السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخلطة السامة سبب الفتنة العامة!

4 يوليو 2016 23:36
ماذا فعل العرب والمسلمون المعتدلون والمتسامحون على مدى عقود طويلة؟ وماذا كان أثرهم في الغرب؟ لا شيء على الإطلاق.. بينما زلزل الإرهابيون العرب والمسلمون في شهور قليلة أركان الدول الغربية، وقلبوا موازين وقواعد اللعبة فيها، وغيّروا المعادلة ونجحوا في خلق قوى إرهابية مضادة صارت لها اليد الطولى في الغرب الآن.. كما استطاعوا نقل الدول الغربية من خانة الفعل التي ظلت فيها عشرات السنين إلى خانة رد الفعل.. ومن خانة الهدوء وإنضاج كل الطبخات على نار هادئة إلى خانة الانفعال والتخبط والقفز إلى المجهول كما فعل الشعب البريطاني الذي كان هادئاً وصار انفعالياً في استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي. والحق أن الإرهابيين العرب استطاعوا نقل العالم كله إلى خانة رد الفعل وليس الدول الغربية فقط.. فهم يفعلون والعالم يدين ويستنكر ويشجب.. وهم الذين يحددون مكان وزمان وميدان المعركة.. هم الذين يفعلون والعالم يقول.. هم الذين جعلوا العالم كله بين تطرفين وإرهابين.. أو بين مطرقة الإرهاب باسم الإسلام وسندان الإرهاب باسم القيم الغربية ومواجهة الإرهاب الإسلامي.. ومعنى ذلك أن معسكري الإرهاب يكسبان كل يوم أنصاراً جدداً وأن المخطط القادم هو أن تكون الحرب دينية لا قومية ولا وطنية، ولا من أجل الثروات والنفوذ ولا حرب مياه كما قالوا من قبل.. بل إن استراتيجية الاستخبارات الكبرى في العالم تحولت تماماً إلى الدين بعد أن كانت أسلحتها الجنس والنساء.. والنساء هن القاسم المشترك في لعبة الاستخبارات، سواء بنكاح الجهاد والسبي أو باستخدامهن في الإيقاع بكنوز المعلومات عن طريق الجنس كما كان يحدث من قبل. الإرهاب يقتل، والاعتدال يقول، إنها جرائم بشعة والناس يتعاطفون مع القتيل قليلاً، ولكنهم يجدون مبررات للقاتل!. والناس يخافون القاتل ولا يخافون القتيل، لذلك كلما أوغل الإرهاب في جرائمه وجد أنصاراً من الخائفين والصامتين والمبررين!. وقد انتشر الإرهاب في أمتنا على يد فريقين.. فريق يهتف له ويناصره باسم الإسلام، وفريق يبرره باسم فساد نظام التعليم وشيوع الانحراف والفسق والفجور، وتهميش الشباب والبطالة والفساد السياسي والمالي.. وفريق المبررين هذا هو نفسه فريق الشامتين إذ كلما وقعت جريمة إرهابية يحملون مسؤوليتها للسلطة أو للظلم والقهر وقمع الحريات.. ولدى الفريقين دائماً سعادة بالإرهاب والتماس العذر له. المهم في الأمر أن البيئة الدولية كلها ملوثة، سواء البيئة السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو حتى البيئة الدينية.. والمهم أن مصدر التلوث هي المنطقة العربية.. لأن مياه الدين النقية اختلطت عند العرب بمياه الصرف الصحي الصحفي والصرف الإعلامي والصرف السياسي، فدخلت العقول والقلوب خلطة سامة ملوثة جرت وسرت في الدم العربي، فسممت سلوكيات وأفكار الناس.. ومسألة فصل مياه الدين النقية عن مياه الصرف الصحي الفكري والسياسي أصبحت شبه مستحيلة.. والأمر لم يعد مجرد تغيير أو تطوير الخطاب الديني أو السياسي، وإنما هو ضرورة تغيير الدم الملوث بالخلطة السامة بين مياه الدين النقية ومياه الصرف الصحي السياسي.. وأصبح من المستعصي فض أو فك الاشتباك