الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حُمى الاستهلاك!

17 يوليو 2008 01:16
التقت كالمعتاد هي وأربع من صديقاتها في أحد المراكز التجارية الضخمة في المدينة·· سعادتهن كانت غامرة وقد اجتمع شملهن لممارسة هوايتهن المفضلة في التسوق والشراء المحموم لسبب أو دون سبب لحاجة أو من دون حاجة·· فقط تسوق من أجل التسوق·· تسارعت خطواتهن في الممرات الفسيحة في المركز التجاري·· حائرات من أي المحال يبدأن·· انجذبن بداية لتلك الملابس المرقعة المعروضة في أحد المحال· وانبهرن بتلك التصاميم الغريبة، فسارعت إحداهن لشرائه، بينما انتقلت الباقيات إلى المحل المجاور، وأخذن يتفحصن الأحذية المرصوصة بشكل متقن وفريد، ليتوجهن نحو الأحذية ذات الكعوب العالية، وحمّلن الخادمات بعض الأكياس·· وفي المتجر الثالث، كانت التحف المنزلية وأطقم الأواني موزعة في جميع الاتجاهات، مرصوصة ومرتبه بطريقة فنية مبتكرة، تبهر كل من يراها وتجبره على التأمل في طريقة عرضها أكثر من التأمل في ذاتها، إضافة إلى قسم الشموع وطريقة عرضه التدريجية، من الأصغر والفاتح لوناً إلى الأكبر حجماً إبداعات وُجدت لتأسر الزبائن وتقنعهم بالتخلي عن الحكمة والاقتصاد، مكثن في المتجر ما يقارب الساعتين والنصف تملأ كل منهن عربتها بكل ما يحتاجه منزلها وما لا يحتاجه، تعبئة خاوية لإرضاء غرورهن ، وهكذا اندفعن وانطلقن من محل إلى آخر يتضاحكن ويتعازمن على مطعم تارة·· ومقهى تارة أخرى، ومسرح سينمائي·· وغيره من متاجر المرطبات والمثلجات لا تسعهن السعادة لتحقيق رغباتهن في الشراء·· والاقتناء·· والحصول·· والامتلاك·· دون أدنى حاجةٍ أو تبرير··· قاربت الساعة العاشرة مساءً·· والخمس في السعادة غارقات، عائدات إلى بيوتهن فرحات، أولادهن في ضياع·· وبناتهن في شتات، وأزواجهن في غفلةٍ وسبات، وهنّ يتهيأن لزيارة أخرى تكشف لهن عن خطوط الموضة ومدى التحضر لإثبات الذات! لقد أصبح التسوق ظاهرة مرضية عند بعض النساء، فالإعلانات المغرية وحب الظهور والتميز وملاحقة الصرعات العالمية صرعت عقولهن، وأصبحن يتهافتن للشراء دون أي تفكير! إيناس الحبشي أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©