الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الغريب جديد زياد مبسلط

15 يوليو 2008 02:23
صدرت عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في الأردن، للروائي والشاعر الفلسطيني المقيم في السعودية، زياد مشهور مبسلط رواية بعنوان ''الغريب''، جاءت في 134 صفحة من القطع المتوسط· وانشغلت الرواية برسم ملامح القرية الفلسطينية بكل عاداتها وتقاليدها، لتتجسد أمام القارئ البيئة الروائية المكانيّة والاجتماعيّة التي تكتنف أحداثها، حيث يضعنا الروائي أمام مشهد ريفي متعدد المشاهد التراثية التي تبدو شامية بمعنى منطقة الشام، حيث فضاء الرواية واسع وغير محدود جغرافياً، فيمكن أن يكون سورياً أو فلسطينياً أو أردنياً أو حتى لبنانياً· والرواية تعتبر رواية ريفية بامتياز تدور أحداثها في خمسينات القرنِ الماضي في قريةٍ صغيرةٍ جبليّة، وشخوصٍ تحرّكها متطلباتُ الحياةِ البسيطةِ التي تتجلّى إبانَ تلك الحقبة الزمنيّة في مناخٍ ريفيّ قديم، مستعرضة مرحلة أفول عصر الإقطاع، وتغول الاستعمار· ويستعرض الراوي أحداث القرية من خلال شخوصها الرئيسية، حيث هنالك مختار القرية وصاحب السلطة العليا فيها (الحاج أبو سليمان)، و(ضرغام) وهو من أبناءِ عمومة المختار، من أثرياءِ القرية رجلٌ مقدامٌ شجاعٌ يحبّه الأهالي، ويسمونه بـ(القبضاي) لما عرفوا فيه من المبادرة لنصرة الحقّ والدفاعِ عن المظلوم، وهناك إمام مسجدِ القرية (الشيخ عبّاس) الضريرٌ الذي جاوز الستين عاماً، ولا يزال يشعّ من محياه نور الإيمانِ والسكينة، يفيضُ بالطيبة والزهد، يحبّه أهل القرية ويتسارعون إلى مساعدته، والحصول على حاجاته اليسيرة، ومدير المدرسة الابتدائيّة الوحيدة في القرية (الشيخ سالم) وهو رجلٌ وقورٌ حازم حريص على العلم، ليس من أهل القرية، لكنّه حظي باحترامٍ كبيرٍ من أهلها حتى إنّهم يعدونه واحداً منهم، ومن العناصر الأنثوية هنالك (صفيّة) أم طلال، وهي من الوجوه النسائيّة البارزة، تربطها علاقة قرابة بعيدة بالمختار، أما ابنها (طلال) فهو طفل في الثانية عشرة من عمره، ذكي ومتفوق، شهم يتطوع لمساعدةِ المحتاجين خصوصاً الشيخ عباس إمام المسجد الذي يحرص على مرافقته، بيد أنّه ورث من أمّه صفة الثرثرة والفضول وحبّ الجدل· كما أن الرواية تحتوي شخوصاً من ديانات مختلفة مثل (حنّا) الحلاق، وابن العائلة المسيحية التي سكنت القرية منذ أمدٍ بعيد، مشهورٌ بعدته الأثرية للحلاقة، والكالونيا العجيبة التي يصرّ على إكرام زبائنه بها، وإلى جانبِ ذلك فهو يمارسُ مهنة طبّ الأسنانِ بأداوتهِ المعمّرة إياها، أما (الدبور) فهو المرابي الطمّاع الحقود والحسود، يضطّر الفقر بعض الأهالي إلى اللجوء إليه، فيثقل كواهلهم بقروضه الربوية التي يضاعفها أضعافاً كثيرة تعجزهم عن السداد· ومن أجل تدوين الناحية الاجتماعية وتوثيقها فقد سعى بتفصيلاته الروائية لإدخال ملامح واضحة من تلك الحياة، فالقرية لم تعرف مركزاً طبياً، وغدا العلاج مقصوراً على الوصفات الشعبية، كاليانسون والميرمية والكمون والحبة السوداء، وتناول المشروبات الساخنة، واستخدام الكي· أما عقدة الرواية وشخصيتها الرئيسية التي أخذت اسمها فهو (الغريب) الذي هو شخصية مثيرة للشك والريبة في مظهره الخارجي وابتسامته الصفراوية وتصرفاته وسلوكياته، حيث يدخل القرية ويقلبها رأساً على عقب، من خلال العديد من الأحداث التي تجري وعلى رأسها الفتنة وإلحاق الضرر والأذى بالقرية وأهلها·· ويستمر التساؤل عن طبيعة هذا الغريب وسبب قدومه وماذا يريد؟ لغة الرواية لغة بسيطة وممتنعة، وهي لغة القرية الحقيقية وخاصة فيما يتعلق بالحوار، وهذا ما دفع الروائي إلى الإقدام على توضيح بعض المفردات العامية الفلسطينية في مفتتح الرواية· وهي رواية تنبئ بقدرة سردية متميزة، ابتعد فيها الكاتب عن الإسهاب الزائد، والراوي يضع القارئ تماما في أجواء القرية الفلسطينية بتفاصيلها الدقيقة تماماً·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©