السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل يمكننا اجتراح أفضل من «سايكس بيكو»؟

هل يمكننا اجتراح أفضل من «سايكس بيكو»؟
25 مايو 2017 12:52
هذه قراءة لكتاب ألّفه د. محمد جابر الأنصاري، تحت عنوان «تكوين العرب السياسي، ومغزى الدولة الوطنية»، ويتناول فيه المفكر البحريني، إشكاليات الفكر السياسي العربي، تجاه مسائل الدولة الوطنية، والدولة القومية الواحدة. يتساءل الأنصاري دوماً: (لماذا نمتلك أحسن المبادئ، ولكن في الواقع نعيش أسوأ الأوضاع)؟ ويرى أن «هناك التباساً لذاتنا، ولتراثنا، وللآخر»، مما يدفعه للاهتمام بإعادة قراءة التاريخ العربي، كما يعتقد أن «السياسة كعلم أو كبحث، هي من أضعف نقاط الفكر العربي». يعيد الأنصاري، أزمات الفكر السياسي العربي، المتكررة والمتلاحقة، إلى مرحلة صدر الإسلام، وحتى المرحلة الراهنة، أزمات في النظم والنخب والأيديولوجيات السياسية، تقليدية وغير تقليدية، قومية أو دينية أو ليبرالية.. الخ، تعيد إنتاج ذاتها، أزمة بعد أزمة، بفعل عوامل وظروف مجتمعية وتاريخية وجغرافية معينة. يسلط الأنصاري الضوء، على ما يعتقده من خصوصية تاريخية ومجتمعية، وتأثيراتها في الأزمة المستفحلة. ويؤمن بأن الخصوصية متأتية من خصائص المكان العربي (الجغرافيا) وجواره الإقليمي، وموقعه العالمي، ويعود بِنا إلى مغزى حروب الردة، والفتنة الكبرى، مروراً بإجهاض عصر التنوير العباسي، حتى نهاية الحكم العثماني. وإجهاض النظام التجاري العربي الإسلامي، وإشكاليات الدولة في الحياة العامة، والعجز في المجتمع المدني، وسيطرة القوى الريفية (الأصولية) على قوى المدينة العربية. في أسر الماضي يخصص الأنصاري فصولاً عدة في كتابه للدولة القطرية، مشيراً إلى أن «الإطار الفضفاض للخلافة العثمانية؛ والتأرجح بين حضور وغياب السلطة المركزية المنظمة، في معظم المجتمعات العربية» جعل من الدولة القطرية، أول محاولة عربية حديثة، في (الوحدة). وفي الخلاصة، يرى أن الوعي السياسي العربي، شعوباً ونظماً، مطالب اليوم بإدراك أبعاد إشكاليات الدولة الوطنية في اللحظة الراهنة، وكيفية موازنتها بدقة، من أجل تأسيس أفضل للدولة الحديثة، أي التوفيق بين استكمال بناء الدولة، وترسيخ كيانها، وإصلاحها ديموقراطياً. لكن السؤال اليوم، وبعد مرور نحو ربع قرن على صدور كتابه، كم من الزمن نحتاج للبناء والترسيخ، قبل أن ندخل بوابة الإصلاح؟ هل إشكاليات الدولة القطرية اليوم، هي إشكاليات الأمس، أم أن الأولويات، تفرض الحيلولة دون تفسيخ الدولة القطرية، كياناً ومجتمعاً ونسيجاً أهلياً، في ظل كوميديا سوداء، وهويات صغرى قاتلة ومتقاتلة، وفشل وإحباط وعنف غير مسبوق، يكبل خطى الأمة، ويصرف طاقاتها ومواردها في قنوات العدم؟. لنتذكر أن الأنصاري، أعد هذا الكتاب، في فترة «الأزمة العراقية الكويتية، 1990»، لذلك فإنه رأى في المشهد العربي، ما يشبه مشاهد متماثلة في تاريخنا، في مظهر الأزمة وفي إدارتها، ويقول: «إن الماضي ممتد في الحاضر، في الزمان والمكان، ويؤثر في المسلكيات السياسية العربية إلى يومنا الراهن». يستعرض الأنصاري، خلاصة التجربة العربية الإسلامية في السياسة، من خلال نماذج لشهادات علماء ومفكرين بارزين في التراث، فضلاً عن وقائع تاريخية؛ وقد لاحظ الأنصاري، أنه منذ نشأة السلطة السياسية في الإسلام، بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كان السؤال الملح بين المسلمين هو من يحكم؟ ومن أي قبيل أو عشير؟، أما السؤال الأهم، «كيف يكون الحكم؟ وما هو المنهاج والبرنامج»؟... فلم يكن مطروحاً. مورس العنف، من قبل المعارضة، حتى في عهد الخلفاء الراشدين، وقُتل ثلاث خلفاء. استوعب الأمويون الأمر بعد ذلك، فكانوا أسبق إلى الفتك بالمخالفين لهم، وهكذا دواليك. وظل صلاح الحاكم، مسألة ضميرية، ومرتبطة بمدى استعداده الذاتي. ورغم أن الحضارة العربية الإسلامية، كانت غنية بعطائها الروحي والإنساني والعلمي، لكن فقه السياسة ظل ضعيفاً، وكذلك حال المؤسسات السياسية الدائمة ضمن كيان الدولة، ما عدا مؤسسة الخلافة، وما تفرع منها من دواوين... كما يقول الأنصاري. ومن الثابت، أنه كانت هناك خصوبة في الفقه واللغويات وعلم الكلام والفلسفة والعلوم والرياضيات، فضلاً عن التعددية، إلا أن هذه التعددية كانت منفلتة وغير متسقة، وتحكم في الحضارة العربية الإسلامية الواقع، أكثر من الفكر الإرادي الواعي، وتفاعلت هذه الحضارة واحتكت مع بيئات مختلفة ومتنوعة، وتغيرت عواصمه ولم تتح لها مركزية ثابتة في عصور كثيرة. على صعيد العلماء، مثلًا؛ طالب الإمام الغزالي (بعد خمسة قرون من نشأة الدولة الإسلامية) اتباعه، «ألاّ تخالطوا الأمراء ولا السلاطين... مخالطتهم آفة عظيمة». الشيخ محمد عبده، (تعوّذ بالله من السياسة ولفظها وشؤونها)، بعد خيبة أمله من واقع التجربة. الشيخ ابن تيمية، يأس من العدل المنتظر، من الدولة المؤمنة، في دار الإسلام، وقال: «إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة»، وقضى معظم حياته، ومات في «سجون السياسة». ابن خلدون، اعتزل السياسة، بعد أن اكتوى بنارها، واستخرج عصارة تاريخية، (الحواضر، ومناطق العمران العربية، عاجزة عن حكم نفسها بنفسها، وتوفير الدفاع الذاتي عن وجودها). قبل أكثر من عقدين، ارتفع صوت النخب المثقفة والمفكرين، مطالبين بتجسير الفجوة بين المثقف، المفكر والأمير!! هل هي ظاهرة ممتدة، وصولاً إلى زماننا هذا؟.. هل نبالغ في القول بأن السلوك السياسي العربي السائد رسمياً وشعبياً، نادراً ما يُقبل على «التوافق والأخذ والعطاء»؟ إن مفهوم العمل السياسي، تجمد اليوم في مستوى المجابهة والشغف المنفلت بالسلطة، ووظف الدين لأغراضه. لكن، لا بد من تحفظ، كما يقول الأنصاري؛ فلم يخل العمل السياسي العربي من قادة وساسة امتازوا بالحكمة في تدبير الحكم، والكفاءة والقدرة، وأدوا واجبهم بشكل جيد، لكن المهم هو التشكيل الجماعي. لماذا تعطلت الوحدة؟ الفصل الثاني من الكتاب، تكمن أطروحته الأساسية، في مسألة العوامل الموضوعية التي عطّلت قيام دولة عربية موحدة، ويرى الأنصاري، إن أهم هذه العوامل: (1) الحواجز الصحراوية؛ شكلت قطيعة مكانية وعزلة. ومنعت نشوء نسيج حياتي عضوي متكامل، لمجتمع موحد، ولدولة موحدة متواصلة، وفرّخت تعدديات عشائرية ومذهبية ومناطقية متباعدة ومتنافرة. وولدت موجات تصحر وجفاف متعاقبة، أعاقت سرعة التطور السياسي والحضاري العربي. (2) الهجرات والغزوات البدوية، التي اجتاحت مراكز العمران والدول، بمعنى أن البوادي العربية، حسمت مصير المنطقة وعطّلت قيام دولة عربية موحدة. ومن أبرز هذه الاجتياحات الرعوية القبلية: (البويهيون، السلاجقة، المغول والتتار، المماليك، العثمانيون). (3) عدم نشوء قوة تماسك وتضامن اجتماعي مديني وحضري، تكون أساساً لتوليد السلطة السياسية، مما جعلها دوماً محتاجة إلى «قوة حماية» من خارج المنطقة. (4) ضعف مشاركة العرب، في حكم الدولة وإدارتها، خلال الألف سنة الأخيرة، نظراً لاحتكار العناصر الرعوية الآسيوية الوافدة السلطة الكاملة فيها، بحيث كان العرب رعية بائسة، لا دور لهم في إدارة الدولة وممارسة السلطة، بمعنى أن العرب لم يمارسوا فن قيادة الدولة وإدارتها ونظمها ومؤسساتها. (5) غياب النظام الإقطاعي بالمفهوم الأوروبي في المنطقة العربية، باعتبار أن هذا النظام، له دوره الإيجابي الأساسي، في عملية التوحيد القومي للمجتمعات، وإنماء الوحدات المحلية، والمقاطعات الوسيطة، الواصلة بين المراكز والمدن الكبرى والأقاليم المتباعدة مما يقود إلى تنامي وتفعيل النسيج المجتمعي الإقليمي، بما يؤدي في النهاية إلى توحيد أجزائه المتواصلة في كيان واحد. (هنا لا يتحدث الأنصاري عن ظاهرة الاستغلال، التي تصاحب النظام الإقطاعي، إنما يبرزه كآلية تساعد في التكوين القومي). من ناحية أخرى، فقد تعرض الأنصاري، لمغزى (الدولة القطرية)، ونشأتها، ونفى فكرة أن العرب كانوا يعيشون حالة (وحدة) في نهاية الحكم العثماني، عدا عن إحساسهم بالرابطة الوجدانية والمعنوية العامة، وبالفعل، فإن الحالة العربية، كانت مجرد وحدات صغرى (مع بعض الاستثناءات كحالة مصر والمغرب)، ربما كان هناك ولاء بدرجة أو بأخرى إلى الدولة العثمانية، ولكن هذا الولاء لم يتجسد في معايشة وتفاعل مباشر، بين الفرد والدولة، إلا في خضوعه لأحكامها الضريبية والعسكرية (سفر برلك). وقد توصل الأنصاري إلى استنتاج مفاده: «استحالة تحقيق الوحدة أثناء الحكم العثماني، والسيطرة الاستعمارية التي تلت، واستحالة الانتقال المباشر من الاستعمار إلى الوحدة، واستحالة الوحدة بين دول حديثة الاستقلال، قبل بناء كيانها وتحقيق ذاتها، ولا يبقى من إمكانية فعلية للوحدة، غير قيام الدولة الوطنية (القطرية)، ونموها، والتدرج معها نحو الوحدة». ملاحظات على الأنصاري (1) يمكن اعتبار أطروحة الأنصاري، مشروع أولي لإعادة كتابة تاريخ التكوين السياسي للعرب، لكن الصعوبة في هذا المشروع، تكمن في كون هذا الوطن العربي الكبير، لا يخضع لتماثل واحد، ففيه كثير من التنوع الجغرافي والمناخي، والتعدد البشري والاثني والمذهبي، والبيئي.. هذا التنوع والتعدد يمثل عامل إثراء، وإمكانية جيدة للتكامل الخصب، لكن تحويله إلى واقع، يتوقف على مدى توافر (الإرادة السياسية القومية)، بالدرجة الأولى. تأملوا اليوم، في حال النظام العربي القومي، بمؤسسته الرسمية (الجامعة العربية)، وحال