الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصحة النفسية تنعكس على توازن الإنسان وقدرته على العطاء

الصحة النفسية تنعكس على توازن الإنسان وقدرته على العطاء
5 ابريل 2014 20:13
لكبيرة التونسي (أبوظبي) للصحة النفسية دور كبير جداً في وقاية الجسد من الأمراض وعلاجه من العلل والأسقام، وقد كان يرى الطبيب المسلم أبوبكر الرازي أن العلل قد تكون من أسقام نفسية مثل الحزن والغضب والعشق، وأن جميع ما يعرض للإنسان على وجهين، إما عارض للجسد أو عارض للنفس، فعلاج ما يعرض للنفس إدخال السرور والأمن عليها، ونبعد الهم والخوف عنها بالأحاديث السارة الموافقة للمريض. ويوضح أن الصحة النفسية في مفهومها العلمي ليست مجرد الخلو من الأعراض المرضية التي في صورة الوسواس والتوتر والقلق، وإنما هي سمات وخصائص موضوعية تظهر مدى قدرة الإنسان على التفاعل مع مجريات الحياة بسلاسة ومرونة وحكمة، وفق ما ورد في كتاب الدكتور عبداللطيف العزعزي «دليلك الأول في الصحة الذاتية بصمة الأحداث وذاكرة الجسد لفك شيفرة مسببات الأمراض والأعراض الصحية». في باب الصحة النفسية والارتباطات. تأثيرات للصحة النفسية يقول العزعزي إن للصحة النفسية أثرا ودورا على حياة الإنسان والتي من خصائصها وسماتها ما يلي: القدرة على عقد علاقات اجتماعية راضية مرضية يرضاها الفرد ويرضاها الناس، وهذا يتطلب اتزانا انفعاليا للفرد. والقدرة على التوفيق بين دوافعه المتضاربة (التوافق الذاتي). والقدرة على الصمود تجاه الأزمات والشدائد والإحباط من دون خلل أو تضارب في الأفكار، ومن دون غضب أو عدوانية أو استسلام لأحلام اليقظة التي تحمل الجانب السلبي. والقدرة على الإنتاج بالشكل المعقول في حدود إمكاناته الذهنية والجسدية. والقدرة على الاستمتاع بالحياة، وبعمله وعائلته وأصدقائه وشعوره بالطمأنينة والسعادة والفرح وراحة البال. والقدرة على إحداث تغيرات إيجابية وبناءة في بيئة حياته من دون التقيد بالأفكار والتقاليد غير الصحيحة. ويوضح العزعزي «يذكر العالم سنايدرز تسع نقاط يعتبرها المعايير الأساسية للصحة النفسية تتلخص فيما يلي: الكفاية العقلية، والتحكم بالأفكار والتكامل بينها، والتكامل بين العواطف والتحكم بالصراع والإحباط. والعواطف والمشاعر السليمة والإيجابية. والمواقف السليمة، والمفهوم السليم حول الذات. ووعي الذات المناسب. والعلاقة المناسبة مع الواقع. ويضيف «قامت دراسات من بيئات مختلفة من أهدافها معرفة مظاهر الصحة النفسية، ومن أهم مظاهرها ما يلي: المحافظة على شخصية متكاملة. والتوافق مع المتطلبات الاجتماعية. والتكيف مع شروط الواقع. والمحافظة على الثبات. والنمو مع العمر. والمحافظة على قدر مناسب من الحساسية. والمشاركة المناسبة في حياة المجتمع وتقدمه». ويتابع «هناك نوعان من العلاقات التفاعلية للإنسان أولها علاقته بنفسه والثانية علاقته مع العالم من حوله، وهما كما يلي: أولاً: من مظاهر علاقة الإنسان بنفسه ما يلي: فهم الإنسان لنفسه ولدوافعه ورغباته وتقديره لذاته واحترامها وقبوله لما هو عليه بلا تذمر. ونمو الفرد وتطوره ونظرته السوية للمستقبل. ووحدة الشخصية وتماسكها بما ينطوي على التعبير المناسب من جهة والثبات الكافي من جهة أخرى. ثانياً: من مظاهر علاقة الإنسان بالعالم من حوله ما يلي: تحكم الشخص بذاته في مواجهة الظروف المحيطة به، حيث تكون لديه القدرة على اتخاذ قراراته وتنفيذها بنفسه والتي تصل بمحيطه ضمن شروط وظروف محيطه. وإدراك الفرد للعالم كما هو ومواجهته بما يقتضيه، سيطرة الفرد على ظروف وشروط محيطه وتحكمه بها. الشعور بالأمن والطمأنينة، والذي يتحقق نتيجة لنجاح الفرد في علاقته مع نفسه ومع ما يحيط به». أسباب الضعف أضعفت الأحداث التي مرت على الإنسان قواه النفسية بدرجة أو بأخرى، خاصة في القرن العشرين والواحد والعشرين لكثرة المسببات من المشاكل العالمية السياسية والاقتصادية والكوارث وغيرها من المشاكل الخاصة بالإنسان نفسه، إلى ذلك، يقول العزعزي «من أهم الأمور التي كثيراً ما أشرحها وأذكرها في الدورات والمحاضرات واللقاءات التلفزيونية والإذاعية والمقالات الصحفية وغيرها أن أساس العلاج ليس الدواء، وإنما معرفة المؤثر، فإن لم نستطع إزالة المؤثر فلن تنفع جميع أدوية العالم، ومن أقوى المؤثرات (سلباً أو إيجاباً) هي القوة النفسية المبنية على القوة الفكرية. وعن