الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رؤية الأمل..

22 مايو 2017 23:07
«مثلما يمكن للتفاؤل الساذج أن يصل إلى درجة خداع الذات، كذلك يمكن للتمادي في التشاؤم أن يعمينا عن أسس الأمل المشروع بإمكانية إيجاد مسار يقودنا إلى تجنب وتجاوز المخاطر التي تتربص بنا». بهذه الكلمات العميقة على بساطتها ابتدر آل غور كتابه الموسوم «المستقبل ستة محركات للتغيير العالمي» الصادر عن سلسلة عالم المعرفة، يضعنا غور في مواجهة غاية في الحساسية مع ذواتنا وما تحتمه المعطيات التي نعيشها في محيطنا العالمي، وبقدر ما للكتاب من أهمية عميقة في التحليل والتفكيك فإن الرجل أحالني بمقولته آنفة الذكر إلى ما عايشناه قبل أيام حين قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بتكريم صناع الأمل في محيطنا العربي، ولعل مفاجأة الرجل صدمت أوساط كثيرة؛ إذ قام بتنصيب خمسة فائزين بدل فائز واحد، فالشيخ محمد بن راشد قبل أن يكون حاكماً هو قائد رؤيوي يمتلك مفاتيح استشراف المستقبل من خلال قراءة الواقع وإيجاد الصيغ المناسبة، وما أحوجنا اليوم إلى ملهمين يعيدون لوهننا وضعفنا بعضاً من ضوء شارد. ما جعلني أثير هذه النقطة بالذات عمق الرؤية في حد ذاتها، باعتبار أن الأمل محرك للإرادة الجبارة التي تقفز على الظروف وتتجاوز الآفاق الضيقة لتصنع حركة حقيقية للتغيير وبناء أسس الحضارة التي أرى مناراتها تلمع في سماء دبي. على صعيدنا كشباب يتخبط اليوم بين هجرة محفوفة بالموت وواقع جد صعب في أوطاننا، فإنه لا مناص لنا سوى التمسك بالأمل وترسيخ روح التحدي التي تلد من الرماد المخبوء ناراً تشعل الحياة إنجازاً وعطاء. وأنا هنا لا أرتكز على الأمل الزائف الذي يعتري المرء في حالات الصفو، بل أحاول تأكيد قيمة الأمل كحقيقة داعمة تمكننا من الصبر على البحث والعمل الدؤوب الذي يقودنا إلى تغيير وتحريك عجلة الحياة إلى الأفضل، رغم كل ما يحيط بنا من مهددات ومثبطات. وفى ظني أن الحضارة لا يمكن أن تنبني إلا من خلال التحديات الجسام، فالممعن في حركة التاريخ يعرف جيداً أن الممالك التي سادت العالم في العهد القديم والحديث انبجست وولدت من ركام، ودوننا بعض الدول الآسيوية التي برهنت على هذه السُنّة الكونية، وبل وحتى الإمارات كأنموذج يدلل على حالة نادرة صهرت في فرادة نادرة أجناساً مختلفة ضاربة مثالاً للدول الأخرى في المنطقة جدير الاحتذاء به ونمذجة التجربة، فإنه مما لا شك فيه أن الدول العربية لا تزال تمتلك سواعد فتية تستطيع إنجاز هذا المشروع الخلاق. إذن التحدي اليوم لا يكمن في وفرة الموارد الطبيعية البيئية، بقدر ما هو مورد بشري متفتح ومدرك للتطلعات والرؤى التي يصبو لها، وقد نجح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في مسعاه في حقن المنطقة بأول جرعة في استكشاف بناء الإنسان، من خلال بناء روح التحدي والأمل رغم جميع الظروف. هي دعوة إذن للجيل الذي أعايشه أن نميط اللثام عن إبداعنا، وأن نحاول جاهدين أن نصنع بصمة، أقله الإسهام في تحريك عجلة التغيير ولو على مستوانا البسيط في المدن التي نعيش فيها أو الأحياء أو القرى النائية، ولابد أن تجيء لحظة تتراكم فيها هذه الأعمال البسيطة لتصنع واقعاً عظيماً ومختلفاً. محمد جغدول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©