مجلس التعاون الخليجي، ولننْسَ حال مجلس التعاون المغاربي (هل تتذكرونه؟).. التكامل هنا وهناك، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً واجتماعياً... الخ، ما زال أقل من الطموح، لا لنقص في الاتفاقيات والاستراتيجيات والقرارات والبرامج، أو حتى النوايا الطيبة، وإنما لغياب الإرادة السياسية، وقد كان هذا العنصر غائباً، في أطروحة الأنصاري. (2) أن حصر خصوصيات التاريخ المجتمعي السياسي العربي، في ضوء خصوصية الصحراء، وآليات البادية القبيلة غياب الإقطاع الاجتياحات والهجرات، الجدب والجفاف هي نظرة غير شمولية، فضلاً عن بعض المبالغة في أوزان هذه العناصر، خاصة عنصر الصحراء «كمعوق للوحدة، وكحاجز عازل، ومُفرّخ للتعدديات القبلية والمذهبية» كما يقول الأنصاري.! إن الصحراء لا علاقة لها بتعددية المذاهب والمعتقدات، وانتشارها في أرجاء البلاد العربية أو حتى في البلد الواحد. وما أعاقت توحيد الجزيرة العربية، ولا ليبيا ولا العراق، على سبيل المثال، ولم تقطّع الصحراء مصر رغم أن الصحراء غير المعمورة تشكل غالبية مساحة مصر (والتي تقدر بنحو مليون كيلو متر مربع)، والمساحة المأهولة لا تزيد عن ثمانية بالمائة من هذه المساحة الكلية. قد تكون «قطيعة المكان» وموجات التصحر والجفاف، من بين مسببات كثيرة، أعاقت سرعة التطور الحضاري، لكنها لم تحل دون بناء جسور التواصل الإنساني والتجاري (طريق الحرير مثالاً)، وعلى جانبيه انتشر الإسلام في آسيا، وخلق التحدي الصحراوي والمجدب، تفاعلاً وتبادلاً، وتغلغل المزيج بين البداوة والحضر، في الشخصية العربية الجماعية، وشكل هذا المزيج، في صدر الإسلام، مجتمعات تمتلك قوة التماسك والسلطة والقيادة، وبما حازته من مكانة دينية وقبلية. لكنها في مراحل مختلفة تعرضت لإجهاض وإعاقة، بفعل عوامل داخلية (منافسات سياسية، وحروب أهلية، وخلافات دينية.. الخ) وأخرى خارجية. (3) حتى لو قبلنا نظرية الأنصاري، بشأن غياب دور الإقطاع، بالمفهوم الأوروبي، في التوحيد والوصل وتوفير فائض إنتاجي، قادر على تحقيق وحدة، فإن الإقطاع الأوروبي نفسه، لم يحل دون نشوء حروب دامية في أوروبا، على مدى عشرات السنين، دينية تارة، وتنافسية تارة أخرى، وبين مدن وإقطاعيات وملوك وعائلات وسلالات وكنائس، وأعراق.. الخ. وفي تقديري أن الاقتصاد الإنتاجي كبديل عن النظام الإقطاعي والتنظيم المدني والاجتماعي والسياسي، كبديل عن مجتمع القبيلة والطائفة، والتفكير النقدي ومبدأ المواطنة المتكافئة كبديل عن التفكير الوهمي والعصبوي والمذهبي، وامتلاك الإرادة السياسية وتعزيز المشتركات باتجاه بناء الدولة الوطنية العصرية والمتكاملة عربياً، والمتفاعلة إنسانياً... هو التأشيرة الصالحة لدخول المستقبل. قدم الأنصاري، قراءة واحدة شبه متماثلة، لتاريخ نشأة الدولة القطرية، ولأفكار الاتحاد بين الأقطار أو الأقاليم العربية، رغم أن كل إقليم (الجزيرة العربية والخليج، الهلال الخصيب، وادي النيل، المغرب العربي)، له خبرة مختلفة لنشأة الدولة، لم يتعرض الأنصاري، إلى أزمة الدولة العربية المعاصرة، (الحداثة السياسية، نسبية