الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إنقاذ قبرص... تكلفة اقتصادية باهظة

26 مارس 2013 23:08
نيك سكويرز نيقوسيا عبر القادة الأوروبيون والسياسيون القبرصيون عن تفاؤل حذر بعد التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة لإنقاذ قبرص من محنتها المالية، حيث أبدى المراقبون انشغالهم بالتداعيات الاقتصادية طويلة المدى على الجزيرة. وفي هذا السياق قال «ميكائيل ساريس»، وزير المالية القبرصي: «لقد انتهت فترة الضبابية وعدم اليقين التي أحاطت بالاقتصاد القبرصي»، وهو ما اتفق معه أيضاً «يورين ديجلبون»، الذي يرأس اجتماعات وزراء المالية في منطقة «اليورو»، قائلا «لقد وضعنا حداً لعدم اليقين المحدق بقبرص ومنطقة «اليورو» خلال الأسبوع الماضي». لكن العديد من الخبراء المستقلين لا يتفقون مع هذا الرأي، إذ رغم تأمين قبرص لمبلغ عشرة مليارات يورو كجزء من خطة الإنقاذ التي أرادتها، إلا أنها في المقابل وافقت على تنفيذ حزمة قاسية من الإصلاحات والإجراءات الحازمة التي من شأنها شل قطاع الخدمات المالية لسنوات قادمة. وربما تكون الصفقة التي توصلت إليها قبرص مع شركائها الأوروبيين قد حالت دون سقوطها في براثن الإفلاس وخروجها مضطرة من الاتحاد الأوروبي، إلا أن الصفقة تفرض من جهة أخرى إعادة هيكلة اقتصاد البلد الصغير، ما سيترك قبرص أمام مصاعب أخرى تتمثل في فقدان الوظائف، ودخول الاقتصاد في مرحلة عميقة من الركود، فضلاً عن هروب رؤوس الأموال الأجنبية من القطاع البنكي، الذي كان حتى فترة قصيرة مربحاً للمستثمرين. ورغم الصعوبات، التي واجهت المفاوضات العسيرة بين قبرص والمفاوضين الأوروبيين للحصول على الدعم الضروري، تم التوصل في وقت مبكر من يوم الإثنين الماضي وقبل ساعات قليلة فقط على الأجل النهائي الذي حدده البنك الأوروبي المركزي لوقف وصول السيولة العاجلة إلى البنوك القبرصية، إلى اتفاق الإنقاذ النهائي. وفي تفاصيل الاتفاق، وفرت الصفقة ضمانات لصغار المودعين في البنوك القبرصية لمن لا تتجاوز ودائعهم البنكية مائة ألف يورو، كما سيغلق ثاني أكبر بنك قبرصي- وهو البنك الشعبي القبرصي المعروف أيضاً باسم «لايكي»- أبوابه نهائياً مع تكبد المؤسسات والأشخاص الذين يملكون ودائع تفوق مائة ألف يورو خسائر كبيرة. والأكثر من ذلك سيفقد الآلاف من موظفي البنك وظائفهم، فضلا عن التداعيات التي سيعاني منها أصحاب الوظائف الخاصة المرتبطة بالبنوك مثل المحاسبين والمحامين والمستشارين الذين يعتمدون على القطاع المالي، هذا القطاع الذي اجتذب في السنوات الأخيرة استثمارات بمليارات الدولارات بما في ذلك 20 مليار يورو من روسيا فقط. ويشغل القطاع ما بين 25 و30 في المئة من القوى العاملة في قبرص التي لا يتجاوز عدد سكانها 800 ألف نسمة. وعن هذا الأمر يقول «ستيليوس بلاتيس»، الخبير الاقتصادي بالجامعة الدولية لإدارة الأعمال بقبرص «لقد أصيبت قبرص في مقتل»، محملاً مسؤولية ذلك على المجموعة الأوروبية واجتماع وزراء مالية دول منطقة «اليورو»، الذي منح قبرص حزمة الإنقاذ، قائلا «قتل الاتحاد الأوروبي أهم عنصر في ازدهار القطاع المالي متمثلا في ثقة المستثمرين والمودعين»، مضيفاً «واليوم لا ندري حتى ما إذا كان أكبر بنك في البلد، بنك قبرص، سينجو من المحنة، فقطاع الخدمات المالية كان يشكل أكبر نشاط اقتصادي وأكثره ازدهاراً في البلد وقد تعرض لضربة قوية. ولا شك أن باقي القطاعات الاقتصادية تتأثر سلباً»، وفيما تردد «بلاتيس» عن تقدير الخسارة التي سيتكبدها عموم الاقتصاد القبرصي جراء الإجراءات المفروضة من منطقة «اليورو»، يرى محللون آخرون أن الاقتصاد القبرصي قد ينكمش بحوالي 20 في المئة خلال العامين المقبلين مع ارتفاع نسبة البطالة من 15 في المئة إلى 25 في المئة خلال الإثني عشر شهراً القادمة. ويذهب منتقدو قبرص إلى أن البلد أفرط في الاعتماد على القطاع المالي الذي بات يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد بثماني مرات. وأبدى قادة دول منطقة «اليورو» عزمهم على فرض إصلاحات واسعة على القطاع المالي الذي اتُُهم بقبول استثمارات أجنبية دون التساؤل عن مصدرها. وفيما يتعلق بتداعيات الإجراءات الإصلاحية قال «أفكسنتيس أفكستنتيو»، محافظ البنك المركزي القبرصي السابق أن عواقب حزمة الإنقاذ قد تستمر لعقد كامل، موضحاً ذلك بقوله «لقد تلقت قبرص ضربة قاسية بحيث سنرى تراجعاً في مستوى معيشة السكان. وحتى لو تمكن الاقتصاد من التعافي خلال السنتين، أو الثلاث المقبلة، إلا أن مستوى المعيشة سيهوي، وسيتطلب الأمر عشر سنوات على الأقل لرجوعه إلى مستواه السابق»، والتخوف نفسه عبرت عنه مؤسسة «أوروبا المفتوحة»، وهي مؤسسة بحثية تتخذ من بروكسل ولندن مقراً لها، مؤكدة أن حزمة الإنقاذ التي صادقت عليها قبرص، ستكون لها تداعيات مدمرة على الجزيرة الصغيرة مع اعتماد الاقتصاد شبه الكلي على المساعدات الأوروبية دون تحقيق نسب النمو الضرورية. وقالت المؤسسة في بيان لها «من المرجح أن يعاني الناتج المحلي الإجمالي لقبرص انهياراً عقب الصفقة، مع معاناة الاقتصاد من القيود الجديدة المفروضة على القطاع المالي، فالقرض الكبير الذي قدمته دول اليورو سيضع على عاتق قبرص أعباء كبيرة من الديون التي يصعب سدادها، كما أن الإجراءات التقشفية المصاحبة للإصلاح المالي سترفع من معدلات البطالة وقد تسبب في اضطرابات اجتماعية». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©