السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البحث عن حبتي بندول

17 يوليو 2008 01:36
يروى في المأثور الصيني أن بومةً قالت لزميلتها السلحفاة: من الغد سوف أرحل عن هذه الضفة من النهر إلى ضفته الثانية، فسألتها السلحفاة عن السبب فقالت البومة: الجميع هنا يقولون إن صوتي يزعجهم· للأسف فإن الغبش الذي أصاب البومة يصيب الكثير من البشر أيضاً، فبدلاً من أن تعالج المشكلة والمتمثلة في صوتها القبيح فقد رأت أن المشكلة هي في المحيطين بها فأتى الحل ساذجاً بنقل المشكلة إلى مكان آخر، تماماً كمن يفشل في فهم المشكلة التي تصادفه فيلجأ إلى طريقتين: إما أن يهرع للحلول السطحية لظاهر المشكلة لا أسبابها الدفينة اختصاراً للوقت والجهد، وإما أن يعطيها ظهره ويتجاهلها آملاً في أن تحل نفسها بنفسها· يصادفنا في عالم المؤسسات الكثيرون ممن نتوسم فيهم الموهبة والقدرة نظراً لثراء السيرة الذاتية وعلو المؤهلات وكثرة الدورات التدريبية التي مر من خلالها، ثم نستغرب عندما نراه حائر القوى أمام مشكلات العمل وحالاته الطارئة وكيف يأخذه ذلك النقص في شخصيته القيادية لإغراق نفسه في مهام فرعية كثيرة لتبعده عن أتون تلك المشكلة علّ وعسى أن تمر العاصفة دون أن تقتلع الكثير من الأشجار· إن المشاكل لا تحل نفسها إلا في أحلام الفاشلين، وصراعات العمل لن تمر مرور الكرام إن لم تعالج في حينها، فالمشكلة في المؤسسات هي أشبه بكرة الثلج المتدحرجة التي يزداد حجمها بمرور الزمن حتى تصبح أكبر من أن يكون بمقدور أحد السيطرة عليها، وليس من المعقول أصلاً أن تستطيع مؤسسة الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها إن فشلت في ترتيب بيتها من الداخل أو استعصى عليها إيجاد نمط منهجي متزن لحل مشاكل العمل· ولا يماثل بالسوء هذه الطريقة في احتواء المشاكل إلا المسارعة لأي حلٍ شكلي والبحث عن أقرب شماعة أو أضعف كبش فداء، فتسطيح المشكلة لا يقود إلا لسطحية العلاج بالتبعية، وليس من الحكمة بمكان أن يعتمد مسؤول مؤسسة على سكوت أتباعه على ما يتخذه من قراراتٍ تتعلق بتلك المواقف ظنّاً منه أنه أتى بما لم يأتِ به الأوائل والأواخر، فسكوت الكثيرين لا يعدو أن يكون تملقاً أو خوفاً أو ابتعاداً عن جدلياتٍ بيزنطية لا تنتهي إلا بأمرين: الرضوخ من جديد لرأي المسؤول، والبحث عن حبتي بنادول لتخفيف الصداع· إن تذمّر عميلٍ لا يعني أن نقوم بإنهاء خدمة موظف خدمة العملاء باعتباره أقرب ضحية وظاهر المشكلة، فقد يكون سبب ضعف الخدمة يعود لقصور الدعم التقني للخدمات، والتي بدورها تعود لتأخر طلبيات شراء الأجهزة الضرورية، وهذا التأخر أيضاً يعود لقلّة الاعتمادات المالية لهذه البنود في الموازنة وتستمر سلسلة المسببات في التغلغل أكثر فأكثر لنجد في النهاية أن آخر ضحية يجب أن تُقدَّم للفداء هي موظف الخدمة ويسبقه الجميع بمن فيهم المسؤول المحترم نفسه· هذا الأسبوع واصلت شركتان تخبطهما في محاولة إيجاد مخرج لوضعهما التنافسي المترنح، فستاربكس خرجت بمشروب عصير اسمه (Vivanno ) في محاولة لجذب مستهلكين جدد بينما تكمن مشكلتها الرئيسية في اتساعها المبالغ فيه وسعر مشروباتها الساخنة العالي للغاية، إذ أصبح من الأفضل للعميل أن يوفر الدولارات الأربعة ليجعلها في خزان وقود سيارته بدلاً من أن تكون لكوب موكا أو لاتيه· الشركة الثانية هي (كالعادة) جنرال موتورز إذ أعلنت خطة تخفيض عمالة جديد يقدر بنحو 20% من عمالها في أمريكا بالإضافة لتخفيض نفقات الدعاية والإعلان متجاهلةً أنها أصبحت في حاجة أكبر لترويج منتجاتها بعد أن انخفض سهمها بنسبة 75% منذ السنة الماضية، وكم كان مضحكاً تعليق تروي كلارك بأن الشركة ستستخدم منهجيات بديلة لاستهداف العملاء بصورة أكثر تحديداً، متجاهلاً أن العميل يريد سيارة أرخص وذات استهلاك وقود أقل لا أن تنتقل البومة من ضفة النهر إلى ضفته الثانية· Awad141@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©