الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبغض الحلال إلى الله

أبغض الحلال إلى الله
15 سبتمبر 2009
في الحياة أمور يضيق المرء بها إن استمرت، وتؤلمه إذا بقيت وتصعب عليه مهام الحياة وهو مقيد بها، ومنها النفور القلبي من شيء ملازم له أو شخصي مصاحب له، فقد يكون اختلاف الأمزجة بين شخصية أو تنافر فكري يدعو إلى القلق الدائم والضجر المستمر، وقد يكون عدم كفاءة ومساواة ينظر أحد الشخصين إلى الآخر بازدراء دائم واحتقار لا ينقطع، وهنا يأتي دور الفرقة والتباعد ولهذه الأسباب وأمثالها قد شرع الله تعالى الطلاق حتى لا يعيش الزوجان في نكد ومشقة. ولكن الأصل في هذا الأمر ألا يكون إلا نادراً وقليلاً، وذلك لأن اللقاء بين الزوجين يكون بناء على أسس وضوابط تمنح من معين التفاهم والمودة والرحمة وحسن التلاقي، ليكمل كل واحد منهما الآخر، فليس هناك أفضلية بل تكامل يقوم على المودة والألفة الدائمة المستمرة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة» الروم: 21، وقال تعالى: «هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها» الأعراف: 189. إن هذه السكينة مطلب قلبي وحاجة فكرية وضرورة اجتماعية، وجذوة هذه السكينة هي المودة والرحمة التي تتوهج مع الأيام لأنها قامت على الرضا واستمرت لتحقق هدفاً مرتجى، فهي موجودة في الدنيا ما بقي الزوجان، وتستمر إلى الآخرة في الجنان قال تعالى: «جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب» الرعد: 23، إنها الأسرة برمتها مجموعة هناك لأنها اجتمعت على هدف واضح وغاية نبيلة. إن هذا الأساس الذي يلتقي عليه الزوجان يجب أن يراعى وتضاف إليه ثوابت بشرية نابعة من ضعف البشر وقصورهم وعجزهم، فالمرأة لها خصائصها من الرقة وقوة العاطفة واندفاع الفكرة، ولهذا أوصى النبي- صلى الله عليه وسلم - بالنظر في خصائص المرأة الفطرية الثابتة فيها والتعامل معها على هذا الأساس، ففي الحديث الشريف «استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيم كسرته، وان تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً». أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية لمسلم: «إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت وفيها عَوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها». وفي الحديث الآخر «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر» أخرجه مسلم، وبهذه الثوابت الفطرية، فالمطلوب من الرجال أن يتأنوا ويتمهلوا في أمر أبغضه الله، وأراد غيره وهو «وعاشروهن بالمعروف» النساء 19، وإن تسارع الرجال إلى الطلاق بغيض لله وللنفس والمجتمع لأنه يفتح أبواباً من المآسي والشقاء لا تندمل مدى العمر وتستمر حتى اليوم الآخر. وقد لا يكون هذا من الرجل وحده، بل قد يكون من المرأة، وهذا الذي نراه في واقعنا ان كثيراً من النساء يتمردن ويسعين إلى الشقاق والطلاق بكل جهودهن لأمر أو لآخر مما يجوز ومما لا يجوز فأذكرهن بقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: «أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» أخرجه أحمد ، وقوله: من غير ما بأس: أي في غير شدة وضرورة تدعوها إلى ذلك، وفي حديث آخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «المنتزعات والمختلفات هن المنافقات» أخرجه النسائي. إننا بحاجة إلى إعادة النظر في هذا السلوك وقبلة التفكير في تحديد العلاقة بين الأزواج وما هو موقع الزوجات في حياتنا ولا يكون الطلاق إلا للضرورة القاهرة حيث يصعب استمرار العشرة وتشق الحياة ولنتذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق». د . محمد مطر الكعبي المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©