الشرعية، درجة الاندماج الوطني، أزمة الهُوية، مدى العدالة الاجتماعية والحقوق المدنية والحريات، الهشاشة أو الصلابة، حكم القانون، التنمية المتوازنة والمستدامة، قوى غير دولاتية تنازع الدولة في أدوارها، سيادتها في الاقتصاد، قدراتها ومواردها، اثر المحيط الإقليمي والدولي، والمواريث التاريخية، في أزمة الدولة.. الخ.. وأخيراً... في هذه الأزمنة الصعبة التي تعيشها الدولة القطرية، وقد تصدع بعضها، وتفسخ النسيج الاجتماعي في بعضها الآخر، بفعل الفشل في تدبير الحكم، وإدارة الاختلاف، واحترام التنوع، والعجز التنموي والعلمي والإبداعي، وتنامي الفكر المتطرف والغُلو والعنف، وارتفاع منسوب الولاءات العصبوية والمذهبية والطائفية، وفي ضوء التحولات الجارفة والسريعة، وثورات التقانة والاتصال والمعرفة والمعلومات، علينا أن نبحث في عراقيل وتحديات أخرى، غير لعن الصحراء والاستعمار والتاريخ العبء، علينا مواجهة «التصحر في الإرادة السياسية»، والعمل الجاد لتطوير مشروع وطني وقومي نهضوي وإنساني، للدولة القطرية الناضجة والعصرية. إن ما يوحدنا كعرب، بكل مكوناتنا المجتمعية والحضارية، من دين ولغة وثقافة وتاريخ ومصالح مشتركة، ومصير واحد، هي مقومات حقيقية، لكن علينا أن لا نحملها أكثر مما تحتمل، هجونا سايكس بيكو نحو مائة عام، ونظرنا إلى الدولة القطرية، باعتبارها صناعة استعمارية، من غير وعي معرفي يستوعب الواقع، ويدرك القوانين المؤثرة فيه. وها نحن اليوم نبكي الدولة القطرية، المعرضة للتذرر والفشل، ونذود عنها. .... ويبقى السؤال؛ هل نستطيع كنخب مثقفة وسياسية، أن نقدم صيغاً أفضل مما قدمه سايكس وزميله بيكو؟؟ السؤال الأهم.. غائب لاحظ الأنصاري، أنه منذ نشأة السلطة السياسية في الإسلام، بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، كان السؤال الملح بين المسلمين هو من يحكم؟ ومن أي قبيل أو عشير؟، أما السؤال الأهم، «كيف يكون الحكم؟ وما هو المنهاج والبرنامج»؟... فلم يكن مطروحاً. المثقف و.. الأمير * الامام الغزالي (بعد خمسة قرون من نشأة الدولة الإسلامية) طالب أتباعه «ألاّ تخالطوا الأمراء ولا السلاطين... مخالطتهم اَفة عظيمة». * الشيخ محمد عبده، (تعوّذ بالله من السياسة ولفظها وشؤونها)، بعد خيبة أمله من واقع التجربة. * الشيخ ابن تيمية، يئس من العدل المنتظر، من الدولة المؤمنة، في دار الاسلام، وقال: «إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة»، وقضى معظم حياته، ومات في «سجون السياسة». * ابن خلدون، اعتزل السياسة، بعد أن اكتوى بنارها، واستخرج عصارة تاريخية، (الحواضر، ومناطق العمران العربية، عاجزة عن حكم نفسها بنفسها، وتوفير الدفاع الذاتي عن وجودها). * قبل أكثر من عقدين، ارتفع صوت النخب المثقفة والمفكرين، مطالبين بتجسير الفجوة بين المثقف، المفكر والأمير!! ------------ الكتاب: تكوين العرب السياسي، ومغزى الدولة الوطنية. المؤلف: د. محمد جابر الأنصاري. الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت عام 1994.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©