الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المعارض تساعد الاقتصاد المصري في كسر حلقة الركود

المعارض تساعد الاقتصاد المصري في كسر حلقة الركود
26 مارس 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - شهدت السوق المصرية خلال الأسابيع القليلة الماضية موجة من المعارض التجارية العامة والمتخصصة، في تحرك يستهدف بالدرجة الأولى كسر حلقة الركود التي تمسك بخناق مئات الشركات الصناعية والتي تعاني تراجع مبيعاتها وانهيار لأرباحها. وتسعى الجهات المنظمة لهذه المعارض والشركات المشاركة بها، ومعظمها معارض داخلية تستهدف المستهلك، إلى توفير قنوات تسويق غير تقليدية أمام الشركات للخروج من أزمتها الراهنة بما يمهد لإمكانية عودة الانتعاش لحركة التجارة الداخلية. تراجع ثقة المستهلكين وتأتي هذه التحركات بعدما كشفت تقارير تتعلق بمؤشرات الاستهلاك عن تراجع ثقة المستهلكين وتفضيل أغلبهم تأجيل قرارات الشراء سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المشروعات خلال هذه الفترة انتظاراً لما سوف تسفر عنه معركة الانتخابات الرئاسية، إلى جانب تزايد معدلات التضخم التي قفزت بالأسعار إلى مستويات غير مسبوقة وتوقف العديد من المشروعات الاستثمارية الكبرى التي كانت تمثل مصدراً مهماً للموردين لتصريف البضائع مما أدى إلى تراجع حاد في معدلات الاستهلاك . ورغم مساندة الحكومة للمنتجين المحليين في الفترة الأخيرة بقصر عمليات الشراء الحكومية على الإنتاج المحلي، فإن هذه المساندة لم تسفر عن تقدم ملموس في مبيعات الشركات، خصوصاً الصناعية التي تأثرت أيضاً بتراجع حصصها التصديرية للأسواق الخارجية، مما دفع وزارة التجارة إلى السماح بتنظيم سلسلة من المعارض المتخصصة في محاولة لكسر الركود. وشهدت القاهرة والعديد من المحافظات منذ مطلع العام الجاري أكثر من 15 معرضاً صناعياً متخصصاً تشمل الملابس والأثاث والماكينات والمعدات ومواد البناء والسيارات والعقارات والغزل والنسيج والمنتجات الزراعية وغيرها، وإعادة تنظيم سوق القاهرة الدولية بعد غياب بسبب أحداث الثورة. وحظيت هذه المعارض بمعدلات إقبال جيدة من جانب الجمهور العادي أو المتخصص مما يعني إمكانية استعادة حركة مبيعات مقبولة خلال الفترة المقبلة بشرط توفر سيولة في الأسواق يجري ضخها الآن عبر الجهاز المصرفي وعبر زيادات متتالية تنفذها الحكومة وهيئات القطاع العام في رواتب العاملين بها. ونشطت البنوك لاستغلال هذه الموجة من المعارض المتخصصة في ابتكار آليات تمويل سواء عبر بطاقات الدفع الأجل أو الإقراض المباشر لتقديم منتجات جديدة لعملائها تسهم في تعزيز ولاء هؤلاء العملاء لهذه البنوك وتدفع بفرص نجاح هذه المعارض في تنشيط الأسواق، إلا أن هذه التحركات من البنوك تواجه صعوبات متمثلة في إدراج آلاف العملاء في القوائم السوداء الخاصة بالمتعثرين والمتوقفين عن السداد والمدرجة على قواعد بيانات البنك المركزي وعزوف من لديهم القدرة على السداد المستقبلي عن الشراء في الوقت الحالي لأسباب تتعلق بالخوف من المستقبل على ضوء توقعات تشير إلى إمكانية استمرار معاناة الاقتصاد المصري خلال الأشهر المتبقية من العام الجاري والعام المقبل، قبل أن يبدأ رحلة تعاف حقيقية اعتباراً من مطلع 2014، وفقاً لأسس دورات الصعود والهبوط الاقتصادي المتعارف عليها عالمياً. الخروج من القاع واعتبر المنتجون وأصحاب المصانع سلسلة المعارض، التي جرى تنظيمها في الفترة الأخيرة، خطوة في التوقيت الملائم بعد أن اقترب الأداء الاقتصادي العام من نقطة القاع مما يجعل لهذه المعارض دوراً مهماً في إعادة تنشيط الاقتصاد. وقال المنتجون إن المعارض الأخيرة لعبت دوراً في تحريك المبيعات خلال شهري فبراير ومارس وإن كانت نسبة التحرك لا تزال محدودة وتتراوح بين 10 