الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السوق في البرازيل··· والانكماش الاقتصادي العالمي

السوق في البرازيل··· والانكماش الاقتصادي العالمي
17 يوليو 2008 02:18
عندما كانت تدرس شركة ''كارلز جونيور'' إمكانية توسيع سلسلة مطاعمها للوجبات السريعة في وقت سابق من هذا العام، استبعدت عددا من الأسواق النامية، ولكن بعد زيارة إلى ''ساو باولو'' و''ريو دي جانيرو'' في يونيو المنصرم، كان مسؤولو الشركة واثقين من أن البرازيل توجد ضمن القائمة، لماذا؟ السؤال يجيب عنه مدير المبيعات في الشركة ''مايك ستاوت'' الذي يقول: إن سكان البرازيل الشباب في ازدياد، وهو أمر مهم بالنسبة لسلسلة المطاعم الأميركية هذه· بيد أن ''كارلز جونيو'' كانت لديها أيضا دوافع أخرى لها علاقة بالقوة الاقتصادية الجديدة للبرازيل، وفي هذا الإطار قال ''ستاوت'' -في مقابلة معه عبر الهاتف من مدينة سانت لويس- بعد زيارة قام بها مؤخرا إلى ''ساو باولو'': ''إن الرواتب في ازدياد وثمة عدد متزايد من الناس ينتقلون إلى الطبقة الوسطى''، مضيفا ''إن الاقتصاد ينمو والتضخم مستقر، وهو ما يجعلنا ننجذب إلى هذه السوق''· وإذا أضفت إلى ذلك انخفاض معدلات الفائدة وسهولة الحصول على قرض، تتضح أمامك أسباب صعود البرازيل كوجهة جاذبة للاستثمارات، حيث تضاعفت الاستثمارات الأجنبية المباشرة العام الماضي في وقت اتجهت فيه أنظار شركات مختلفة مثل المطور العقاري ''تيشمان سبييار''، ومنتج الآلات الزراعية ''جون دير''، نحو البرازيل كمكان للاستثمار· إنها نقطة تحول لافتة بالنسبة لبلد معتاد على الانتعاش والركود، تعزز مكانة البرازيل باعتبارها القوة الاقتصادية الإقليمية في أميركا اللاتينية· فعلى رغم أن العديد من بلدان المنطقة تبلي بلاء حسنا من الناحية الاقتصادية -إذ أعلنت الأمم المتحدة الشهر الماضي أن أميركا اللاتينية تتمتع بواحدة من أفضل فترات نموها الاقتصادي منذ 40 عاما- إلا أن البرازيل تقدمت على جيرانها كثيرا، فبينما تتبنى بقية العالم سياسات تقشفية وسياسة ''شد الحزام'' خشية انكماش اقتصادي، يقوم البرازيليون بإدخال أيديهم في جيوبهم أكثر هذه الأيام وإخراج المال، وفي هذا الإطار تقول ''نوسا نيفيس -معلمة متقاعدة-: ''بكل تأكيد زاد إنفاقي مؤخرا على الملابس والأحذية والكتب والأسفار، الأمور أفضل بكثير اليوم، ونحن نمر بمرحلة جيدة''· وحسب الخبراء الاقتصاديين، فإن هناك عوامل متنوعة وراء زيادة الاستهلاك على الصعيد الوطني في البرازيل، حيث جلب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات -يذكر هنا أن البرازيل واحدة من كبار المنتجين والمصدرين للمعادن والصويا واللحوم والدجاج والحبوب في العالم- إلى البلاد المال وخلق الوظائف، كما أن السياسات الاقتصادية الحذرة نجحت في التحكم في التضخم والحفاظ على معدله دون 5 في المائة وعلى النمو السنوي في حدود المعدل نفســـه تقريبا، وإضافـــة إلى ذلك، فإن العملة توجد اليوم في أقوى مستوى لهـــا مقابل الدولار منذ ،1999 والمستثمرون جد واثقين من أن البرازيل تسير على الطريق الصحيح إلى درجة أنها منحت مؤخرا شهـــادة ''Investor grade''، وهي شهـــادة تمنحهـــا ''وول ستريت'' للبلدان الجيدة للاستثمار· ولعل الأهم من ذلك كله، حسب الخبراء الاقتصاديين، هو أن ارتفاع الأجور وانخفاض البطالة وبرنامج المساعدة الحكومي، الذي وضع المال في جيوب الأسر الفقيرة، ساعد على صعود 20 مليون شخص إلى الطبقة الوسطى، فهؤلاء الأشخاص لديهم المال ولا يتوانون عن إظهاره وإنفاقه، حيث ارتفعت مبيعات الأجهزة الكهربائية المنزلية بنسبة 17 في المائة العام الماضي، وارتفع عدد الهواتف النقالة المستعملة بـ21 في المائة، كما تضاعفت مبيعات الحواسيب المحمولة وأجهزة التلفاز بشاشات ''بلازما'' ثلاث مرات· أما بالنسبة للمبيعات الأكبر مثل السيارات والمنازل، فإن الأرقام دالة وتشي بالكثير، فقد ارتفع عدد قروض السكن بـ72 في المائة العام الماضي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، بينما قفز المبلغ المالي الذي تم اقتراضه لشراء سيارة بـ45 في المائة، ونتيجة لذلك، وصل إنتاج السيارات العام الماضي إلى مستوى قياسي هو 3 ملايين تقريبا، مسجلا ارتفاعا بـ21 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من ،2008 وفي هذا السياق يقول ''أومبيرتو بارباتو'' -رئيس الجمعية البرازيلية لقطاع صناعة الإلكترونيات-: ''كنا دائما نعلم أن جزءا مهما جدا من السكان كان مقصيا··· أما اليوم، فهناك مجموعة جديدة كاملة من الناس التي تدخل السوق''· ارتفاع الإنفاق هذا لم يكن ليحدث لولا انخفاض معدلات الفائدة وسهولة الحصول على قرض، فحتى عهد قريب، كانت معدلات الفائدة عالية جدا والاقتصاد البرازيلي متقلبا إلى درجة أن البنوك كانت ترفض الإقراض لفترة طويلة، غير أن السياسات الاقتصادية الحذرة للرئيس ''لولا دا سيلفا'' أثبتت نجاحها، فخلافا لما كان يعتقد الكثيرون من أن اليساري السابق سيتخلى عن السياسات الجبائية المحافظة، حافظ ''دا سيلفا'' على السياسة النقدية القديمة، وبخاصة خلال سنواته الأولى في السلطة، ثم أشرف تدريجيا على خفض معدلات الفائدة من 25 في المائة حين وصل إلى الحكم إلى 11,25 العام الماضي، إلا أن البنك المركزي سرعان ما رفع المعدل إلى 12,25 في المائة في محاولة لكبح التضخم، ومع ذلك، ورغم أن المعدل مازال يعد بين أعلى معدلات الفائدة في العالم، إلا أنه يعد منخفضا بالمقاييس البرازيلية·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©