الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة امرأة

5 يوليو 2016 18:37
حكاية من واقع الحياة حدثت قبل أعوام ولاتزال أحداثها تتكرر وتعيد نفسها كل يوم وتأخذ أشكالاً أكثر مأساوية. كانت تبكي بصمت، تجاوزت الستين من عمرها رسمت الأخاديد والتجاعيد على محياها ملامح البؤس والقهر والشقاء يرتفع نشيجها تارة ليرتجف بدنها الذابل من البرد وقلة الغذاء، والمكان الذي يؤويها مخزن من الصفيح مهجور بلا أبواب وسقفه متداع يصدر أصواتاً من أثر الرياح، يضم الكثير من العوائل المشردة والمهجرة قسراً وباتت بلا سقف ولا مأوى، تطوي ساقيها على صدرها تنشد دفئاً يهرب من ثنايا غطاء ممزق، تضم جاهدة بين جناحيه أربعة من أحفادها الصغار، يتامى قتل أبوهم غدراً، تركوهم لها كأفراخ لم ينبت لها ريش ولا زغب، يلوذون بها ومن حولها يتقافزون لا يحسون ببرد أو قيظ أو لغب، ينطبق عليهم قول الشاعر الحطيئة ((ماذا تقول لأفراخ بـذي مَرَخٍ... زغبِ الحواصِل لا ماء ولا شجرُ)). قتلوا الجميع فصاروا شهداء الغدر والحقد الدفين، قتلوا غيلة وبليل على يد عصائب الفتنة وحشد الجبناء، شهداء الظلم الذي جلل وجوه قاتليهم بالسواد وجباههم بالعار وإلى يوم الدين. تبكي بصمت تبكي قهراً وحزناً تبكي لأنها لا تستطيع الأخذ بالثأر، فهي لا تجد ما تسد به رمق أولئك الصغار وتشبع به جوعهم فكيف بالأخذ بالثأر، فهي باتت من غير معين ولا وال.. كبلادها التي أمست بلا كبير.. تمشي على الدرب من غير دليل، ضاعت بوصلة العدل فيها فلم يبق فيها سوى الأقزام والصغار، وشر البرية وباعة الضمير، فأنى لها بالثأر؟ مؤيد رشيد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©