بين الدين النقي والصرف الصحي السياسي. وهذه الخلطة السامة والملوثة والقاتلة من إنتاج مصنع أو مصانع جماعة «الإخوان».. فهذه الجماعة برعت في التلبيس والكذب وجعلت لكل مقام مقالاً، ولكل حادث حديثاً، ولكل مناسبة لغة.. وأخطر من الكذب خلط الصدق بالكذب، وقد قال سيدنا عبدالله بن العباس رضي الله عنه في قوله تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل) أي لا تخلطوا الصدق بالكذب.. وهي كلها خلطات سامة وملوثة برع فيها «الإخوان».. خلط الدين بالسياسة وخلط الصدق بالكذب وخلط الديمقراطية بالشورى.. وخلط الغربي بالشرقي.. وهذا التدليس والتلبيس انطلى على الغرب وانطلى على العرب أيضاً حتى وصفت جماعة «الإخوان» في الغرب بأنها جماعة علمانية منظمة وديمقراطية تتعرض للظلم والقمع من السلطات المستبدة!. ووصفت في الأمة العربية والأمة الإسلامية بأنها جماعة دعوية إسلامية تدافع عن الدين ضد الغرب الكافر!. وأول من وصف الغرب بالكفر هم «الإخوان»، وأول من وصف المخالف في الرأي بالكفر هم «الإخوان»، وبعد أن كانت الأوصاف من قبل هي المعارض أو المناهض أو العميل أصبحت على يد «الإخوان» الكافر والزنديق والمارق. وأجاد «الإخوان» لعبة توزيع الأدوار وكذبة الحمائم والصقور.. وأقاموا في مصانعهم خطوط إنتاج منفصلة عن بعضها لإنتاج أفكار تبدو مختلفة ومتضادة، لكنها في الحقيقة من إنتاج مصنع واحد له مدير واحد وصاحب واحد هم «الإخوان».. فرأينا خط إنتاج «القاعدة».. وخط إنتاج «النصرة».. وخطوط إنتاج «طالبان» و«الحوثي» و«داعش» و«الجماعة الإسلامية» و«التكفير والهجرة» و«الناجون من النار» وجماعات لا ترى بالعين المجردة.. وهذه الخطوط الإنتاجية لن تتوقف عن دورانها أبداً لأن مصنع «الإخوان» ما زال يعمل بكامل طاقته.. ووقوده الدين وسلعته السياسة. ويلتقي «الإخوان» واليهود وملالي إيران في نقطة التلبيس وخلط الحق بالباطل والصدق بالكذب وخلط الدين بالسياسة ولعبة التلبيس التي يسمونها التقية.. ولعبة الأذرع أو خطوط الإنتاج لمصنع واحد.. ولا توجد جماعة إرهابية أو مليشيا طائفية أو عصابات سياسية إلا ولابد أن تكون أذرعاً للأخطبوط الأكبر.. إيران و«الإخوان» وإسرائيل.. لذلك ليس غريباً أبداً أن يكون هناك تحالف استراتيجي بين «الإخوان» وإيران وإسرائيل. ونخلص من ذلك كله إلى أن هذه المنطقة العربية هي مصدر التلوث في العالم كله لأن التلبيس ينطلي علينا، ولأن خلط الصدق بالكذب والحق بالباطل والدين بالسياسة يخدعنا، ولأن الكلام باسم الله وباسم الدين هو مفتاح شخصياتنا حتى لو كان كلاماً فيه تدليس وتلبيس.. ومن السهل استخدامنا وتوظيفنا في مصنع «الإخوان» والملالي وإسرائيل.. وهذا لعمري أشد العذاب أن تختلط الأمور وتعمى البصائر وتظلم القلوب والعقول وقد قيل في قوله تعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً)، إن العذاب الذي من فوق هم ولاة السوء والعذاب الذي من تحت هم رعية السوء.. ويلبسكم شيعاً، أي الأهواء المختلطة والفتن التي يسميها العرب الآن ثورات.. وقيل إن ولاة السوء أخف ضرراً من رعية السوء، حيث الأهواء والتلبيس والإعلام الكاذب ومواقع التواصل التي تخلط الحق بالباطل والصدق بالكذب.. وهذه الخلطة السامة هي سبب الفتنة العامة! *كاتب صحفي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©