و15% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وأشاروا إلى أن استعادة ثقة المستهلك شرطاً لنجاح المعارض في مهمتها وهو ما يقع على عاتق الحكومة التي عليها أن تعزز الثقة لدى المستهلكين عبر إجراءات تشريعية ومالية محفزة على الإنفاق والاستثمار. وقال المنتجون إنه من المهم تحفيز المشروعات الكبرى في قطاع البناء والتشييد أو غيره على العودة للشراء لأن مشتريات هذه المشروعات تقود المبيعات لأنها تشتري بكميات كبيرة مما يغني ولو مرحلياً عن مشتريات المستهلكين الأفراد وهذه المشروعات الكبرى لن تعود للشراء بقوة إلا إذا استشعرت أن الأمور تمضي في طريقها الصحيح سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي العام ومن ثم لا يمكن القياس على هذه الفترة الضبابية التي تسبق الانتخابات الرئاسية. ويمكن الحكم الصحيح على جدوى هذه المعارض في تنشيط السوق بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية لأنه لو أسفرت هذه الانتخابات عن نتائج جيدة سوف يعطي ذلك رسالة إيجابية للسوق والاقتصاد، ومن ثم تعود المشروعات الكبرى للعمل والشراء وتعود المبيعات إلى معدلاتها الطبيعية. استعادة النشاط وتؤكد الدكتورة أمنية حلمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن المرحلة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد المصري حاليا تتطلب جهوداً غير عادية للتعامل معها وأن حركة التجارة الداخلية هي المؤشر الأول على الانتعاش أو الركود الاقتصادي في آي بلد ومن ثم فإن تراجع مبيعات الشركات وتدني ثقة المستهلكين وارتفاع الأسعار وانخفاض معدلات الائتمان الفردي الذي تتيحه البنوك للأشخاص الطبيعيين كلها مؤشرات تدل على مشكلة حقيقية تعاني منها حركة التجارة الداخلية بالبلاد ومن ثم فإن آلية المعارض استجابة تسويقية لهذه الظروف. وأضافت أن حماس الشركات الكبرى للمشاركة في هذه المعارض وتنوع المعارض لتشمل العديد من السلع الرئيسية بادرة أمل لأن تنظيم هذا العدد الكبير من المعارض في الفترة الوجيزة الماضية يعني عودة تدريجية للاستقرار الأمني وبدء استعادة النشاط الاقتصادي الطبيعي وخروج الناس إلى زيارة المعارض لاتخاذ قرارات حالية أو مستقبلية بالشراء. وأوضحت أن هذه كلها أمور جيدة لكن من المهم كذلك مساعدة هذه الآلية عبر إجراءات أخرى داعمة منها خفض نسبي للأسعار لأن أسعار معظم السلع الرئيسية سجلت مستويات غير منطقية وبالتالي تأثرت قدرة المستهلكين وقد تكون تكلفة العملية الإنتاجية زادت في العام الماضي ولكن من المهم مراجعة بنود هذه التكلفة وتخفيض ما يمكن تخفيضه لتمكين المستهلكين من الشراء، الأمر الذي يؤدي إلى عودة معدلات المبيعات إلى طبيعتها مما يعود بالنفع على الشركات المنتجة . أما أحمد الديب، المشرف على الهيئة المصرية العامة للمعارض، فيؤكد أن سلسلة المعارض التي تشهدها مصر حالياً، والتي توجت بالدورة رقم 45 لسوق القاهرة الدولية، تشير إلى عودة الحياة لطبيعتها بعد فترة الاضطراب الماضية. وأضاف أن هذه المعارض وموافقة الأجهزة الحكومية المختلفة على تنظيمها تعكس رغبة حقيقية لدى الحكومة في مساعدة السوق على استعادة النشاط ومساعدة المنتجين على تصريف منتجاتهم تمهيدا لموجة صعود متوقعة للاقتصاد المصري بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية المرتقبة. وقال إن الهيئة تسعى لتقديم حوافز عديدة مالية وإدارية للعارضين عبر خفض تكلفة هذه المعارض للمساهمة في دعم الإنتاج المحلي واستعادة ثقة المستهلكين وقد شهدت العديد من المعارض النوعية الأخيرة إقبالا من جانب هؤلاء المستهلكين فاق توقعات العارضين أنفسهم الأمر الذي يشير إلى استمرار تحسن الأحوال وهي في طريقها إلى مزيد من التحسن خلال الفترة المقبلة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©