات الدولية الأهلية إلى جانب الإدارة الأميركية، وذلك برغم أن الاتهام بالإبادة العرقية لم يوجه رسمياً من مجلس الأمن للنظام السوداني حتى الأمس· سؤال تحديد التوقيت تنبع أهميته من خطورة الآثار التي ستصحب هذه العملية، بل على عملية ومحاولات الوصول إلى حل سوداني لحرب دارفور والتي تقوم بها كل الأطراف السودانية، وسعيها لجمع الصف السوداني حول المؤتمر القومي السوداني، وسعيهم لإقناع الأطراف الدارفورية التي ما زالت تتردد في المشاركة في المؤتمر، برغم ما صحب غزوة ''أم درمان'' الفاشلة التي قامت بها حركة العدل والمساواة، فإن الضغوط الوطنية وضغوط بعض الأصدقاء من الأفارقة لتعقيل إدارة الحركة وإقناعهم بأن موقفهم هذا سيفقدهم تعاطفهم معها، بدأت تشير إلى بعض المرونة في موقف بعض قادة الحركة المحاربة، لذا فإن القول بأن إصدار المدعي العام الجنائي قراره في التوقيت الذي حدده لن يساعد مساعي السودان الوطنية، وسيعقد مساعي السلام السوداني-السوداني· وكما عبر نائب رئيس حكومة الجنوب الشريك الرئيسي مع حزب المؤتمر الوطني، فإن هذا القرار بالصورة التي أعلن بها لن يساعد في استمرار مساعي السلام، فـ''البشير'' هو رئيس الحزب الذي عقد معنا اتفاقيـــة الســـلام، وكما قال د· ''مشار'' والمبعوث الأميركي السابق لقضية دارفور: ''إن اتهام البشير سيغلق الأمل الباقي لمحاولة تحقيق سلام في دارفور والسودان عموماً''· والقول بأن المدعي الجنائي الدولي إنما تصرف ويتصرف في حدود مسؤولياته القانونية، وأن العمليـــة القانونية ليســت لها صلة بالعملية السياسية، قول لا يفتقد فقط للصدق، فكل العملية من أصلها سياسية تلعب فيها الأدوار المرسومة مهما توارت بالغطاء السياسي· إن الفظائع والجرائم التي جرت في دارفور وضد أهلها المظلومين من قبل الحكومة والحركات المسلحة، ستظل وصمة في سجل تاريخ السودان، والسودانيون جميعهم مسؤولون عن معالجة كل ما وقع من ضرر على الإقليم وأهله، لأنه لا أحد يريد أن يحول بينه وتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفظائع من قبل كــل الأطراف، لكن القضية الأولى الآن والتي يجب على المجتمع الدولي أن يساعد السودان فيها، هي إيقاف الحرب المدمرة في دارفور والتهيئة لتحقيق سلام عادل، والوصول إلى المؤتمر القومي السوداني والذي يأمل الجميع أن يكون البداية الصحيحة ليس لحل مشكلة دارفور وحدها ونقل مشاكل وقضايا السودان المعقدة والمزمنة، واتهام واعتقال الرئيس البشير لن يحقق هذا الحل المطلوب من أجلهم ومن أجل أهل الســـودان· عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©