أهمية القوة النفسية لدى الإنسان ودورها في العلاج الذاتي يقول جينادي بيتروفيتش في كتابه «قوى الشفاء - تكوين نظام العلاج الذاتي»: «تعكس درجة قوة توليد الطاقة النفسية من قبل الشخص لتنظيم السلوك الشخصي في كل لحظة آنية من الحياة، إن كل شخص، «بناء على بنيته الجسدية الخاصة وتطوره الذهني (الفكري) وعلى درجة تلوثه، بالرواسب العاطفية والخلوية» يستطيع بذل كميات مختلفة من القوة الإدارية، ما يؤدي بالنتيجة إلى توليد كميات مختلفة من الطاقة النفسية، وهكذا يتمكن بعض الناس من إنتاج كميات كبيرة من الطاقة النفسية، ما يجعل الناس أكثر نشاطاً، ومثل هؤلاء الأشخاص يستلمون دفة القيادة في الأسرة ومجموعة العمل والمجتمع بشكل عام ويستطيعون إجبار الآخرين على الأخذ بوجهات نظرهم وبأسلوبهم في الحياة، ويسهمون في صنع معايير القيم الشخصية للإنسان». ويضيف «من هنا يمكننا أن نفهم قدرة بعض الناس على التأثير في الآخرين وقيادتهم لهم بحماس وتحفيزهم بشكل كبير، فالطاقة النفسية قوة ظاهرة وخفية لها نتائجها الواضحة في صاحبها وفيمن حوله، ولذا نجد أن من يريد تحقيق هدف ما أو يرى أن عزيمته بدأت بالهبوط فإنه يلجأ لمن يرفع من معنوياته ويزيد من طاقته النفسية، فصاحب الطاقة النفسية كالمولد الكهربائي للطاقة يزود كل من حوله طالما هو يعمل بشكل جيد». أعراض وتغيرات عن الأسباب التي تؤثر في نفسية الإنسان، يقول العزعزي، إن الدكتور خليل أبو فرحة يؤكد في كتابه «الموسوعة النفسية» حول أعراض القلق النفسي «تتكون أعراض القلق النفسي نتيجة زيادة نشاط الجهاز العصبي اللا إرادي بنوعيه السمبثاوي والباراسمبثاوي، ومن ثم تزيد نسبة الأردينالين والنورادينالين في الدم، فيرتفع ضغط الدم وتزيد ضربات القلب وتجحظ العينان ويتحرك السكر في الكبد وتزيد نسبته في الدم مع شحوب الجلد وزيادة إفراز العرق وجفاف الحلق وارتجاف الأطراف». ويضيف «تنتج أكثر التغيرات الفيزيولوجية التي تحدث أثناء الإثارة الانفعالية من تنشيط القسم السمبثاوي للجهاز العصبي المستقبل اللا إرادي، ويعد هذا القسم مسؤولاً عن تغييرات مثل زيادة ضغط الدم ودقات القلب، وسرعة التنفس، كما يتسع إفراز العرق، ويزداد مستوى سكر الدم ليجد الشخص مزيداً من الطاقة، ويتسع إناء العين، ويتحول الدم من المعدة والأمعاء إلى المخ والعضلات الهيكلية. ارتباط المواقف بذهن الإنسان يروى أن الطبيب المسلم ابن سينا فحص مريضاً فاكتشف خلوه من الأعراض المرضية، وتبين له أنه يعاني من حالة اضطراب نفسي، فاستدعى شخصاً عليماً بأحياء المنطقة وساكنيها، وطلب منه أن يسمي أحياء المنطقة وابن سينا واضع يده على رسغ المريض لتتبع معدل النبض، وعندما تم ذكر حي معين تسارع نبض المريض، فطلب ابن سينا من الرجل تسمية شوارع ذلك الحي، فأخذ يذكر الشوارع إلى أن وصل لاسم شارع معين فتسارع نبض المريض مرة أخرى، فطلب من الرجل ذكر أسماء البيوت في ذلك الشارع ففعل الرجل حتى وصل إلى ذكر اسم بيت معين فتسارع نبض المريض للمرة الثالثة، ثم طلب من الرجل تسمية ساكني البيت فذكر أسماءهم حتى وصل إلى ذكر اسم فتاة معينة فتسارع نبض المريض فعرف ابن سينا أن المريض يحب تلك الفتاة وأن علاجه يكمن في الزواج منها. وهناك أمر آخر نستخلصه من تلك القصة وهو موضوع الارتباط، حيث بينت لنا الارتباط الذي حدث مع المريض وبين ما له علاقة بالفتاة، فقط ارتبط حبه بتلك الفتاة باسم الحي واسم الشارع والبيت، ولو كان بعيداً عن موطنه لارتبط حبه باسم الوطن كذلك، فالمواقف بشكل عام والسلبية بشكل خاص ترتبط في ذهن الإنسان بكل ما فيها من المثيرات والعناصر الصورية والسمعية والحسية بالمشاعر السلبية الناشئة عن الموقف ارتباطاً شديداً، فإن ظهرت إحدى تلك المثيرات في أي لحظة استرجعت معها التجربة والمشاعر المصاحبة لها، وبالتالي تتأثر نفسية الإنسان وكأن الحدث يحدث من جديد سواء شعر بالسبب أم لم يشعر، وهذا ما يسمى بالإشراط الإجرائي، بل هناك ما هو أخطر والذي من أجله كتبت هذا الكتاب وهو عن حدث ارتباط نفسي نتج عنه مرض عضوي فإنه إن ظهر الحدث الذي سبب الحالة النفسية ظهر معها ذلك المرض، ومن هنا تتضح لنا الارتباطات المرضية في الأماكن والأزمنة والمواسم والأجواء والأحداث والألوان والأضواء والمسافات والأسماء والوجوه والملامح والأشكال والهيئات وغيرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©